بكين 8 مارس 2017 / قال مراقبون إنه يتعين على الصين والولايات المتحدة بذل جهود منسقة للحفاظ على التنمية الثابتة والصحية للعلاقات بينهما في مواجهة التحديات الجديدة.
وفي كلمته أمام الصحفيين اليوم (الأربعاء) خلال مؤتمر صحفي على هامش الدورة البرلمانية السنوية المنعقدة حاليا، قال وزير الخارجية وانغ يي إن العلاقات التي تجمع الصين بالولايات المتحدة تمضي بثبات وتتطور في اتجاه ايجابي عن طريق الاتصالات المكثفة والجهود المشتركة لكلا الجانبين.
وأضاف "طالما نعمل وفقا للتوافق الذي توصل إليه رئيسانا ونتبع مبدأ عدم الصراع وعدم المواجهة والاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين، فلا يوجد سبب يمنع أن تصبح الصين والولايات المتحدة شريكتين ممتازتين".
ويعتقد مراقبون أن تحقيق الانتقال السلس للعلاقات الثنائية وضمان التنمية الصحية لها، عاملان لا يصبان فحسب في المصالح الجوهرية لكلا الشعبين وإنما يمارسان أيضا تأثيرا إيجابيا على تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في العالم.
تحديات جديدة
تواجه العلاقات الصينية الأمريكية تحديات جديدة مع ارتفاع أسهم الشعبوية في الغرب والاتجاهات المناهضة للعولمة، وتتخذ القوى الدولية وجوها جديدة وتجري إعادة هيكلة النظام الدولى. وفي داخل الولايات المتحدة، ترتفع الاتجاهات المناهضة للعولمة والانعزالية.
وتتمسك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمبدأ "أمريكا أولا" ما يعني وضع مصالح البلاد في المرتبة الأولى كما تحاول استخدام "الأمركة" محل العولمة، حسبما يقول تسوه شي يينغ الباحث بالمعهد الوطني للبحوث التنموية والاستراتيجية بجامعة الشعب لوكالة أنباء ((شينخوا)).
وأعرب تسوه عن اعتقاده بأن ترامب سيتخلى عن الإرث الدبلوماسى الذي تركه سلفه باراك اوباما، وسيعدل الاستراتيجية الأمنية لمنطقة آسيا- الباسيفيك ومن المحتمل بالنسبة للصين ما قد يجلب تحديات جديدة للعلاقات الثنائية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، دعم ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 45 بالمئة على المنتجات الصينية وتعهد بوصف الصين ب"المتلاعبة بسعر الصرف". وفي مقابلة حديثة مع وكالة ((رويترز))، وصف الصين ب"النصير الكبير" للتلاعب بالعملة.
وبالاضافة لذلك، زعم ترامب في أول خطاباته امام الكونجرس يوم 28 فبراير ان الولايات المتحدة خسرت" 60 الف مصنع" منذ انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية في عام 2001.
ولذلك أعرب محللون عن قلقهم من ان الاحتكاك التجارى بين واشنطن والصين ودول أخرى قد يتفاقم بشكل كبير.
مصالح متبادلة
منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1979، مرت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بمراحل صعود وهبوط ونمت لتصبح أحد أهم العلاقات الثنائية في العالم. وعلاوة على ذلك، فإن تلك العلاقة أثبتت قدرتها على تخطي الظروف الصعبة والمضي قدما في الوقت ذاته.
ومن الجدير بالملاحظة أيضا أن المصالح المشتركة وليس النزاعات كانت دائما الاتجاه السائد للعلاقات الصينية الأمريكية وكان التعاون الاقتصادي والتجاري عنصرا مهما فيها .
وخلال مؤتمر اليوم الصحفي، قال وانغ إنه لدى الصين والولايات المتحدة مجموعة متنامية من المصالح المشتركة.
وأضاف الوزير "لذلك فإن علينا توحيد جهودنا لتوسيع اطار مصالحنا المشتركة بدلا من تحقيق نجاح طرف على حساب الآخر لأن الأمر غير ممكن".
واشار المراقبون الى انه من اجل تحقيق نتائج مربحة للجانبين، فعلى البلدين التركيز على التعاون الذي يتطلب من كلا البلدين ان يهتم كل منهما بالمصالح الجوهرية للآخر.
ويقول ليانغ يا بين الباحث البارز في معهد بانجوال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن مستقبل العلاقات الصينية الامريكية يعتمد بصورة كبيرة على جهود البلدين المشتركة على الصعيدين الاستراتيجي والتكتيكي.
وحيث ان العالم الآن في العصر النووي ولا يمكن لأية دولة تحقيق استفادة مطلقة، فعلى الصين والولايات المتحدة معرفة ان الحفاظ على توازن استراتيجي هو الخيار المناسب الوحيد لهما، حسبما قال، مضيفا أنه لذلك فالبلدين بحاجة لتعزيز تعاونهما ومواصلة تعزيز العولمة.
وفي الوقت ذاته، فإن أمام البلدين فرصا غير مسبوقة للعمل معا في مواجهة تحديات الأمن العالمي غير التقليدية مثل الإرهاب وتغير المناح والجرائم العابرة للحدود.
وتكتيكيا، على الصين والولايات المتحدة فتح قنوات مؤسسية للتشاور حول نقاط الخلاف وتبديد أي شكوك لدى كل طرف منهما حول الطرف الآخر، بحسب ليانغ.
وأشار إلى أن الحوار هو الطريق الأمثل لتعزيز الثقة المتبادلة التي ستساعد ايض في تيسير الاتصال السلس وإزالة أي سوء تفاهم.
النمو المشترك والعمل المشترك
إن الولايات المتحدة هى فى الوقت الحالى أكبر دولة متقدمة، فى حين ان الصين هى أكبر دولة نامية، وهما أكبر اقتصادين فى العالم.
وكلا البلدين عضو دائم في مجلس الأمن الدولي ولاعب رئيس مؤثر في تحول النظام على نطاق عالمى .
وقد أدركت الحكومة الأمريكية الجديدة أن تطوير علاقاتها بالصين سيكون له أثر مباشر على الوضع العالمي وبخاصة في منطقة آسيا- الباسيفيك.
وخلال أول مؤتمر صحفي لوزارة الخارجية منذ تولي ترامب مقاليد السلطة، قال القائم بأعمال المتحدث الرسمي مارك تونر إن العلاقات مع الصين حيوية للولايات المتحدة وإن حكومتها عازمة على السعي لارساء علاقة بناءة على نحو اقوى مع الصين.
وأضاف "سنبحث عن مجالات يمكننا توسيع تعاوننا من خلالها". وتابع "أعتقد أننا راغبون في البناء على علاقتنا مع الصين".
ويرى روان تسونغ تسه نائب رئيس معهد الصين للدراسات الدولية أن العلاقة بين بكين وواشنطن ليست قاربا صغيرا وانما سفينة ضخمة لا يمكن تحطيمها بسهولة.
ومنذ عام 1979، حافظت العلاقات الثنائية على اتجاه التنمية الصاعد رغم بعض النكسات.
وخلال عملية الإصلاح والانفتاح ووالتكامل مع بقية العالم، انتشلت الصين مئات الملايين من الاشخاص من دائرة الفقر وبدأت مسيرة الحضرنة. وفي الوقت ذاته، استفاد الشعب الامريكي ايضا من التنمية الصحية للعلاقات بين البلدين.
وقدمت الصين والولايات المتحدة اسهامات كبيرة للسلام والاستقرار العالميين وجعلتا السلام والتنمية الموضوعين الاكثر اهمية والتعاون المربح للجانبين اتجاها تاريخيا.
وقال جيم روجرز وهو مستثمر أمريكي ومعلق مالي مشهور، إنه اذا مضت الصين والولايات المتحدة كل فى طريقه، فلن يكون ذلك في مصلحة البلدين ولا العالم ككل.
وأضاف ان "الصين والولايات المتحدة أكبر اقتصادين في العالم. وسيكون من الرائع لو استمرا في العمل معا في نواح عديدة".
وتابع "يتعين على كليهما النمو معا والعمل معا".