تعليق: العلاقات الصينية ـ الروسية يجب أن لا تتزعزع في المثلث الصيني ـ الامريكي ـ الروسي الكبير

أصبح الاهتمام بالمثلث الصيني ـ الامريكي ـ الروسي الكبير يتزايد أكثر مؤخرا. وقد أظهر ترامب منذ انتخابه رئيسا لأمريكا نيته في تحسين العلاقات الامريكية ـ الروسية، واثبت مرارا وتكرارا موقفه المتشدد إزاء الصين، ما أثار التكهنات حول تغيرات ستحدث في " المثلث الكبير"، وذلك بتعزيز العلاقات الامريكية ـ الروسية، وزيادة التناقضات بين الصين وأمريكا، وتقويض العلاقات الصينية ـ الروسية بسبب تغيرات العلاقتين المذكورتين أعلاه .

ومع ذلك، حدث ما هو غير متوقع. حيث حققت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للولايات المتحدة نجاحا كبيرا، وتم الهضم السريع لجزء كبير من عدم اليقين وعلامات الانحراف في العلاقات الصينية ـ الامريكية، وبدأ الزخم الايجابي لتطوير العلاقات بين البلدين يظهر من جديد. وفي الوقت نفسه، كان القصف الامريكي على قاعدة السلام الجوي السوري كما لو سكب الماء البارد على العلاقات الروسية ـ الامريكية، لتعود التناقضات بين البلدين مجددا، وتسيطر على أجواء العلاقات الامريكية ـ الروسية. وباتت العلاقات الامريكية ـ الروسية تعود إلى الوضع العادي المتركز على التناقض.

فهل ترامب يوقف محاولة ضبط العلاقات بين الدول الكبرى ؟ ليس بالضرورة.

تجدر الإشارة إلى أن أمريكا لم تجري إلا قصفا واحدا على سوريا حتى الآن. وقال ترامب أنه لن يعيد الضربة إذا لم يحدث هجوم بالاسلحة الكيميائية جديد في سوريا، وأمريكا لن تتورط اكثرأكثر عسكريا. ولا يمكن تشبيه هذا الهجوم بهجوم في عهد بوش الابن. وقد اصبحنا لا نسمع ترامب وفريقه يتحدثون عن تنحي بشار الاسد ، بالرغم من أنه كان احد المطالب لحكومة ترامب.

انتقدت موسكو واشنطن بشأن الهجوم الذي نفذته على مطار الشعيرات العسكري السوري، ولكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتمع بوزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون في لقاء مطول يوم 12 ابريل. مما يبدو أن الكرملين لم يستسلم ويأمل في تحسين العلاقات مع حكومة ترامب.

تشهد العلاقات الصينية ـ الامريكية انفراجا جديدا، لكن تطلعات ترامب للعلاقات بين البلدين أقوى بالمقارنة مع الحكومة الامريكية السابقة، ومطالبة بنتائج تحسين العلاقات بين البلدين عالية.ما يبدو أن واشنطن لديها طموحات كبيرة في السيطرة وإدارة " المثلث الكبير" الصيني ـ الامريكي ـ الروسي.

وفي ظل الوضع الحالي، أهمية الحفاظ على العلاقات الصينية ـ الروسية الجانب الثالث من المثلث الكبيرمهم للغاية. وقد تسببت الضغوطات الامريكية والغربية في التطور القوي للعلاقات الصينية ـ الروسية في السنوات الاخيرة، لكن النتائج تجاوزت نموذج الجيوسياسي البسيط. وتشعر بكين وموسكو بأهمية شراكة التعاون الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا، و تحويل تطور العلاقات الثنائية المستمر الى جمود استراتيجي، وأصبحت هذه العلاقة جزء من الأصول الاستراتيجية المستقلة نسبيا عن الخيارات الدبلوماسية الاخرى.

ولكن أمريكا لم تهرب بعيدا عن العلاقات الصينية ـ الروسية، وظهور تغيرات في العلاقات الأمريكية ـ الصينية ـ والروسية او يتوقع التغيير، فإن الحديث عن العلاقات الصينية ـ الروسية هو أن يميل التاثير الى أن يصبح ساخنا جدا. مما يعكس العوامل الامريكية القوية التي لا يمكن تجاهلها في العلاقات الصينية ـ الروسية. وفي نظر الكثيرين، جوانب تحسين العلاقات الامريكية مع الصين وروسيا، بحاجة الى نشاط اكثر فعالية للعلاقات الصينية ـ الروسية.

الصين وروسيا لا ينبغي أن يسيطر عليها هذا المنطق. والدولتان بحاجة الى تعزيز قيمة استراتيجية مستقلة للعلاقات بين الصين وروسيا،ولا يجب " متابعة السوق" و التغيرات في العوامل الامريكية. وتحتاج الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الصين وروسيا الى اضافة نقاط ارتكاز جديدة، للتغلب على تدخلات اتجاهات مؤقتة.

وبالمقارنة بين العلاقات الصينية ـ الامريكية والعلاقات الروسية ـ الامريكية، سنجد أن الصين وامريكا اكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض، مما يجعل من العلاقات بين البلدين اكثر مرونة. لكن إمكانات الصين الهائلة تخلق شعور عدم الارتياح عند واشنطن. وأن الصراع بين روسيا وأمريكا حاد، واللعبة الصينية الامريكية معقدة جدا، يجعل من الصعب تحديد الجانب الاصعب في العلاقات الصينية الامريكية و العلاقات الروسية الامريكية على المدى الطويل.

الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا سواء بالنسبة لبكين او موسكو، حجر الزاوية في المبادرات الاستراتيجية الاجنبية. ويتعين على الصين وروسيا تعزيز التواصل في ظل التغيرات في نمط العلاقات الدولية، وزيادة الفهم وقوة دفع لمواصلة توطيد الثقة الاستراتيجية المتبادلة. وتحسين العلاقات الصينية الروسية نحو الافضل سيزيد من الاحترام الامريكي لهما.