غزة 22 فبراير 2017 /وسط مدينة غزة وفي شارع رئيسي فيها شهد أحد المباني لدى افتتاحه اكتظاظا من قبل الفلسطينيين كونه أكبر مشروع استهلاكي من نوعه في القطاع المحاصر منذ عام 2007.
وأقيم مشروع مبنى (كابيتال مول) في منطقة الرمال على مساحة 1800 متر من أربعة طوابق ومزود بمصاعد كهربائية يعد وجودها في قطاع غزة محدودا للغاية، إلى جانب موقف خاص للمركبات على مساحة واسعة.
ويقول المدير التنفيذي لـ (كابيتال مول) محمود هنية لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن إنجاز المشروع استغرق نحو أربعة أعوام نظرا للظروف السياسية والاقتصادية الصعبة في قطاع غزة.
ويوضح هنية أن المول يخصص طابقين لبيع الملابس والأحذية وأغلبها مستوردة من تركيا والصين، ويوفر طابقا ثالثا لسلسلة متنوعة من المطاعم، فيما خصص الطابق الأخير لمتاجر متنوعة توفر بقية مستلزمات العائلة.
ويشير إلى أن المول وفر عشرات فرص العمل، وتم إنجازه بأحدث المواصفات الممكنة على مستوى قطاع غزة.
وجاء افتتاح هذا المشروع بعد سلسلة من المشاريع المشابهة بمواصفات أقل، أنجزت خلال العامين الأخيرين، منها مول خاص باللحوم، وآخر لماركات الملابس المستوردة، إلى جانب مولات متخصصة بمستلزمات العائلة مثل (كارفور) و(مترو).
وتتركز مثل هذه المشاريع في مدينة غزة ذات الكثافة السكانية الأعلى في القطاع المكتظ بما يزيد عن مليوني نسمة، وتعد وجهة مفضلة لكثير من العائلات فيه.
وتبدي الفلسطينية ام العبد ابو شرخ، وهي ربة منزل في نهاية الأربعينات من عمرها، ارتياحها للتسوق داخل مول كونه يوفر لها جميع مستلزمات عائلتها تقريبا في مكان واحد.
وتقول ام العبد ل(شينخوا) إن ارتياد مول يسهل عليها التسوق داخل مكان واحد دون مصاعب ويوفر عليها الوقت والجهد، مضيفة أن هكذا مشاريع "تواكب الحداثة وتعكس نماذج متطورة في أنظمة التسوق".
وتعتبر أن تعدد مشاريع المولات في غزة والتنافس فيما بينها يدفعها إلى تقديم عروض أسعار على كثير من أصناف البضائع المتوفرة لديها، وهو ما يصب في مصلحة المستهلك ويوفر عليه المال.
في المقابل، يقلل محمود حسان وهو موظف حكومي في غزة، من قيمة انتشار مشاريع المولات الحديثة في ظل المصاعب الاقتصادية التي يعانيها سكان القطاع.
ويشرح حسان ل(شينخوا) أن مرتادي مثل هذه الأماكن في الغالب هم فئة محدودة في قطاع غزة، فيما النسبة الأكبر من السكان مكانهم الأسواق الشعبية ذات الأسعار الأقل بفعل ضعف قدراتهم المالية.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة الذي يقطنه ما يزيد عن مليوني نسمة منذ منتصف عام 2007 إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بالقوة.
ودفع ذلك إلى أن تصبح نسبة البطالة في أوساط سكان قطاع غزة من بين الأعلى في العالم، إذ تصل إلى حوالي 43.7 في المائة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وإلى جانب الحصار شنت إسرائيل ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة، الأولى كانت في نهاية العام 2008 وبداية عام 2009، والثانية في نوفمبر 2012 وصولا إلى الهجوم الأخير صيف عام 2014.
كما يعاني قطاع غزة من استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي مع الضفة الغربية وتعثر جهود المصالحة وعدم بسط حكومة الوفاق التي تشكلت في يونيو 2014 سيطرتها على الأوضاع فيه مع استمرار خلافاتها مع حماس.
ويقول اقتصاديون إن انتشار مشاريع مولات بطابع حديث في قطاع غزة لا يعكس رفاهية اقتصادية ملموسة للسكان بقدر ما يعبر عن تعزيز للطابع الاستهلاكي وغياب استثمارات التنمية الاقتصادية الحقيقية.
ويعتبر الخبير الاقتصادي محمد ابو جياب أن "تركز أغلب استثمارات المال في غزة على المشاريع الاستهلاكية يعد أمرا خطيرا ولا ينم إلا عن انسداد الأفق على المستويات الصناعية والإنتاجية في القطاع".
ويعزو ابو جياب في تصريحات ل(شينخوا) ذلك إلى أن اللجوء للمشاريع الاستهلاكية يعد المهرب الوحيد للمستثمرين في غزة للحفاظ على ديمومتهم ومكانتهم الاقتصادية في القطاع.
ويرى أن "أحد أهم أهداف الحصار الإسرائيلي على غزة كان ومازال هو دفع المستثمر المحلي لاستثمارات قصيرة الأجل وقليلة الفائدة على التنمية الاقتصادية المستدامة ممثلة بالمشاريع الاستهلاكية".
وينبه ابو جياب إلى أن القائمين على مشاريع المولات "لا يعولون على أصحاب الدخل المحدود بقدر ما يعولون على الطبقة ذات الدخل العالي، وهنا يتجلى ما يمكن تسميته بالطبقية في مجتمع غزة والتمييز المتنامي بين سكانه".