لوحة تصور الإمبراطور تشيان لونغ من أسرة تشينغ أثناء إستمتاعه بطقس ثلجي في القصر الملكي احتفالا بعيد الربيع.(مصدر الصورة: حساب الويبوه الرسمي لمتحف المدينة المحرمة)
بدأت أجواء عيد الربيع تفوح في كل أنحاء الصين، ومعها بدأ الصينيون يستعدون لهذا الإحتفال الأهم في الثقافة الصينية. وغالبا ماتكون هناك قائمة طويلة من العادات والطلبات لكل عائلة صينية لقضاء عيد الربيع، مثل إرتداء الملابس الجديدة، تناول مختلف أنواع الحلويات والمأكولات، وتعليق مختلف الملصقات الإحتفالية، وزيارة الأقارب، وغيرها من العادات. لكن هل تعرفون كيف كان الأباطرة الصينيون يقضون أجواء عيد الربيع في قصورهم الفاخرة؟
قميص التنين الإمبراطوري لأسرة تشينغ(مصدر الصورة: حساب الويبوه الرسمي لمتحف المدينة المحرمة)
ثياب ومأدبة خاصة
مثل بقية الصينيين، يرتدي الأباطرة الصينيون أثناء عيد الربيع ملابس جديدة ويرتبون مأدبة عشاء خاصة تليق بهذه المناسبة.
في ليلة رأس السنة الصينية الجديدة، أي مساء اليوم الـ 30 من الشهر الـ 12 من العام القمري الصيني، يرتدي الإمبراطور قميص التنين الأصفر المطرّز بالذهب والمزركش بالألوان، عليه صور التنين و12 صورة تعبر عن الحظ. كما يرتدي الإمبراطور معطف من الفرو ويضع التاج على رأسه وحليّه على صدره. حيث يظهر الإمبراطور في هيئة ترمز إلى البركة والأمة الثرية.
مثل جميع العائلات الصينية، تتكون مأدبة عشاء امبراطور أسرة تشينغ (1644-1911) في ليلة رأس السنة أساسا من شطائر الرافيولي المحشوة، والتي تعرف بإسم "الجياوزي"، كما توجد عدة مراسم يجب أن تتبع. في بداية أسرة تشينغ، كان الأباطرة يتناولون في هذه الليلة شطائر الرافيولي المحشوة بالخضار في قاعة جاوران بعد أن ينهو مراسم قُداس العيد.
طقم من الفخار يعود إلى الإمبراطور تشيان لونغ، أحد أباطرة أسرة تشينغ. (مصدر الصورة: حساب ويبو لمتحف المدينة المحرمة)
في أواخر فترة تشينغ، قام الإمبراطور قوانغ شو بتغيير مكان تناول مأدبة الرافيولي إلى قاعة يانغ شينديان، وتحول الحشو إلى باقة متنوعة من اللحم. كما تقوم زوجة الإمبراطور تسي شي بدعوة زوجات العائلة المالكة والأميرات لصنع الرافيولي ليلة رأس السنة. وفي صباح يوم العام الجديد يجلسن معا لتناول الرافيولي.
من جهة ثانية، تعد احتفالات العائلة المالكة مناسبة ضرورية أيضا. حيث يقوم الإمبراطور وزوجته بإستضافة المحظيات والأمراء. وتنظم الإحتفالات وفقا لإتيكيت صارمة، مثل عدد الأطباق، وأولوان وجودة أدوات المائدة، وكذلك تنظيم المقاعد. لذا، فإن أهمية جو الإتيكيت الذي يسود الحفل عادة مايفوق أهمية المائدة في حد ذاتها.
يلتزم قصر الإمبراطور أيضا بتقليد متوارث آخر، هو السهر كامل ليلة العام الجديد. لذا، يتم إعداد بعض الوجبات الليلية الخفيفة للإمبراطور، ليتناولها في ساعة متأخرة من الليل. والتي عادة ما تحتوي على الفواكه الطازجة والجافة، وتقدم في شكل جميل.
جناح دونغ قوان في قاعة يانغ شين ديانى بالمدينة المحرمة. (مصدر الصورة: حساب ويبو لمتحف المدينة المحرمة).
اجواء الإحتفال في القصر الإمبراطوري
مع نهاية ليلة رأس السنة، يبدأ العام الجديد. حيث يلبس الإمبراطور ملابسه الرسمية ويتمشى في جناح دونغ قوان بيانغ شينديان. ثم يشعل شمعة من اليشم ويسكب النبيذ في قدح من الذهب، ويكتب أمنيته في العام الجديد: "السلام يعم كامل البلاد" أو "طقس موات للمحاصيل". بعد ذلك يشرب الإمبراطور "نبيذ توسو"، الذي تم إعداده خصيصا لعيد الربيع، ويعبر على الأمل في المناعة من الأمراض والتمتع بصحة جيدة.
قدح من الذهب يعود لحقبة أسرة تشينغ، إلى جانب لوحة كتابة سوداء، تستعمل من قبل أباطرة أسرة تشينغ. (مصدر الصورة: حساب ويبو لمتحف المدينة المحرمة).
بين اليوم الثاني من الشهر الأول للسنة الجديدة إلى اليوم العاشر، يتم اختيار يوم لإقامة حفلة الشاي. والتي يدعو إليها الإمبراطور الأدواق والوزراء لنظم الشعر، ثم يجازي من ينظم الشعر الأجمل.
تاج وقميص، يستعملان في عروض الأوبرا زمن أسرة تشينغ. (مصدر الصورة: حساب ويبو لمتحف المدينة المحرمة).
لايمكن لإحتفالات القصر الإمبراطوري أن تتم دون فنون وموسيقى. لذلك كان الإمبراطور وحاشيته يستمتعون بعرض الأوبرا الصينية ليلة العيد، وهو عرض عادة مايكون حيوي وممتع. وهناك عدة أباطرة من أسرة تشينغ كانوا يمثلون أدوارا في الأوبرا أيضا. مثل الإمبراطور تشيان لونغ، الإمبراطور داقوانغ، والإمبراطور تونغجي والإمبراطور قوانغ شي.
ملصقة ورقية كتب عليها كلمة "فو" التي تعني السعادة في اللغة الصينية، إلى جانب المعلقات الورقية المتقابلة والتي تكتب عليها أماني العيد. تعودان إلى حقبة أسرة تشينغ. (مصدر الصورة: حساب ويبو لمتحف المدينة المحرمة).
إلصاق المعلّقات المتقابلة وآلهة الباب
إلصاق المعلّقات المتقابلة وآلهة الباب إحدى العادات الأساسية في عيد الربيع. لكن في الماضي كان ذلك يتطلب جهدا، لأن الصور تلصق في عدة أماكن وعدة أبواب.
الأشرطة الورقية المتقابلة تكتب عادة من قبل أعضاء من الأكاديمية الملكية، وغالبا مايكونون إخصائيين في فن الخط. مع ذلك، نظرا لوجود عدة محرّمات في كتابة المعلقات المتقابلة، فإن هؤلاء الخطاطين ليس بوسعهم إظهار مواهبهم بشكل كامل.
آلهة الباب في عصر أسرة تشينغ. (مصدر الصورة: حساب ويبو لمتحف المدينة المحرمة).
تشرف وزارة الأعمال وقسم الأسرة الإمبراطورية على صنع المعلقات المتقابلة وآلهة الباب داخل القصر. وعادة ماتكون هذه الأشياء باهظة الثمن.
خلافا للأسر العادية، تكتب المعلّقات المتقابلة داخل القصر الإمبراطوري بالحبر على قماش الحرير الأبيض. ثم تعلّق على الأعمدة الحمراء القانية داخل القصر. حيث يجعل هذا التناقض في الألوان المعلّقات أكثر وضوحا.
تلصق المعلّقات المتقابلة بأعداد كبيرة داخل القصر، وعادة ماتتغنى بعصور الرخاء والسلم، وجدارة الإمبراطور وعفّته، أو الصلاة لإزدهار الدولة وسعادة الشعب.
(مصدر الصورة: حساب ويبو لمتحف المدينة المحرمة)
مهما تغيرت العصور والأزمان، تبقى الأمنيات بعام أفضل جديد أفضل الروح التي لاتتغير سواء في قصور الأباطرة القدامى أو في بيوت الناس العاديين في عصرنا الحالي.