في السنوات الأخيرة، بدأ عدد من الابتكارات التكنولوجية الصينية يبرز في العالم. هناك أربعة من بينها تحمل صفة "الاختراعات الجديدة والعظيمة الأربعة" للصين في العصر الحديث التي جعلت الحياة اليومية للجماهير مريحة أكثر وأكثر.
-- دراجات هوائية تشاركية
في الوقت الحاضر، هناك أكثر من 30 شركة متخصصة في إدارة الدراجات التشاركية في الصين وتقوم بتشغيل حوالي 10 ملايين دراجة هوائية لكي يستخدمها الأفراد بشكل مشترك في عشرات المدن الصينية.
ورغم أن خدمة الدراجات الهوائية التشاركية نشأت في الدول الغربية، إلا أن الصين فاجأت العالم بنموذج تجاري من الدراجات الهوائية التشاركية التي لا يتم إيقافها في محطات معينة لتتصدر الاقتصاد التشاركي.
ومقارنة بالدراجات الهوائية التشاركية التقليدية، تسمح الدراجات الهوائية غير المرتبطة بمواقع معينة تثبت فيها تسمح للمستخدمين بركوب أو إيقاف أي دراجة في أي مكان في الشارع، بدلا من أماكن إيقاف محددة.
ومن خلال الجمع بين نظام تحديد المواقع وتطبيقات الهاتف الذكى وطريقه الدفع بواسطة الهاتف المحمول وتكنولوجيا إنترنت الأشياء، يتيح نظام الدراجات الهوائية التشاركية الصينية غير المرتبطة بمواقع معينة تثبت فيها يتيح للجماهير وسيلة نقل بديلة مريحة وبأسعار معقولة.
فمن أجل فتح قفل أي دراجة، فإنك تحتاج إلى مسح كود كيو آر (الاستجابة السريعة) المثبت بأي دراجة هوائية تشاركية من خلال تطبيق بالهاتف الذكي. ولانهاء عملية ركوب الدراجة، تقوم يدويا بإغلاق الدراجة والدفع مقابلة ركوبها من خلال خدمات الدفع بواسطة الهاتف المحمول المرتبطة بتطبيق الدراجة مثل "آليباي" و"محفظة ويتشات".
وتتجه الشركتان الصينيتان الرائدتان في تشغيل الدراجة التشاركية، وهما "موبايك" و"أوفو"، إلى التوسع عالميا.
فقد دخلت شركة "موبايك" سنغافورة في مارس ومانشيستر ببريطانيا في يونيو. ويمكن أيضا مشاهدة دراجاتها البرتقالية المميزة في شوارع فلورنسا وميلانو بإيطاليا. وفي سبتمبر من هذا العام، من المقرر أن تهبط "موبايك" إلى أرض لندن. وبالمثل بدأت شركة "أوفو" أيضا في العمل بالولايات المتحدة وبريطانيا وسنغافورة وقازاقستان.
وفي السوق المالية، تحتل الشركتان المتنافستان مكانة متساوية. ففي يونيو، جمعت "موبايك" 600 مليون دولار أمريكي في جولة تمويل من السلسلة هـ بقيادة شركة تيتان تينسنت لخدمات الإنترنت، وهي الأكبر في الصناعة العالمية للدراجة التشاركية حتى الآن. والآن، بلغ إجمالي تمويل الشركة قرابة مليار دولار. وفي فبراير، جمعت "أوفو" أيضا 450 مليون دولار، ما جعل قيمة الشركة تصل إلى مليار دولار.
-- السكك الحديدية فائقة السرعة
وبفضل انخفاض التكلفة وسرعة التوصيل، شيدت الصين أطول شبكة للسكك الحديدية فائقة السرعة في العالم. وتسير قطارات السكك الحديدية فائقة السريعة ، التي توصف بأنها "بطاقة تعريف" للصين، بسرعة تتراوح بين 250 و 350 كلم/الساعة.
وبحلول نهاية عام 2016، صارت الصين تمتلك شبكة سكك حديدية طولها 124 ألف كلم، تحظى بأكبر شبكة من السكك الحديدية فائقة السرعة في العالم ويبلغ طولها 22 ألف كلم. وقامت بتشغيل 2595 قطارا فائق السرعة حتى عام 2016، وهي تمثل 60 في المائة من إجمالي القطارات فائقة السرعة في العالم.
ظهرت خدمة القطارات فائقة السرعة في الصين لأول مرة في عام 2008. ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد في المتوسط نموا سنويا يتجاوز 30 في المائة في رحلات الركاب، وفقا للإحصاءات الصادرة عن هيئة السكك الحديد الصينية. وبحلول عام 2016، تم تسجيل أكثر من 5 مليارات رحلة ركاب بقطارات الطلقة في الصين في غضون ثمان سنوات.
وتعمل الصين حاليا على تصنيع جيل جديد من قطارات الطلقة التي تصل سرعتها القصوى إلى 400 كلم/ الساعة. وبحلول عام 2020، ستصبح خمس شبكة السكك الحديدية البالغ طولها 150 ألف كلم في البلاد ستصبح سكك حديدية فائقة السرعة، تربط أكثر من 80 في المائة من المدن الكبرى في أنحاء البلاد، وفقا للبيانات الصادرة عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح .
وقد توجهت السكك الحديدية فائقة السرعة بالصين إلى العالمية. ففي عام 2014، انتهت الصين من إنشاء أول خط سكك حديدية فائقة السرعة خارج البلاد وذلك في تركيا. وفي يونيو 2015، وقعت الصين وروسيا اتفاقات لإنشاء مسار سكك حديدية بطول 770 كلم للربط بين موسكو وقازان.
وفي أكتوبر 2015، وقعت الصين وإندونيسيا اتفاقية مشروع مشترك بشأن بناء خط سكك حديدية فائقة السرعة بين جاكرتا وباندونغ. وبالإضافة إلى ذلك، فإن خط السكك الحديدية بين الصين وتايلاند قيد الإنشاء حاليا.
-- آليباي
كانت مجموعة "علي بابا" الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية قد قامت بتأسيس خدمة آليباي، أو تشفوباو، وهي خدمة الدفع الرائدة عبر الهاتف المحمول والإنترنت في الصين. وخلال عملية المعاملات عبر الإنترنت، تعمل أليباي بمثابة منصة طرف ثالث يقوم من خلالها المشترون بالدفع مقابل السلع الراغبين في شرائها عن طريق إدخال كلمات السر الخاصة بالدفع أو مسح كود الدفع بتطبيق آليباي الذي تم تنزيله على هواتفهم المحمولة.
وإلى جانب ذلك، يمكن استخدام آليباي لتحويل الأموال من حساب أليباي على الإنترنت إلى حساب آخر، أو من الحساب الموجود على الإنترنت إلى حساب مصرفي عن طريق ربط بطاقة السحب الآلي بالحساب على الإنترنت. إن هذه الوسيلة الملائمة والمريحة هي التي تمكن الصين من شق طريقها نحو مجتمع غير نقدي.
وعلاوة على ذلك، يمكن للمستخدمين دفع الفواتير الأسرية أو الشخصية من خلال أليباي، مثل فواتير المياه والكهرباء.
كما تدعم خدمة أليباي الدفع عبر الإنترنت وفي المتجر عبر الحدود، وهو ما يسمح للمستخدمين بإجراء عمليات شراء على مواقع إلكترونية وتطبيقات دولية باستخدام خدمة أليباي.
وفي عام 2013، تجاوزت خدمة أليباي خدمة "باي بال" لتغدو أكبر منصة للدفع بواسطة الهاتف المحمول في العالم. وبفضل قاعدة المستخدمين الضخمة وسيناريوهات الدفع المختلفة في الصين، يتمتع الدفع عبر الإنترنت وبالهاتف المحمول بمزايا مطلقة فيما يتعلق بالمنافسة في السوق.
وفي الربع الأول من عام 2017، وصلت حصة أليباي في السوق ومنافستها الرئيسية تنباي (الدفع بالويتشات) إلى 54 في المائة و40 في المائة على التوالي، وفقا لما ذكرت شركة البحوث والاستشارات المعنية بالسوق الصينية (آي ريسيرش).
-- التجارة الإلكترونية
ومع وجود حوالي 731 مليون مستخدم للإنترنت، أصبحت الصين السوق الأكبر والأسرع نموا للتجارة الإلكترونية في العالم. ففي عام 2016، شهد التسوق عبر الإنترنت في الصين معدل نمو نسبته 26.2 في المائة، ليولد 5.16 تريليون يوان (767 مليار دولار)، حسبما أفاد تقرير حول البيانات الاقتصادية الصينية صدر عن مصلحة الدولة للإحصاء.
وفي العام الماضي، اشترى الصينيون المزيد من المواد الغذائية على الإنترنت بنمو نسبته 28.5 في المائة. وارتفعت مبيعات الملابس بنسبة 18.1 في المائة في ذلك العام، فيما بلغت نسبه مبيعات عناصر مثل الأجهزة المحمولة حوالي 12 في المائة.
وتمثل التجارة الإلكترونية 15.5 في المائة من إجمالي مبيعات التجزئة في البلاد، وبفضل انخفاض التكاليف وانخفاض متطلبات التراخيص، صارت العتبة أمام التجار الأفراد الراغبين في فتح متجر على الإنترنت في الصين أقل من العتبة الخاصة بفتح متجر مادى للبيع بالتجزئة.
كما ضخت التجارة الإلكترونية قوة وحيوية جديدة في اقتصاد الريف الصيني في السنوات الأخيرة. ففي عام 2016، خلقت التجارة الإلكترونية أكثر من 20 مليون فرصة عمل في القرى بالريف، وأكثر من 8.1 مليون من أصحاب الأعمال التجارية على الإنترنت. كما ساهم المشترون الريفيون بـ894 مليار يوان (131 مليار دولار) في مبيعات التجارة الإلكترونية بالصين في العام الماضي.
وتشمل الشركات الرائدة في سوق التجارة الإلكترونية بالصين "جيندونغ دوت كوم"، و"تي مول" و"تاوباو" التابعتين لمجموعة علي بابا.