بكين 8 مارس 2017 / في الوقت الذي تسرع فيه سول خطواتها لنشر منظومة دفاع صاروخية أمريكية، تعرض عناصر سياسية محافظة في كوريا الجنوبية المصالح الأمنية الحيوية للبلاد والمنطقة للخطر من أجل تحقيق مكاسبها الخاصة.
ففي يوم الثلاثاء، أكد جيشا الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية أن بعض معدات منظومة الدفاع الجوي للارتفاعات العالية "ثاد" قد وصلت إلى كوريا الجنوبية. وأفادت مصادر بالجيش الكوري الجنوبي بأن المنظومة المضادة للصواريخ ستكون جاهزة للعمل في إبريل.
وكانت واشنطن وسول قد قررتا من قبل نشر منظومة ثاد في نهاية العام، وهو وقت تجرى فيه عادة كوريا الجنوبية انتخابات رئاسية كل خمس سنوات.
وليس من الصعب ملاحظة أن تغيير الجدول الزمني لنشر المنظومة يبدو أنه يتزامن مع إعادة جدولة متوقعة لسباق الرئاسة في كوريا الجنوبية.
فرئيسة كوريا الجنوبية بارك جيون- هي قيد التحقيق حاليا بتهم الفساد وتجرى محاكمتها بهدف إقالتها. ومن المرجح جدا أن تعلن المحكمة الدستورية في البلاد قرارها في وقت قريب جدا. وإذا ما أقيلت بارك من منصبها، سوف تثار مسألة إجراء انتخابات رئاسة خاصة وسيتم إجراؤها في غضون 60 يوما.
إن حالة عدم اليقين السياسي داخل كوريا الجنوبية ربما تكون أحد أهم الأسباب التي جعلت واشنطن تسرع من نشر المنظومة، لأنها من المحتمل أن تواجه رئيسا جديدا في سول قد يعدل عن رأيه بالنسبة لمنظومة ثاد.
ومن ناحية أخرى، فإن استكمال نشر ثاد في خضم الانتخابات يمكن أن يساعد التيار المحافظ في كوريا الجنوبية على استغلال مخاوف الناخبين تجاه التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد وتغيير دفة معركته الخاسرة في انتخابات تلوح في الأفق بسبب فضيحة بارك السياسية الصارخة.
وطالما أنه قادر على الفوز في السباق والبقاء في السلطة، لا يعير التيار المحافظ اهتماما بما تعنيه منظومة ثاد حقا بالنسبة للبلاد وشعبها.
وفي نظر العديد من الساسة والمتخصصين والباحثين والناس العاديين بكوريا الجنوبية، فإن البطاريات المضادة للصواريخ، التي لا تقدم سوى القليل من المساعدة في تدعيم أمن البلاد، لا يتم نشرها إلا من أجل تلبية الاحتياجات الأمنية الإستراتيجية للولايات المتحدة.
وبدلا من تعزيز السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، فإن الحشود العسكرية ستزيد من خطر نشوب مواجهة شاملة في المنطقة. وستظل كوريا الجنوبية عالقة في الوسط وستتحمل الوطأة الكبرى.
وبالفعل، نزل عدد كبير من المتظاهرين في محافظة سيونغو، حيث سيتم تركيب المنظومة الصاروخية، إلى الشوارع للتظاهر ضد نشر المنظومة ودعوا الحكومة إلى إلغاء الخطة.
وفي سول، اتهم مجتمع الأعمال هذه الخطة بالإضرار بالعلاقات بين الصين وكوريا الجنوبية والتعاون الاقتصادي الثنائي. كما انتقدت العديد من الأحزاب السياسية في البرلمان موافقة الحكومة على عملية النشر كونها غير دستورية وكونها لم تعر آذانا صاغية للاحتجاجات واسعة النطاق.
وفي الختام، يتعين على حكومة كوريا الجنوبية الانتباه لأصوات عامة الجماهير وإعادة النظر في قرارها السماح بنشر ثاد، والعودة إلى الطريق الحق والمسؤول بالعمل مع الأعضاء الإقليميين من أجل القضاء على المشكلات الأمنية وتعزيز السلام في المنطقة على المدى الطويل.