بعقوبة، العراق 9 مارس 2017 /اظهرت وثائق عثرت عليها القوات الأمنية العراقية بمحافظة ديالى شرقي البلاد ، عجزا واضحا لدى قيادات تنظيم "داعش" الإرهابي في تجنيد الشباب بين صفوف التنظيم وصعوبة الحصول على مصادر لتمويل العمليات الإرهابية.
ويرجع سبب ذلك إلى الهزائم المتلاحقة التي تعرض لها هذا التنظيم وردة الفعل التي تولدت لدى سكان المناطق المحررة من تصرفات وأعمال عناصر التنظيم المتطرف معهم خلال سيطرتهم على تلك المناطق ومن بينها الخطف والقتل وتفجير المنازل والدوائر الحكومية ذات النفع العام وفرض الاتاوات.
وفي هذا السياق، قال صادق الحسيني، رئيس اللجنة الأمنية بمجلس محافظة ديالى لوكالة أنباء ( شينخوا) إن" قوة أمنية مشتركة ضبطت في مضافة سرية تحت الأرض في محيط تلال حمرين (55كم) شمال شرق بعقوبة، مركز المحافظة، وثائق مهمة لتنظيم "داعش"، أبرز مضامينها تقارير دونت بخط قادته الميدانيين يتحدثون فيها عن عجز واضح في القدرة على التجنيد للشباب والمراهقين وسط محدودية القدرة القتالية وانهيار المعنويات".
والمضافات هي أماكن سرية يلتقي فيها مسلحو تنظيم "داعش" الإرهابي للتخطيط لعملياتهم واستقبال المسلحين الجدد وتجهيزهم للقيام بالعمليات المسلحة وتقديم الطعام والشراب لهم.
وتابع الحسيني " أن الوثائق عبارة عن أوراق بيضاء في أعلاها شعار ما يسمى بالدولة الاسلامية وتحته ولاية ديالى مطبوعة باللون الاسود، اما الكتابة فهي بخط اليد وبالحبر الأسود وفي نهاية الورقة ختم لما يسمى بالأمنية أوالحسبة، أو المحكمة الشرعية، وبعضها وقعها المدعو أبو حذيفة"، مبينا أن التنظيم المتطرف يستخدم التقويم الهجري (التقويم الاسلامي) في جميع مخاطباته.
وأوضح الحسيني أن بعض الوثائق المكتوبة تؤكد على أن التجنيد في منطقة حوض حمرين باعتبارها أهم معاقل التنظيم، شحيح جدا وضعيف، والناس ترفض الانخراط في التنظيم.
وأشار إلى أن بعض الوثائق تطلب من قيادة التنظيم إمدادهم بمقاتلين من مدينة الحويجة التابعة لمحافظة كركوك ، من خلال التسلل إلى منطقة مطبيجية الواقعة بين محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى، ومن ثم إلى محافظة ديالى للمشاركة في الهجمات على القوات العراقية كونهم عجزوا عن تجنيد عناصر جديدة.
وكشف الحسيني أن بعض الوثائق بينت أن عناصر التنظيم اتصلوا بأقاربهم وطلبوا منهم الانخراط في صفوف التنظيم، لكنهم رفضوا ذلك رفضا قاطعا، لافتا إلى أن إحدى الوثائق جاء مكتوبة باللغة العامية العراقية "عوفونا (أي اتركونا) لا أهلا ولا سهلا بكم لانكم دمرتونا".
وأضاف الحسيني أن" الوثائق برهان أخر على انهيار تنظيم "داعش" بعدما أصبح غير قادرعلى التجنيد، ناهيك عن حالات الهروب المتسارعة في صفوف عناصره"، مؤكدا وجود رفض شعبي في المناطق المحررة لعودة عناصر التنظيم المتطرف.
إلى ذلك أفاد مصدر أمني بأن عناصر التنظيم من الخلايا النائمة حضروا إلى صاحب معمل وطلبوا منه 10 آلاف دولار دعما للتنظيم الإرهابي لكنه رفض ذلك بشدة رغم تهديدهم له وأبلغ القوات الأمنية، مشددا على أن أهالي المناطق التي تم تحريرها يتعاونون بشكل جيد مع القوات الأمنية.
ومن جانبه أكد ضابط برتبة رائد في الشرطة طلب عدم ذكر اسمه أن " أعداد مقاتلي "داعش" في ديالى انخفضت بنسب عالية جدا خاصة الخلايا النائمة خلال عام 2017 رغم وجود هجمات للتنظيم بين الحين والآخر يقوم بتنفيذها أفراد هذه الخلايا".
وأضاف أن" القوات الأمنية عثرت على الكثير من الوثائق في مضافات التنظيم الإرهابي دونت فيها ملاحظات قيادات التنظيم والتي تتحدث عن ضعف التمويل ورفض أهالي المناطق المحررة التعاون معهم".
بدوره يرى عمار الجبوري، عضو مجلس محافظة ديالى بأن"عجز التنظيم المتطرف عن تجنيد دماء جديدة في خلاياه جاء بسبب الانتصارات الكبيرة للقوات الأمنية والحشد الشعبي، وافتضاح زيف ادعاءات التنظيم وفكره الضال، إضافة إلى نقص في قدراته التمويلية".
وتابع الجبوري أن" المجتمع بدأ يدرك أكثر من قبل خطورة أفكار تنظيم "داعش" المتطرفة وما سببه من كوارث للمدن التي احتلها خاصة عمليات الإبادة للاهالي وتدمير الأثار والتراث واستهداف المدارس والجامعات والبنى التحتية للمدن التي سيطر عليها".
أما سميرة الزبيدي، عضو مجلس محافظة ديالى فدعت إلى ضرورة معالجة العوامل الأساسية التي اعتمد عليها التنظيم الإرهابي في تجنيد الشباب والصبية وهي الفقر والجهل والخطاب الطائفي، مؤكدة بأن معالجة هذه العوامل مهمة جدا بمثل أهمية محاربة التنظيم وتحرير المدن والقصبات.
من جانبه طالب، أحمد رزوقي، رئيس لجنة التربية بمجلس ديالى وزارة التربية بضرورة وضع كتاب منهجي في المدارس العراقية لتعليم الطلبة خطورة معنى التطرف وتوثيق القصص والمأسي الإنسانية التي خلفها تنظيم "داعش" الإرهابي في المناطق التي سيطر عليها.
وحث رزوقي على تعليم الأجيال المقبلة مقدار الثمن الباهظ الذي دفعه العراقيون للقضاء على التطرف المتمثل بتنظيم "داعش" الإرهابي، من أجل تحصينهم لمنع بروز بذور التطرف في المجتمع مرة أخرى.
يذكر أن القوات الأمنية العراقية استعادت السيطرة على المناطق التي احتلها التنظيم المتطرف بمحافظة ديالى شرقي البلاد نهاية عام 2014 ، إلا أن بعض مناطق المحافظة ما زالت تشهد هجمات للتنظيم بسبب وجود خلايا نائمة ما زالت تنشط فيها.