الأخبار الأخيرة

قصة الابتكار في الصين:يوي ده تشاوي يغير وجه الأدوية الصينية

/مصدر: الصين اليوم/  14:59, November 12, 2016

    اطبع
قصة الابتكار في الصين:يوي ده تشاوي يغير وجه الأدوية الصينية
يوي ده تشاو

قونغ هان

يوي ده تشاو أحد خبراء "برنامج توظيف الخبراء العالميين" في الصين، فضلا عن أنه صاحب خبرة كبيرة في مجال إنتاج الأدوية البيولوجية. السيد يوي هو الذي اكتشف دواء أونكورين "Oncorine"؛ أول دواء مضاد لفيروسات الأورام في العالم، ومكتشف دواء كونبرسبت "Conbercept" المتميز بتقنية الأجسام المضادة أحادي النسيلة، وهو أول دواء في الصين له ملكية فكرية عالمية. هذا الدواء سد النقص في الأدوية المستخدمة لعلاج عمى العين الناتج عن أمراض القرنية المرتبطة بالشيخوخة ومرض السكري. في المؤتمر السنوي لمعهد باسكوم بالمر للعيون في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي عقد في فبراير عام 2014، قال رئيس المؤتمر أمام أطباء العيون الحاضرين: "كونبرسبت هو أول دواء بيولوجي عالي المستوى تم بحثه وتطويره خارج الولايات المتحدة الأمريكية. علينا أن نتابع باهتمام القوة القادمة من الصين".

في عام 2006، ترك يوي ده تشاو وظيفته ذات الدخل الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية وعاد إلى الصين. في سنة 2011، أسس شركة شيندا المحدودة لإنتاج الأدوية البيولوجية في مدينة سوتشو، بهدف إنتاج أدوية بيولوجية عالية المستوى وتكون تكلفتها في متناول عامة الشعب.

من راعي البقر الصغير إلى عالِم طبي

وُلد يوي ده تشاو في بلدة صغيرة بسفح جبل تيانتاي في مقاطعة تشجيانغ. قبل أن يصل عمره إلى الثامنة عشرة، كان يدرس ويرعى البقر ويجمع الحطب. في عام 1982، التحق بمعهد علوم الزراعة والغابات في مقاطعة تشجيانغ، ليكون أول طالب جامعي في بلدته.

في عام 1989، نجح في امتحان دراسة الدكتوراه في اختصاص علم الوراثة الجزيئية بالأكاديمية الصينية للعلوم. وفي عام 1993، سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الكيمياء الطبية في جامعة كاليفورنيا. بعد تخرجه، رفض عرضا للعمل في جامعة هارفارد، واختار أن يعمل في مؤسسات مشهورة متخصصة في إنتاج الأدوية البيولوجية، ومنها شركة "Cell Genesis" وشركة "Applied Genetics".

الأدوية البيولوجية، التي اختارها يوي ده تشاو مجالا لبحوثه وعمله، تستخدم تقنيات الهندسة الوراثية الحديثة لتطوير الأدوية. ولأن الأدوية البيولوجية عالية المفعول الدوائي وتأثيراتها الجانبية والسامة قليلة، تُستخدم على نطاق واسع في مجال معالجة الأورام ومرض السكر وأمراض الدم وغيرها، وصارت على قمة التنافس في السوق العالمية للدواء.

دواء أونكورين "Oncorine" الذي طوره يوي ده تشاو، أول دواء مضاد لفيروسات الأورام في العالم. باستخدام هندسة الفيروسات العصوية (baculovirus)، يمكن لهذا الدواء أن يستهدف الورم الخبيث بدقة، في حين تجعله قدرته على التكاثر الذاتي يفتت الخلايا السرطانية ويقضي عليها. ويكون للمستضدات (antigens) المنبعثة نفس التأثير على الخلايا السرطانية المهاجرة (metastatic)، وبالمقارنة مع العلاج الكيماوي، يقلل العلاج بهذا الدواء الآثار الجانبية كثيرا.

في عام 2006، ترك يوي ده تشاو منصبه الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية، وعاد إلى الصين للانخراط في تطوير وإنتاج الأدوية البيولوجية. وبعد سبع سنوات من البحوث والتطوير والاختبار، بدأ طرح كونبرسبت في السوق الصينية في عام 2013، ما أنهى الطريقة التقليدية باستخدام أشعة الليزر في علاج المكفوفين المصابين الذين يعانون من أمراض قاع العين. المدهش، أنه بهذا الدواء يمكن أن يستعيد المكفوف بصره خلال أربع وعشرين ساعة فقط.

أمراض قاع العين واحدة من الثلاثة أمراض المسببة للعمى في العالم. لقد أصبحت الصين بالفعل مجتمع شيخوخة، وبها عشرات الملايين من المسنين يعانون من التنكس البقعي (fundus macular degeneration) واعتلال الشبكية بسبب السكري. قبل كونبرسبت لم يكن في السوق الصينية دواء صيني لعلاج هذه الأمراض، ولم يكن أمام المريض اختيار غير استخدام أدوية غالية مستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أثبتت الدراسات المتخصصة أن كونبرسبت يتمتع بفعالية مستدامة وتأثير أكثر من الأدوية التي تنتجها شركة "Novartis" الأمريكية المشهورة، مع أن سعره يعادل ربع سعر الدواء الأمريكي.

قال يوي ده تشاو: "أشعر بسعادة لا تقدر بالمال ويصعب التعبير عنها بالكلمات لأن أدويتي تساعد الآخرين وتغير حياتهم".

بفضل الفعالية العلاجية الممتازة لكونبرسبت، فقد اختير كأحد "أعظم الاختراقات العلمية في مجال علاج العيون خلال خمسين سنة" و"دواء إبداعي يتميز بأكبر قيمة سريرية في الصين"، فضلا عن أنه الدواء الصيني الوحيد المعترف به من قبل منظمة الصحة العالمية.

اللحاق بالدول المتقدمة

عن أبرز المشكلات التي يواجهها قطاع الأدوية البيولوجية في الصين، قال يوي ده تشاو: "تحتل الأدوية البيولوجية 32% من سوق الأدوية في العالم، ولكن نصيبها في سوق الدواء الصينية أقل من 5%. الإنتاج على نطاق ضيق يعني تكلفة أعلى. وإذا كان الناس لا يستطيعون شراء الدواء فإنهم لن يتمتعوا بثمار تطورات العلوم الطبية العالمية. على سبيل المثال، يتجاوز عدد مرضى سرطان الثدي في الصين خمسمائة ألف شخص حاليا، منهم أربعة آلاف فقط يمكنهم أن يستخدموا نوعا من الأدوية البيولوجية الأمريكية، وهو الدواء الذي يعتبر أفضل علاج لهذا المرض، بسبب سعره المرتفع." قال يوي ده تشاو إنه قرر العودة إلى بلاده لأنه وجد أن الصين قادرة على صنع كل شيء ولكنها لا تنتج دواء معترفا به في العالم، خاصة الأدوية البيولوجية التي تجسد تطورات الطب والدواء.

من أجل دفع تطور قطاع الأدوية البيولوجية، شارك يوي ده تشاو بنشاط في سن العديد من القوانين واللوائح والمعايير للقطاع، وقام بتدريب أكثر من خمسمائة مؤسسة تعمل في هذا المجال. قال يوي ده تشاو، "لدي فكرة بسيطة، ألا وهي أن نعمل معا لإنتاج الأدوية الفعالة والرخيصة والموثوقة لعامة الشعب. أعتقد أن إنتاج الأدوية اختبار للضمير".

يرى يوي ده تشاو أن دفع بحوث وتطوير الأدوية الإبداعية في الصين يعتمد على ثلاث حلقات، هي: البحوث الأساسي، والفحص والموافقة، ونظام الدفع. أضاف: "الإبداع يحتاج إلى المال، لاسيما وأن بحوث وتطوير الأدوية الإبداعية مجال يحتاج إلى استثمارات ضخمة وعالي المخاطر ودورة رأس ماله طويلة. لا بد أن تحصل المؤسسات على ربح معقول من بيع الأدوية حتى تكون لديها قوة دافعة وقدرة على مواصلة الإبداع، ومن ثم لا تقوم بالاستثمار المنخفض المستوى مرة بعد أخرى وتنتج الأدوية العامة الشائعة.

خلال عشر سنوات، منذ عودة يوي ده تشاو إلى الصين، شهد إنتاج الأدوية البيولوجية تطورات سريعة في الصين، التي تسعى للحاق بالدول المتقدمة في العالم. قال يوي ده تشاو: "الصين تقوم بإصلاحات للثلاث حلقات السابق ذكرها. ورغم أن أمامها طريقا طويلا، فإنها تسير في الاتجاه الصحيح. الحكومة الصينية تهتم بالإبداع ورفعت الإبداع إلى مستوى غير مسبوق، فحققت بلادنا تقدما ملحوظا. ومن ذلك أن الحكومة جعلت قوانين تحويل الثمار الإبداعية أكثر وضوحا، وتسمح للعاملين في البحث العلمي بامتلاك الأسهم".

الأدوية الصينية في العالم

في مارس وأكتوبر عام 2015، حققت شركة شيندا المحدودة لإنتاج الأدوية البيولوجية بسوتشو تعاونا استراتيجيا في تطوير المنتجات مع شركة إيلي ليلي "Eli Lilly and Company". يبلغ إجمالي الدفعات المقدمة والمحتملة لهذه الصفقة 3ر3 مليارات دولار أمريكي. ولأول مرة، صار دواء بيولوجي من إنتاج الصين يباع خارجها بسعر دولي. هذا هو أكبر تعاون دولي لقطاع الصناعات الدوائية في الصين، من حيث القيمة المالية. بالإضافة إلى ذلك، ستدفع شركة إيلي ليلي عمولة مبيعات بنسبة أكثر من 10%. قال يوي ده تشاو إنه يعتز بأن هذا التعاون ساهم في تغيير النمط التجاري لقطاع إنتاج الأدوية البيولوجية في الصين. في السابق، كانت شركات الأدوية في الصين مضطرة لضخ استثمارات ضخمة في السنوات العشر الأولى لإنشائها، وفقط عندما تطرح الأدوية الجديدة في السوق يمكنها أن تجني عوائد اقتصادية. الآن، إذا كانت الشركة لديها حقوق ملكية فكرية، يمكنها الحصول على تمويل من خلال منح تلك الحقوق إلى شركاء في الخارج لتسمح لهم بتطوير وتجارة المنتجات خارج الصين.

في يونيو عام 2015، وتلبية لدعوة مجلس الدولة الصيني، شاركت شركة شيندا المحدودة لإنتاج الأدوية البيولوجية بسوتشو باعتبارها ممثلا للمؤسسات الإبداعية الصينية الممتازة في "الدورة السادسة لحوار الإبداع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية" التي نظمتها وزارة الخارجية الأمريكية، حيث ألقى يوي ده تشاو كلمة حول الإبداع في الصين.

قال يوي ده تشاو: "في حوار الإبداع بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، قال الممثل الأمريكي إن شراء الأمريكيين الأدوية من الصينيين أمر غير مسبوق، وعبر الحضور عن رغبتهم في إسعاد المرضى في العالم من خلال التعاون بين الجانبين". 


【1】【2】【3】【4】

صور ساخنة

أخبار ساخنة

روابط ذات العلاقة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×