جنوب وشرق لبنان 7 فبراير 2017 / تتفاقم وتتدحرج تداعيات وتبعات النزوح السوري في لبنان، وبعد واقع المنافسة القائمة بين النازحين والعمال اللبنانيين على سوق العمل نتيجة تفضيل ارباب العمل للعامل السوري نظرا لأجره المنخفض، برزت أخيرا منافسة من نوع آخر طرقت أبواب التجار اللبنانيين في ظل تمدد ظاهرة قيام تجار سوريين صغار بافتتاح محال تجارية تنافس نظيرتها اللبنانية.
وأثارت مسألة تأسيس سوريين لمحلات ومؤسسات تجارية تبيع بأسعار منافسة للتاجر اللبناني في مجالات الثياب والأحذية مرورا بالطعام والحلويات والمكسرات والبهارات والنحاسيات والخردوات والعطورات والخضار حفيظة التجار اللبنانيين الذين قاموا باحتجاجات لدى السلطات التي عمدت إلى توجيه انذارات لمحال السوريين بالاقفال بسبب ممارسة أعمالهم دون تراخيص ودون الحصول على اجازة عمل وفقا لما يفرضه مرسوم تنظيم عمل الاجانب.
وفي هذا الصدد، يقول النازح السوري احمد ابو العويني من حلب إنه كان تفاءل خيرا بمحله التجاري الجديد المخصص لبيع ملابس الأطفال الذي افتتحه وسط سوق بلدة "ضهر الأحمر" التجاري بشرق البلاد.
لكن العويني الذي له باع طويل في هذه التجارة كان اكتسبها خلال عمله في اسواق حلب لاكثر من 30 عاما لم يكن يتوقع ان مؤسسته التجارية الصغيرة ستتعرض للاقفال من قبل البلدية على خلفية مزاحمتها للتجار واليد العاملة اللبنانية.
ويوضح العويني الاب لستة أطفال بانكسار " لقد ابلغتني الشرطة البلدية منذ يومين قرارا باقفال المحل خلال مهلة أسبوع قبل ان تضطر إلى إقفاله بالشمع الأحمر ".
ويضيف "لم تنفع كل التوسلات ولا وضعنا الاقتصادي الصعب والظروف المعيشية الخانقة التي تطوقنا في اقناع البلدية بالتراجع عن قرارها الذي حرمنا من باب رزق كان يؤمن لنا جانبا من حاجياتنا".
وتعليقا على هذا الوضع يقول رئيس إحدى بلديات جنوب لبنان يوسف فارس إن " تأسيس عمل خاص بالنازح السوري ينزع عنه صفة النزوح ليصبح تاجرا مما يوجبه أن يحصل على التراخيص ويخضع للاجراءات القانونية التي تطاول كل لبناني او أجنبي مقيم في لبنان".
من جانبه، يشير نهاد حمد رئيس إحدى التعاونيات الزراعية والعمالية اللبنانية وصاحب احد المحال التجارية في منطقة البقاع إلى أن "النازحين السوريين باتوا يتحكمون في جانب من الأسواق اللبنانية ويحرمون اللبنانيين من فرص العمل مما دفع بشريحة لبنانية واسعة متضررة إلى الاحتجاج والوضع مهدد بالتصعيد لاننا نرفض ان يزاحمنا النازحون في بلدنا".
بدوره، قال اللبناني احمد المحمد الذي يمتلك مطعما في بلدة "البيرة" إن "نازحا سوريا فتح مطعما في البلدة وخفض أسعاره بنسبة 50 في المائة عن تلك المتداولة مما جعلنا نعجز حتى عن تسديد اجرة محلنا ".
ويضيف " لن نرضى بهذا الوضع فقد قطع هذا النازح وامثاله من ارزاقنا وسنقاوم هكذا ظاهرة ولن نقبل بها مهما كلفنا ذلك وسنعمل على اقفال كافة محال السوريين فما يحصل من منافسة يمكن وصفه بالجريمة ".
أما التاجر سامر الحسنية المشارك في الاحتجاجات للحد من المنافسة السورية فيشير إلى أن " تحركنا له طابع حياتي ومطلبي وانساني بحت وخارج اية أهداف سياسية بسبب تهديد مصالحنا واستمراريتها ومستقبل أولادنا ".
ويتابع " نكن كل محبة واحترام وتقدير لاخواننا السوريين الذين اتوا إلى لبنان هربا من الحرب وندرك جيدا أن وضعهم الانساني حساس ولكن الامر يتعلق بمستقبل اعمالنا وعائلاتنا فمصالحنا أصبحت مهددة بالتعطيل والاقفال نتيجة لهذه المنافسة ".
بدوره، يدعو التاجر اللبناني جميل العلم إلى " تطبيق القوانين المرعية الاجراء لجهة وجوب حصول أصحاب المحلات التجارية من السوريين على اجازات عمل ورخص وشهادات صحية "، مناشدا " السلطات الرقابية والمالية ان تضع حدا للتفلت في الاسواق واقفال المحال السورية غير الشرعية ".
من جانبه، يقول صاحب سوبر ماركت في البقاع سمير ابو اسبر " لا نريد قطع ارزاق النازحين ولا وقف أعمالهم انما نريد عملا منظما يضمن لنا حقوقنا كاملة فنحن على شفير الافلاس والاقفال فنحن ندفع رسوم وضرائب سنوية و لن نقبل بعد اليوم بالمنافسة غير الشرعية ".
أما يوسف ابو صالحة وهو صاحب متجر مكسرات في بلدة "الرفيد" في البقاع فيرى أن " عمل النازح السوري في لبنان وصل إلى ما يمكن وصفه بالمشكلة الاجتماعية في الشارع اللبناني وهكذا وضع ينذر بمشاكل كبيرة بين المجتمع اللبناني والنازحين تهدد السلم بين الطرفين اذا لم تقم الجهات المسئولة بوضع حد لهذا التفلت بعد مرور أكثر من 6 سنوات على أزمة النزوح السورية التي اثقلت كاهل الاقتصاد اللبناني ".
يذكر أن عدد النازحين السوريين في لبنان يبلغ أكثر من مليون ونصف المليون بحسب السلطات اللبنانية مما يشكل ضغوطا اقتصادية وأمنية وخدماتية على المجتمع المضيف والسلطات التي تطالب المجتمع الدولي بمساعدتها في تلبية احتياجاتهم.