بعقوبة، العراق 24 مايو 2017 /دفعت الهجمات التي يشنها تنظيم داعش الإرهابي على حقول الحنطة لحرقها في القرى الزراعية على الحدود الفاصلة بين محافظتي ديالى وصلاح الدين إلى حالة استنفار خلقت أسلوبا دفاعيا جديدا لجأ إليه المزارعون لحماية حقولهم.
وقال محمد ضيفان العبيدي رئيس مجلس بلدة العظيم (65 كلم) شمال بعقوبة مركز محافظة ديالى لوكالة أنباء (شينخوا) إن " تنظيم داعش أحرق حقولا واسعة من محصول الحنطة تبلغ مساحتها مئات الدونمات (الدونم 2500 متر مربع) في القرى على الحدود الفاصلة مع محافظة صلاح الدين كرد فعل انتقامي من قبل التنظيم بسبب مواقف أهالي تلك القرى في دعمهم للقوات الأمنية ورفضهم لفكر تنظيم داعش ومقاومته".
وأضاف العبيدي إن " هجمات تنظيم داعش على حقول الحنطة خاصة للقرى المحررة خلقت حالة استنفار واسعة بالنسبة لمزارعي بلدة العظيم الذين يعتمدون بنسبة 90 بالمائة على هذا المحصول في تأمين معيشتهم"، لافتا إلى أن حالة الاستنفار خلقت أسلوبا دفاعيا في حماية الحقول أطلق عليه محليا بـ" كمائن الحنطة".
وأوضح العبيدي أن كمائن الحنطة تتركز على فكرة إنشاء نقاط مرابطة حول الحقول ليلا ونهارا لمنع أي اقتراب من قبل مسلحي داعش لحين الانتهاء من موسم الحصاد الذي بدأ منذ عدة أيام.
بدوره، قال المزارع سبهان كريم (45 سنة) من أهالي بلدة العظيم، هو يحمل سلاح كلاشنكوف ويقف بجوار حقول حنطة تزيد مساحتها على 100 دونم تنتظر الحصاد "إنها ثروتنا يجب حمايتها من تنظيم داعش الإرهابي الذي يحاول استهدافها، فهي موردنا الوحيد وهو يريد حرماننا منها لذلك حملنا السلاح لمقاومة من يريد بنا الشر".
وأضاف كريم إن " داعش تنظيم متطرف وهو لا يتردد عن فعل أي شيء من أجل كسر شوكة صمود القرى المحررة لذا فإن حرق حقول الحنطة في بعض القرى على الحدود مع محافظة صلاح الدين هو استهداف مباشر للأهالي".
أما جاسم العزاوي، الذي يقود مجموعة عشائرية مسلحة تتألف من 10 أفراد لحماية حقول الحنطة في قريته غرب العظيم فقال" إن حرق الحنطة هو أسلوب رخيص من قبل تنظيم داعش الإرهابي لفرض حصار اقتصادي على قرانا لأنها تقف بوجهه".
وتابع العزاوي " استنفرنا كل شيء منذ أسبوعين لحماية حقول الحنطة لحين وصول الحاصدات الزراعية"، مبينا إنهم يقومون بحراسة الحقول لـ 24 ساعة كونهم يتوقعون أن يحرقها التنظيم الإرهابي في أي لحظة يحصل بها غفلة.
إلى ذلك، قال خليل عواد عضو اتحاد الجمعيات الفلاحية " إن بلدة العظيم تعد إحدى أهم النواحي في ديالى بزراعة محصول الحنطة وهي تنتج سنويا كميات كبيرة"، لافتا إلى أن خطة الزراعة للمحصول للموسم الحالي تزيد عن 50 ألف دونم.
وأضاف عواد أن " تنظيم داعش موجود في بعض الجيوب المتناثرة ضمن حدود ناحية العظيم بالإضافة إلى وجوده في مناطق أخرى وهو يتحرك ضمن مايعرف بالخلايا النائمة"، مبينا أن الفلاحين اتخذوا بالفعل إجراءات وقائية لضمان عدم تعرض حقولهم للحرق لأنها مصدر رزقهم الوحيد.
من جانبه، وصف رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة ديالى صادق الحسيني تعمد تنظيم داعش الإرهابي لحرق حقول الحنطة لبعض القرى على الحدود الفاصلة بين محافظتي ديالى وصلاح الدين بأنه تعبير عن وجهه القبيح لاستهدافه قوت الأهالي الفقراء.
وأضاف الحسيني أن " تنظيم داعش لم ينجح في مواجهة صمود الأهالي فعمد إلى إحراق الحقول "، مؤكدا وجود تنسيق بين القوات الأمنية والحشد الشعبي والعشائري لتأمين الحقول ومنع أي محاولات لإحراقها.
من جهته، أشار عضو مجلس ديالى كريم الجبوري إلى أن كمائن الحنطة لم تقتصر على بلدة العظيم بل انتشرت في بقية مناطق ديالى الزراعية خاصة القريبة من نقاط التماس مع تنظيم داعش الإرهابي ومنها قرى شروين (45 كلم) شرق بعقوبة.
وتابع الجبوري أن " حقول الحنطة تتميز بسرعة اشتعالها لذا وضع الفلاحون سلسلة إجراءات وقائية لتأمينها ومنها الكمائن بالإضافة إلى الإسراع بعمليات الحصاد".
بدوره، قال قائممقام قضاء الخالص (أعلى مسئول لإداري في المدينة) عدي الخدران والتي تتبع بلدة العظيم له إداريا " إن أغلب عمليات حرق حقول الحنطة والتي جرت في قرى على الحدود بين ديالى وصلاح الدين تمت من خلال قصفها بالهاونات او من خلال مفارز ميدانية تتسلل وتقوم بإشعال النار وتهرب".
ودعا الخدران إلى الإسراع بتعويض القرى المتضررة من عمليات حرق حقول الحنطة فيها والعمل على اقتلاع جيوب التنظيم المتطرف خاصة التي ما تزال موجودة في بعض مناطق مطبيجة والبوبكر والميتة.
يذكر أن أسلوب حرق حقول الحنطة كان يستخدمه تنظيم القاعدة ضد الفلاحين الذين يرفضون إعطاءه الإتاوات حيث يتم إضرام النار في أحد الحقول وبعدها ينتشر في المنطقة كلها ما يؤدي إلى خسائر مادية كبيرة.
وتعتمد مناطق زراعية واسعة في محافظة ديالى شرقي العراق على محصول الحنطة في تأمين مصدر رزقها من خلال بيعه للحكومة المركزية، أو الشركات الخاصة مقابل مبالغ مالية جيدة.