القاهرة 19 فبراير 2017 / رأى محللون سياسيون، أن انتقادات الإدارة الأمريكية المتواصلة للأمم المتحدة من شأنها أن تضعف أداء المنظمة الدولية.
لكنهم شددوا على ضرورة ألا ترضخ الأمم المتحدة لضغوط واشنطن، التي تريد أن تصبح المنظمة الدولية كأنها امتدادا للخارجية الأمريكية، ودعوا بقية الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن إلى عدم السماح للولايات المتحدة بأن تفرض رأيها على الأمم المتحدة.
وتتباين المواقف الأمريكية ونظيرتها الأممية لاسيما فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، وملف اللاجئين.
ووجه ترامب خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن قبل أيام، انتقادات للأمم المتحدة بقوله " أرفض الأعمال الظالمة والمنحازة ضد إسرائيل في الأمم المتحدة، التي عاملت إسرائيل برأيي بظلم كبير".
وعارضت واشنطن أيضا تعيين رئيس وزراء فلسطين الأسبق سلام فياض لرئاسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في خطوة استنكرها سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، الذي اعتبر" القرار الأمريكي بهذا الصدد خطأ كبيرا"، مشيرا إلى أن " فياض يمثل الشخص المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب".
وسبق أن اعتبر ترامب في تغريدة على تويتر، الأمم المتحدة " مدعاة للحزن"، مشيرا إلى أنها باتت ناديا كبيرا يلتقى فيه الاشخاص ويتحدثون ويقضون أوقاتا طيبة.
وفي تغريدة أخرى، قال إن الإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها الأمم المتحدة لا تتناسب مع مردودها، مضيفا " هل رأيتم يوما أن الأمم المتحدة تحل مشكلة؟ هذا لم يحدث أبدا، هي تسبب المشاكل.. وإذا كانت لا تستطيع استغلال إمكانياتها فإن ذلك مضيعة للوقت والمال".
وفي هذا الصدد، قال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الإدارة الامريكية الحالية هي إدارة عنصرية ومتطرفة، لا تؤمن بالعمل الجماعي الدولي، وتتحدث دائما عن أمريكا ومصالحها أولا بصرف النظر عن قضايا حقوق الإنسان والتعاون مع دول العالم.
وأضاف في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، إن الإدارة الأمريكية "تريد ترجيح كفة مصالحها في المقام الأول، لذلك هي شديدة الانتقاد للأمم المتحدة خصوصا بعد قرار مجلس الأمن الدولي الذي أدان الاستيطان الاسرائيلي، وهو القرار الذي صدر بعد امتناع إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عن استخدام حق النقد (الفيتو)".
وتابع " اعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادة دونالد ترامب سوف تمارس ضغوطا كبيرة على الأمم المتحدة لكي تغير موقفها من اسرائيل".
وأردف أن واشنطن تريد أن " تصبح الأمم المتحدة كأنها امتدادا للخارجية الأمريكية".
ورد على سؤال حول قدرة الأمم المتحدة على مواجهة الانتقادات الأمريكية، بتأكيده " يجب ألا ترضخ الأمم المتحدة لواشنطن، لأن أمريكا ليست العالم، وهناك دول كبرى أخرى مثل روسيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها، وهذه الدول يجب ألا تسمح لأمريكا بأن تفرض رأيها على المنظمة الدولية".
واستطرد أن " الأمم المتحدة هى منظمة للدول الأعضاء وإذا كان لهذه الدول إرادة للوقوف في وجه أمريكا فلن تستطيع الأخيرة حينها أن تفرض على هذه المنظمة أي شئ".
وأشار إلى أنه في حالة تصاعد الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة فإن الأولى قد تلجأ إلى الامتناع عن تسديد حصتها في ميزانية المنظمة الدولية أو على الأقل تخفيضها، مضيفا " هذا أمر وارد، وأسلوب مارسته واشنطن قبل ذلك في مناسبات أخرى، وليس من المستبعد أن تمارسه حاليا".
بدوره قال الدكتور جمال عبدالجواد رئيس مركز (الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية) سابقا، إن الانتقادات الأمريكية بالتأكيد سوف تؤثر سلبا على أداء الأمم المتحدة.
وأوضح عبدالجواد، أن " الولايات المتحدة دولة رئيسية في النظام الدولي وعضو دائم بمجلس الأمن الدولي، وإذا بدأت تتعامل مع الأمم المتحدة بطريقة عدائية فسوف يؤثر ذلك على أداء المنظمة الدولية، لاسيما أن الأمم المتحدة تقوم على فكرة التعاون بين الدول".
وتابع " إذا رفضت أمريكا التعاون أو تعاملت مع الأمم المتحدة باعتبارها منظمة غير هامة فإن ذلك سوف يضعف الأداء الأممي".
وأشار إلى أن الملف الفلسطيني - الاسرائيلي هو أحد الملفات الرئيسية، الذي بسببه وجهت واشنطن انتقادات للأمم المتحدة، خاصة بعد أن نجحت الدول العربية في انتزاع قرار من مجلس الأمن الدولي يدين الاستيطان الاسرائيلي ما أثار غضب إدارة ترامب.
ونوه بأن أمريكا ترى أنه لا يجوز أن تقدم دعما لمنظمة توجه انتقادات تضعف موقف الصديق الأول وهو اسرائيل.
واعتبر إقدام واشنطن على تخفيض حصتها في ميزانية الأمم المتحدة " أمر وارد جدا"، وختم " السؤال هو: إذا نفذت أمريكا تهديدها وخفضت حصتها في الميزانية الأممية فهل ستقوم دول اخرى بتعويض الانسحاب الأمريكي؟".