دمشق 12 سبتمبر 2016 /حصل المدنيون السوريون، العالقون في الحرب الأهلية المستمرة منذ فترة طويلة، على فترة راحة من أزيز إطلاق النار ودوي القصف المتواصل بعد دخول هدنة تم التوصل إليها مؤخرا بوساطة من الولايات المتحدة وروسيا حيز التنفيذ مساء يوم الاثنين، بالتزامن مع اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك.
وأعلن الجيش السوري وقف إطلاق النار على مستوى البلاد لمدة سبعة أيام، ابتداءا من الساعة 7 مساء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت غرينتش) يوم الاثنين، حيث يستمر حتى 19 سبتمبر، وفقا لما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وتطالب الهدنة التي تستمر لأسبوع، والتي توسطت فيها الولايات المتحدة وروسيا، كافة الأطراف المتحاربة في سوريا بوقف شن الهجمات والضربات الجوية، والسماح بالوصول إلى المناطق المحاصرة، بما في ذلك مدينة حلب شمالي البلاد.
كما تتضمن الهدنة تحسين وصول الإعانات الإنسانية والقيام بعملية عسكرية مشتركة ضد الجماعات الإرهابية المحظورة.
وفي الوقت الذي أعلن فيه عن قراره بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في عموم البلاد، قال الجيش السوري إنه يحتفظ بحق الرد على أي خرق من قبل المتمردين.
وفي استعراض للثقة، قام الرئيس السوري بشار الأسد، يوم الاثنين، بزيارة داريا، وهي بلدة تقع في ضواحي العاصمة دمشق وتمت استعادة السيطرة عليها مؤخرا، حيث جاءت الزيارة قبل ساعات من بدء سريان الهدنة.
وانضم الأسد إلى سكان محليين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك في داريا، التي كانت إحدى معاقل المتمردين لقرابة أربع سنوات.
وفي الشهر الماضي، غادر المئات من المقاتلين المتمردين داريا في إطار اتفاق توصلوا إليه مع الجيش السوري.
وأكدت معلومات من مصادر مختلفة تراقب وقف إطلاق النار أن الهدنة صامدة بدرجة كبيرة خلال الساعات القليلة الماضية، إلا أن أولئك الذين يعيشون في سوريا أعطوا إجابات مختلفة حينما سئلوا عن آفاق الهدنة القائمة.
في حلب، المدينة التي يتم التنازع عليها بشكل مرير من قبل الأطراف المتحاربة منذ عام 2012، فقد قال أناس، يعيشون في مناطق تم استهدافها بشكل متكرر بقصف من قبل المتمردين، إنهم لا يثقون في المتمردين، بعد فشل جميع المحاولات السابقة لإحلال السلام.
ويقول هؤلاء إنه في كل مرة يتم الإعلان عن هدنة، يقوم المتمردون باستغلال الوضع لإعادة تجميع صفوفهم وجلب المزيد من الأسلحة.
وقال إبراهيم خليل، وهو أب يبلغ من العمر 43 عاما لابنين، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه لا يؤمن بالهدنة.
وتابع "نحن ضد الهدنة، لأنه كلما كانت هناك هدنة، يبدأ المتمردون في إعادة تجميع أنفسهم وتكديس الأسلحة والقوى البشرية ويقصفون حلب مرة أخرى. في كل مرة تكون هناك هدنة، الناس هم من يدفعون الثمن"، محاولا إنهاء الحديث خوفا من أن تسقط قذيفة جديدة.
في الوقت نفسه، أعرب أناس أفضل حالا في المدينة عن آمالهم بأن تنجح الهدنة.
ولفت محمد بري، وهو تاجر سوري، إلى أنه واثق في الهدنة، ولديه اعتقاد راسخ بأنها سوف تنجح.
وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) "آمل أن تكون الهدنة قابلة للتنفيذ، وأعتقد أنها سوف تكون ناجحة لأن التهدئة هي السبيل الوحيد للخروج من هذا العنف، وأنا أعتقد أن الهدنة ستصمد وستوقف إراقة الدماء".
وبدأت الحرب الأهلية التي طال أمدها في سوريا في شهر مارس عام 2011، وأسفرت عن مقتل ما يزيد عن 250 ألف شخص، وأجبرت 4.8 مليون آخرين على مغادرة البلاد، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
وأدت الفوضى الناجمة عن الحرب إلى تصاعد الإرهاب في البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، مما شكل تحديا جسيما لأمن المنطقة والعالم بأسره.
وينظر إلى الهدنة الحالية باعتبارها جزء من الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وروسيا، التي تقوم الأولى بدعم المتمردين والأخرى بتأييد الحكومة، للتصدي بشكل مشترك للقوى الإرهابية المتنامية في البلد الذي مزقته الحرب.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يوم الاثنين نجاح غارة جوية أمريكية، شنت يوم 30 أغسطس الماضي، في استهداف المتحدث باسم تنظيم الدولة الإسلامية ، أبو محمد العدناني.
وقال المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك في بيان إن الضربة الجوية التي استهدفت العدناني الذي عرفه باسم مسؤول الدعاية والتجنيد ومهندس العمليات الخارجية في التنظيم، قرب مدينة الباب بسوريا، تعد واحدة من سلسلة ضربات جوية استهدفت قياديين في تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف كوك أنه مع استمرار بلاده في استغلال الزخم في الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق، فإنها ستواصل استهداف قياديي التنظيم المعروف أيضا باسم داعش.
وكان العدناني، الذي ولد في ريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا، من ضمن أول مجموعة من المقاتلين الأجانب ضد الغزو الأمريكي في العراق في عام 2003.
فيما قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مؤتمر صحفي يوم الاثنين إن "هناك بعض التراجع في مستوى العنف" في سوريا بعد بدء سريان الهدنة.
وأضاف أنه "سيكون هناك بلا شك تقارير عن وقوع انتهاك هنا أو هناك، أنا واثق، ولكن هذه هي طبيعة بداية اتفاق وقف إطلاق النار في أغلب الأحيان".
كما كرر دعوته لجميع الأطراف في سوريا بالالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية، الذي توسطت فيه كل من الولايات المتحدة وروسيا.
وقال "أحث جميع الأطراف على تقديم الدعم له، لأنه قد تكون الفرصة الأخيرة التي يحظى المرء بها للحفاظ على سوريا موحدة".