أعلنت الصين نجاحها في إطلاق أول قمر اصطناعي جزائري للاتصالات، في يوم الاثنين الماضي، ما سجل علامة هامة على طريق الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية في مجال الفضاء، حتى أن علماء وخبراء معنيين بالعالم وصفوا هذا الأمر بـ "طريق الحرير الفضائي"، الذي سيسهم في دفع التنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة في الدول الناشئة بأسرها.
وتبادل الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رسائل التهنئة بمناسبة نجاح إطلاق القمر الاصطناعي الكومسات1 ، من مركز شيتشانغ لإطلاق الأقمار الاصطناعية في مقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين.
وفي رسالته، أشار الرئيس شي إلى أن مشروع الكومسات-1، وهو أول قمر اصطناعي جزائري للاتصالات، يشكل علامة هامة على طريق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والجزائر، وأوجد سابقة في التعاون في مجال الفضاء بين الصين والدول العربية، وستلعب دورا مهما في تعزيز التنمية الاقتصادية في الجزائر وتحسين معيشة المواطنين والتقدم الاجتماعي .
وفي أغسطس الماضي، جاء في مقال لصحيفة استرالية أن الصين أنشأت "طريق الحرير الفضائي"، لأن الأقمار الاصطناعية الصينية قد غطت 60 في المائة من الأراضي الدولية، وتقدم خدمات لـ80 في المائة من سكان العالم.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد شدد خلال حفل افتتاح الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في عام 2014 على أهمية التعاون التكنولوجي بين الصين والدول العربية، مؤكدا على ضرورة الارتقاء بمستوى التعاون العملي الصيني العربي في ثلاثة من مجالات التكنولوجيا الفائقة كنقاط اختراق تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة.
وقال الرئيس شي إنه يمكن للجانبين بحث إقامة " المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا" والتشارك في بناء "مركز التدريب العربي للاستخدامات السلمية للطاقة النووية" وبحث مشروع تشغيل نظام "بيدو" الصيني لتحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية في الدول العربية.
جدير بالذكر أن نظام "بيدو"، قد قدم خدمات اتصالات إلى 30 دولة على طول مبادرة الحزام والطريق، أي الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، من بينها السعودية وباكستان وفيتنام. ومن المخطط أن يتم إطلاق 18 قمرا اصطناعيا في عام 2018 لتغطية دول مبادرة الحزام والطريق بما فيها الدول العربية، ويتحقق ارتباط أكثر من 30 قمرا اصطناعيا، لتغطية أنحاء العالم بحلول عام 2020، وفقا لتقرير رسمي صيني بهذا الشأن.
وبالإضافة إلى خدمات الاتصالات ، ساعد نظام "بيدو" على تسهيل الأعمال في مجالات الزراعة والغابات وتخطيط استخدام الأراضي في فيتنام، وساهم في تعزيز السيطرة على أمراض الآفات الزراعية في لاوس، وقدم خدمات في دفع الصناعة السياحية في بروناي.
وتهدف الصين والدول العربية إلى تعزيز التعاون الفضائي، وأحرزت تقدمات أولية في العام الجاري من خلال تنظيم ندوة في مايو المنصرم في شانغهاي، لتوسيع نظام "بيدو" الصيني للملاحة بالأقمار الاصطناعية ، وهو الاسم الصيني لمجموعة أقمار"الدب الأكبر".
يشار إلى أن الصين قد حققت سلسلة من الإنجازات في تكنولوجيا الفضاء هذا العام. ففي إبريل الماضي، أطلقت الصين أول قمر اصطناعي بقدرة اتصالات عالية من طراز "ستار16" بـ20 جي بي بي أس، ونجحت في المرحلة الاختبارية. ومعه، يمكن للناس الوصول إلى الإنترنت سواء على خطوط السكك الحديدية عالية السرعة ، أو في المناطق الجبلية النائية، وحتى على السفن التي تمخر عباب المحيطات.
وفي يوم 6 نوفمبر، أطلقت الصين قمرين اصطناعيين من طراز بيدو-3 إلى الفضاء على متن صاروخ حامل، لدعم شبكتها العالمية لخدمات الملاحة وتحديد المواقع باسم "بيدو".
وفي الوقت نفسه، أعلنت الصين والولايات المتحدة نجاح التوقيع على اتفاق التعاون بين نظامي "بيدو" الصيني و"جي بي أس" الأمريكي، في تحقيق التوافق بين الإشارات المدنية، وذلك سيسهم في توسيع نطاق استخدام "بيدو" في أنحاء العالم.
وأكد مسؤول قسم الأقمار الاصطناعية للاتصالات ، بالمعهد الخامس التابع للمجموعة الصينية للتكنولوجيا الفضائية، أن الصين ستطلق سلسلة من الأقمار الاصطناعية للاتصالات ، تتمتع بالقدرة العالية، وهي "شي جيان 18"، و"ستار18" و"ياتاي 6 دي"، لتشكيل شبكة سلسلية لتعزيز الاتصالات وخاصة في الصين والدول على طول مبادرة الحزام والطريق.
وبالإضافة إلى ذلك، بدأت الصين تطوير محطة الفضاء الخاصة بها، ومن المقرر أن يكتمل إنشاؤها في الفترة ما بين عامي 2019 و2022. وكانت ست هيئات، من بينها وكالات الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا وكندا والبرازيل والهيئة اليابانية لتطوير دراسة الفضاء، قد تعاونت في إنشاء محطة الفضاء الدولية الحالية، التي سينتهي عملها عام 2022.
وفي مجال إطلاق الصواريخ الحاملة، أظهرت الصين طموحاتها أيضا. في 16 نوفمبر الماضي، أعلن معهد دراسة تكنولوجيا الصواريخ الحاملة، التابع للمجموعة الصينية لتكنولوجيا الفضاء "خريطة الطريق لنظام النقل الفضائي بين 2017-2045"، حيث يقدم الخطط الصينية المعنية بتطوير وإطلاق سلسلة من صواريخ "تشانغ تشنغ". وسيتم إطلاق صاروخ "تشانغ تشنغ 8" لأول مرة في عام 2020، وإطلاق الصواريخ الحاملة ذات الحمولة الثقيلة بحلول 2030، وتحقيق إعادة التدوير وتكرار استخدام الصواريخ الحاملة بشكل كامل بحلول 2035، وتطوير الجيل الجديد من الصواريخ الحاملة بحلول 2040، علاوة على ازدياد الجهود والمساعي المنتظمة لاستكشاف الفضاء بشكل تعاوني بين البشر والأجهزة الفضائية بحلول عام 2045.
وتعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، فيما يعتبر التعاون في العلوم والتكنولوجيا والإبداع، ضمانا فنيا حيويا لدفع تطبيق مشاريع صينية وعربية، تحت إطار "الحزام والطريق".
ومن المقرر أن تجري الدورة الثانية من ندوة تعاون "بيدو" بين الصين والدول العربية في عام 2019، وكما أكد تشانغ مينغ، نائب وزير الخارجية الصيني، في خطابه الافتتاحي خلال ندوة شانغهاي، "نتطلع إلى إنشاء طريق الحرير الفضائي في أسرع وقت ممكن لدفع التعاون بين الصين والدول العربية إلى مستوى أعلى."