طرابلس 24 ديسمبر 2017 / يصادف سنويا في مثل هذا اليوم ال 24 من أكتوبر، ذكرى نيل ليبيا لاستقلالها، ومع حلول الذكرى السادسة والستين، ينشد الليبيون السلام والأمل يعتريهم عبر هذه الذكرى الوطنية، أن تكون بداية لإنهاء الانقسامات وتوحيد البلاد، عبر مؤسسات موحدة بعيدا عن الفوضى وانعدام الأمن.
وقامت وكالة أنباء ((شينخوا)) باستطلاع آراء شريحة من الليبيين، لمعرفة أمنياتهم وهم يستذكرون تأسس المملكة الليبية المتحدة العام 1951، بعدما كانت تحت "الوصاية الدولية"، حتى تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر العام 1949، قرارا اقترحته (الهند والعراق وباكستان والولايات المتحدة)، يوجب ان تصبح ليبيا مستقلة قبل نهاية العام 1951، وهو ما حصل لاحقا. أماني سعيد (25) عاما طالبة في كلية الطب البشري بجامعة طرابلس، تبدي تفاؤلها بأن يكون استذكارنا للاستقلال، هو بداية إنهاء العنف وإحلال السلام المفقود منذ سنوات، حيث تشعر غالبية الناس، أنها بحاجة إلى توافق وحل الخلافات بالحوار بعيدا عن العنف.
وتابعت " لقد شعرنا أن خسرنا سنوات مهمة أخيرا، ونريد أن نعوض ذلك عبر حل الخلافات بالحوار، ونستمع لمشاكلنا دون اللجوء إلى العنف، الذي تسبب في قتلنا وتشريد عائلاتنا، كل ذلك وابنائنا يدفعون ثمن جرم لم يقترفونه ".
أما دلال مفتاح الإخصائية الاجتماعية، فترى أن " الشعب الليبي ضاق ذرعا بلغة السلاح، ويريد أن يكون السلام حاضرا في العام 2018، وأن تنتهي كل الحروب بين القبائل والمدن، وتعود ليبيا إلى لحمتها الاجتماعية ".
وأشارت إلى عدم أهمية استحضار ذكرى الاستقلال، ونحن في حالة الخلاف المستمر، وعبرت في هذا الصدد "ذكرى استقلالنا كانت لحظة تاريخية، يجب على الجميع تخليدها وجعلها فرصة أن نجتمع فيما بيننا، وأن نصل لطريق يعبر بالبلاد إلى بر الأمان، لأن الجميع يشعر بالخوف وعد الطمأنينة، وبالتالي حان وقت التصحيح ".
من جانبه، عبر البرلمان الليبي عن أمله أن يكون ذكرى الاستقلال، فرصة للمصالحة والتسامح بين أبناء الشعب الواحد.
وأوضح البرلمان في بيان صحفي، نشر عبر موقعه الرسمي على الانترنت، بمناسبة حلول ذكرى الاستقلال السنوية، " ندعو أبناء شعبنا في هذه المناسبة العظيمة، إلى نبذ الفرقة والاتجاه للتسامح والمصالحة، والترفع عن كل ما يفرقنا، حفاظا على ما حققه الآباء والأجداد للحفاظ على وحدة ليبيا " .
بدورها، دعت الحكومة المؤقتة المنبثقة عن البرلمان الليبي، الشعب الليبي في الجنوب والشرق والغرب، إلى نبذ الفرقة والتشرذم والجهوية، كما أكدت على ضرورة ترك الخلافات والتركيز على اللحمة الوطنية.
كما دعت كل الليبيين إلى دعم الجهود الرامية، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية منبثقة من خيارات الشعب وبروح الديمقراطية الحقيقية، دون أي ضغوط أو إملاءات من أي كان، معتبرة أن "الظرف الحالية لا تختلف كثيرا عن الظروف التي كانت سائدة عشية الاستقلال" .
ترى نجاح حميد التي تعود أصولها إلى قبيلة (الأشراف) التي ينحدر منها الملك الراحل إدريس السنوسي، بأن " جدها إدريس قال كلمة وجهها لكل الليبيين، تلخص الحالة التي تمر بها بلادنا اليوم، حينها قال (المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله)، وهذا ما نواجهه حاليا من أخطار التقسيم وأطماع الدول في ثرواتنا " .
ومضت في حديثها " يجب أن نتدارك الموقف بسرعة (...)، السلام طريقنا الوحيد للتعايش، ونبذ ثقافة البندقية في حل الخلاف ، ويجب أن نوحد جهودنا وأفكارنا في إنقاذ الوطن، الذي دفع أجدادنا آلاف من أرواحهم الغالية، من أجل ليبيا موحدة مستقلة " .
وحكم الملك الراحل إدريس السنوسي، المملكة الليبية وهو أول نظام حكم بعد الاستقلال (1951 – 1969)، حتى وصول العقيد الراحل معمر القذافي للسلطة عبر انقلابه على الملك.
منير الحراري مهندس ليبي (45) عاما، يرى أن " الوصول إلى السلام في البلاد، طريقه طويلة جدا، لا يمكن تحقيقه إلا عبر عقد مؤتمر وطني موسع، يضم كافة ممثلي الطيف الاجتماعي في ليبيا، لأننا مجتمع نظهر تعاطفا واحتراما للقبيلة ونعتز بالانتماء لها، وبالتالي يجب استغلال نقطة القوة المتمثلة فيها ".
وأردف قائلا " عندما نالت البلاد استقلالها مطلع خمسينيات القرن الماضي، سادة حالة من الوئام والتفاهم بين المدن الليبية، كانت القبيلة هي وقود هذا الانسجام بين المدن، وكانت الحياة تحكمها روابط قبلية، في طابع يظهر حب الجميع للاستفادة من الدور الاجتماعي، في بناء الدولة ومؤسساتها على الرغم من حالة الفقر التي كنات سائدة " .
وأضاف " كل مظاهر الدولة المدنية الجميلة ، بدأت في عهد المملكة آنذاك، حينها كان الجميع يتسمع وينصت لأجدادنا، الذين هم بالأساس شيوخ ووجهاء قبائلنا العريقة، التي ناضلت ضد الاستعمار، ووحدها كانت تشعر بأهمية الوحدة بين أبناء الوطن " .
واختتم الحراري حديثه " الفرصة ما تزال ممكن للتدارك، وأن يقوم الشعب الليبي بمختلف توجهاته، بإدراك المسؤولية التي أمامه ، بأن يقطع الطريق على جميع الأطراف الداخلية والخارجية، وإرسال رسالة مفادها، بأن إنهاء الاقتتال وتوحيد البلاد هو طريق مهم للسلام، يحفظ ميلاد استقلال ليبيا عن الوصاية الدولية، وبالتسامح يمكن لجميع أطياف وممثلي الشعب، أن يقودوا البلاد نحو حاضر مشرق، يبتعد عن مفردات العنف وأفعال الكراهية، التي صارت غير مقبولة بعد اليوم".
ومنذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في العام 2011، تعاني ليبيا من تدهور أمني واقتتال بين مجموعات مسلحة في البلاد وصراع على السلطة.
وتقود الأمم المتحدة منذ أواخر سبتمبر جولة حوار جديدة بين الفرقاء الليبيين لتعديل الاتفاق السياسي الموقع في المغرب قبل نحو عامين ضمن خارطة طريق طرحتها الأمم المتحدة في 21 سبتمبر الماضي لحل الأزمة الليبية.