غزة 20 أغسطس 2017 / على متن قارب كبير وضع على لسان من اليابسة يمتد لبضعة مترات داخل البحر على شواطئ مدينة غزة تشعر الشابة الفلسطينية هناء الجاروشة بالراحة والتغيير في أول مشروع من نوعه في قطاع غزة المحاصر إسرائيليا.
ويبلغ طول القارب الذي قرر أصحابه تحويله إلى مطعم لجذب سكان غزة 20 مترا وعرضه 8 أمتار، وله باحة خلفية على اليابسة لاستيعاب أكبر عدد من الزبائن للاستمتاع بمنظر البحر وهوائه.
وتبدي الجاروشة التي تعمل في مجال الإعلام في غزة إعجابها بفكرة إقامة مطعم على متن قارب بحري "لما يشكله ذلك من بعث للراحة والطمأنينة لدى رواده".
وتقول الجاروشة لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنها تزور المطعم القارب للمرة الثالثة بعد أن وجدت فيه فرصة مناسبة للاستمتاع بالبحر عن قرب وممارسة هوايتها المفضلة بكتابة الخواطر والشعر.
وتشارك الجاروشة الإعجاب بالمطعم الطبيبة ميرفت حماد، مشيرة إلى أن وسائل الترفيه في القطاع محدودة جدا بفعل الحصار وسوء الأوضاع الاقتصادية ما يجعل خيارتها وصديقاتها عند رغبتهم بالخروج معا نادرة.
وتضيف حماد لـ ((شينخوا))، أن المكان الأكثر جذبا لسكان غزة هو البحر كأهم متنفس وأثارت فكرة إقامة مطعم على متن قارب يطل على البحر بهذا الشكل إعجابها وصديقاتها.
أما محمود زقوت وهو أيضا من زبائن المطعم فيقول لـ ((شينخوا))، إنه وجد فيه فكرة جديدة بالنسبة لسكان قطاع غزة، وتحمس كثيرا أن تجربه عائلته المكونة من سبعة أفراد في تناول وجبة غذاء معا.
ويعتبر زقوت، أن هكذا مشاريع تمثل فرصة للخروج من الكبت والحصار وأزمة التيار الكهربائي التي يعانيها سكان قطاع غزة.
ويحمل القارب المطعم اسم (لولو روز) ويقول العاملون فيه، إنه استقطب منذ افتتاحه حديثا الكثير من الزبائن الراغبين بالتغيير عند قضاء بعض أوقات الترفيه والتسلية.
ويشير محمد الترتوري أحد ملاك المطعم، إلى إنه بادر مع شريكين له لاستغلال القارب بإقامة مطعم على متنه ليكون الأول من نوعه في قطاع غزة ويشكل وجهة سياحية مميزة.
ويوضح الترتوري لـ ((شينخوا))، أن القارب المستخدم في مشروع المطعم كان لسنوات يرسو بلا حراك في مرفأ غزة ولا يبحر بسبب قيود إسرائيل على عمل صيادي الأسماك وضعف ما يحصلوه بعملهم.
وتحظر قوات البحرية الإسرائيلية على صيادي الأسماك في قطاع غزة الإبحار لأكثر من ستة أميال داخل البحر وتعترضهم بشكل يومي ضمن ما تقول إنه مكافحة أي عمليات تهريب عبر البحر.
ودفع ذلك بعدد كبير من القوارب البحرية ذات الحجم الكبير أن تصبح مهجورة في مرفأ غزة بعد توقف أصحابها عن الإبحار بها بسبب تردي أوضاع عملهم وحاجة تلك القوارب لمصاريف تشغيلية كبيرة يعجزون عن تغطيتها.
وبالنسبة إلى الترتوري، فإن مشروعه وشريكيه يجسد شعار "داخل المياه لكن ثابتا على اليابسة" تعبيرا عن الحالة الصعبة التي يعانيها قطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض برا وبحرا.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بالقوة منتصف يونيو عام 2007 بعد جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
ودفعت سنوات الحصار المتتالية إلى تفاقم أزمات نقص الخدمات الأساسية لسكان قطاع غزة وأن تصبح نسبة البطالة في صفوفهم من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى أكثر من 42 في المائة من إجمالي السكان بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وأدت ظروف الحصار وإغلاق المعابر إلى اعتماد قطاع غزة على السياحة الداخلية متمثلة بانتشار كبير لمشاريع الاستثمار بالمطاعم والمنتجعات نتيجة افتقاد سكانه فرصة السفر للخارج.
وترصد إحصائيات رسمية وجود أكثر من 300 مطعم وفندق ومنتجع سياحي في قطاع غزة.
ويشدد اقتصاديون من غزة، على أن الأفكار الخلاقة يمكنها أن تدفع بعجلة الاقتصاد نحو النمو والتطور في وقت تغلق فيه بعض المنشآت السياحية التقليدية أبوابها في القطاع بسبب الركود الاقتصادي المستمر.
ويتسع مطعم (لولو روز) على سطح القارب لنحو مائة زبون، فيما الباحة الخلفية خارج القارب تتسع لما يزيد عن 250 آخرين.
وتتنوع وجبات المطعم القارب الرئيسية بين اللحوم والدجاج والمأكولات البحرية المنوعة إلى جانب أصناف الحلويات الرائجة لدى سكان غزة.
ويطمح القائمون عليه إلى لتطوير مشروعهم بإنشاء طابقين آخرين حتى يتسع المطعم داخل القارب إلى 300 شخص، كما يأملون أن يبحر القارب بزبائنه في عمق البحر مستقبلا.