بكين 3 مايو 2017 / أكدت عدة شخصيات دبلوماسية صينية على الدور المميز لمصر في عملية التصنيع بالشرق الأوسط والتي تتمتع بفرص جديدة بفضل مبادرة الحزام والطريق، آملة في استعادة مصر أمجاد الماضي المسجلة في ثمانينات وتسعينات القرن السابق.
قال وانغ شي جيه مبعوث الصين الأول والأسبق للشرق الأوسط إن مصر وكذا بعض دول الخليج تتحلى بمزايا عديدة في عملية التصنيع في الشرق الأوسط حيث تتمتع بخبرات مميزة في الهندسة المدنية وتحتضن عددا من المهندسين ما يرسي أساسا لتعزيز مستوى التصنيع في هذا البلد.
وأكد الدبلوماسي أن مصنع حلوان المصري يحتل مكانة بارزة في العالم العربي ويعد ذلك أحد التفوقات التي تلعب مصر بها دورا مميزا في دفع عملية التصنيع في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن الصين قد شقت طريقا رائدا من حيث التنمية ويمكن لمصر الاستفادة من الخبرات الصينية، مؤكدا على أن مصر تتسم بما ينقص الصين من المزايا والموارد مثل قناة السويس. فعلى مصر والدول الأخرى بالمنطقة استكشاف طريق تنموي يليق بهم.
وتابع أن الموارد الاقتصادية لمصر تتكون رئيسيا من ايرادات السياحة وقناة السويس وتحويلات المغتربين حاليا، منوها بضرورة تعزيز عملية التصنيع بدلا من الاعتماد المفرط على هذه الموارد.
واقترح وانغ أن تعزز مصر التعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق في عملية التصنيع كما يتوجب عليها ضمان الأمن المحلي وتحسين المناخ الاستثماري .
ومن جانبه، قال ليو باو لاي السفير الصيني الأسبق لدى الأردن والإمارات إن الشرق الأوسط لا يزال يقبع في مرحلة ابتدائية من حيث التصنيع ، اذ تعتمد أغلبية دول المنطقة على الصناعات الخفيفة فقط ما عدا مصر والسعودية وايران التي تملك الصناعات الثقيلة.
وأضاف السفير ليو أن الرئيس الصيني شي جين بينغ حريص على دفع عملية التصنيع في الشرق الأوسط . فبإمكان الجانبين تعزيز التعاون الثنائي في هذا المجال في إطار الحزام والطريق، مقترحا مشاركة الصين الدول العربية في خبراتها التنموية بشكل أكبر من خلال إقامة جلسات وندوات وآليات أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن الصين أظهرت نية كبيرة لمساعدة الشرق الأوسط على تعزيز عملية التصنيع حيث قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمة ألقاها بمقر جامعة الدول العربية في يناير 2016 إنه ومن أجل تعزيز عملية التصنيع في الشرق الأوسط، ستتخذ الصين بالتعاون مع الدول العربية إجراءات لتحقيق الالتحاق في مجال الطاقة الإنتاجية، بما في هذه الإجراءات تخصيص قروض خاصة بدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط بقيمة 15 مليار دولار تستخدم في مشاريع تعاونية مع دول المنطقة في مجالات الطاقة الإنتاجية والبنية التحتية، مع تقديم قروض تجارية قيمتها 10 مليارات دولار لدول الشرق الأوسط بغية دعم التعاون في الطاقة الإنتاجية؛ وتقديم قروض ذات طابع تيسيري بقيمة 10 مليارات دولار مع زيادة أفضليتها؛ وإنشاء صندوقين مع كل من الإمارات وقطر للاستثمار المشترك تبلغ قيمتهما الإجمالية 20 مليار دولار وذلك بهدف الاستثمار بشكل رئيسي في قطاعات الطاقة التقليدية والبنية التحتية والتصنيع المتقدم في الشرق الأوسط.
وعلى الضفة الأخرى ، أعربت الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية الصينية عن أسفها لتباطؤ النمو الاقتصادي والاجتماعي في حين تناولت ازدهار هذا البلد المحقق في القرن السابق.
وأكد السفير وانغ شي جيه أن مصر كانت ذات مرة مثالا على التنمية لبعض الدول مثل الصين، متذكرا بأنه كان قد رافق فريقا صينيا إلى مصر للتعلم من خبراتها في بناء الطرق السريعة في الثمانينات من القرن السابق، مشيرا إلى أن مصر كانت تتمتع بأكفياء كثيرين وأيد عاملة وافرة، ما ساهم في ازدهارها الاقتصادي والاجتماعي .
وفي هذا السياق، قال لين فنغ مين رئيس كلية اللغة العربية بمعهد اللغات الأجنبية لجامعة بكين إنه بدأ أول زيارة له الى القاهرة في العام 1993 التي كانت عاصمة دولية حديثة تمتلك عددا من الجسور الفاخرة والمباني المرتفعة. أما بكين فكانت تعد منطقة ريفية عندئذ بالمقارنة مع القاهرة.
وبدوره قال ما شياو لين الأستاذ بكلية اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين إنه كان مصدوما عندما بدأ حياته الدراسية في القاهرة عام 1986، حيث كانت بعض الأشياء الفاخرة بالنسبة إلى الصينيين مثل القهوة والشاي الأحمر والنوادي الرياضية من أساسيات حياة المصريين. عندما أصبحت مصر مملكة للسيارات، كانت الصين فقط مملكة للدراجات الهوائية آنذاك على ما ذكر الأستاذ ما.
يبدو أن الأمر تقلب تماما على مر السنين حيث صارت الصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم عبر الإصلاح والانفتاح ، أما مصر فيصعب عليها التقدم بخطوات مستمرة.
على ضوء هذا، أكد لين فنغ مين على أهمية نمو مصر الذي سيساهم في نمو واستقرار كامل منطقة الشرق الأوسط .
وبدوره قال السفير وانغ شي جيه إن الصين ستواصل الدعم والتواصل مع مصر حيث كان التعاون الصيني العربي في العهد المعاصر استهله التعاون الصيني المصري، وحافظ قادة البلدين في الحقب المختلفة على التبادل والتواصل الوثيق، معربا عن ثقته في أن الشعب المصري سيستنبط طريقا تنمويا أفضل.