الرباط 3 سبتمبر 2016 /على بعد اقل من ستة أسابيع من إجراء الانتخابات البرلمانية بالمغرب المزمع تنظيمها في السابع من اكتوبر المقبل، تشهد الساحة السياسية سجالا واستقطابا كبيرين بين احزاب المعارضة والأغلبية ، وخاصة بين حزبي (العدالة والتنمية) الاسلامي و(الأصالة والمعاصرة) المعارض.
وفي احدث تجليات هذا الاستقطاب ، اعلن حزب الاصالة والمعاصرة الجمعة التحاق من أسماهم "مجموعة من الغاضبين" من أعضاء حزب العدالة والتنمية الى صفوفه.
ورد القيادي في حزب العدالة والتنمية عبدالله بوانو على ذلك في عدد اليوم (السبت) عبر جريدة (التجديد) الناطقة بلسان الحزب الاسلامي بالتأكيد على أن من التحقوا بالمعارضة "أشخاص تحركهم دوافع انتخابية فقط بعد ان فشلوا في الحصول على التزكية لخوض الانتخابات المقبلة".
وفي ظل هذا الاستقطاب يحتدم السجال بين الحزبين حيث عبر عبد الاله ابن كيران الامين العام لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، في تجمع حزبي نظم بالرباط عن ثقته في تصدر حزبه لهذه الانتخابات واستمراره بالتالي في قيادة الفريق الحكومي لولاية ثانية.
واتهم ابن كيران "جهات نافذة" ، لم يحددها بالإسم ، بالسعي لإجهاض تجربة الاسلاميين بالمملكة وإفشال عمل الحكومة.
وقال إن الحزب لعب دورا بارزا في ضمان استقرار المملكة التي أصبحت برأيه استثناء في منطقة تعج بالاضطرابات ، ودافع بقوة عن أداء الحكومة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وواجهت حكومة ابن كيران أزمة سياسية حادة سنة 2013 كادت تعصف بها بعد إعلان حزب (الاستقلال) الانسحاب من الحكومة وانضمامه إلى صفوف المعارضة، بسبب ما قال إنه "استفراد من قبل حزب العدالة والتنمية بالقرار داخل الحكومة، واستمراره في حماية الفساد، والتأخر في تنفيذ الإصلاحات"، ما دفع العاهل المغربي الملك محمد السادس، في أكتوبر 2014، إلى إجراء تعديل وزاري.
وانتقد القيادي في حزب الاصالة والمعاصرة محمد المعزوز، حصيلة الحكومة الحالية طيلة الخمس سنوات التي قضتها في تسيير الشأن العام، معتبرا أنها حصيلة غير مشرفة.
واستدل المعزوز على ذلك، في تصريح صحفي اليوم ب "الاحتقانات الاجتماعية، والإضرابات التي يعرفها الشارع المغربي"، معاتبا في السياق ذاته، مجموعة من الوزارات على منهجيتها في تدبير القضاء، والصحة والتعليم، وتراجع التشغيل، وهي المؤشرات التي أوضح أن "المواطن يلمسها يوما بعد يوم، ويلاحظ ردود فعله تجاهها على شبكات التواصل الاجتماعي".
وكان حزب العدالة والتنمية قد كشف يوم الجمعة الماضي عن أسماء مرشحيه في انتخابات اكتوبر المقبل ، وقام باستمالة شخصيات مثيرة للجدل للترشح باسمه مثل القيادي السلفي أحمد القباج ، الوجه السلفي المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل.
وعبر إلياس العمري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، خلال انعقاد الدورة 21 للمجلس الوطني للحزب بضواحي مدينة الدار البيضاء عن رغبة حزبه الصريحة في احتلال المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية الثانية من نوعها بعد تبني دستور جديد في 2011.
وشارك هذا الحزب منذ تأسيسه سنة 2008 في محطة انتخابية برلمانية واحدة سنة 2011، وتعد هذه الانتخابات الثانية التي يخوضها في تاريخه، عكس العدالة والتنمية الإسلامي الذي خاض الانتخابات البرلمانية لأول مرة سنة 1997، وتعد هذه الانتخابات خامس مشاركة له.
وقال العمري ان "استمرار الوضع الحالي قد يودي بالبلاد إلى كارثة" وأن "المغاربة يتوقون إلى التغيير الذي يمثله حزب الأصالة والمعاصرة".
واعتبر العمري، أن المعركة الانتخابية القادمة تهدف إلى "إنقاذ وتحرير الوطن" من الإسلاميين، موضحا أن كل "مناضلات ومناضلي الأصالة والمعاصرة لن يسمحوا لأي أحد بأن يعبث بمصلحة الوطن" في إشارة للحزب الإسلامي.
وفاز العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي لأول مرة في تاريخه بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية التي تلت تبني دستور جديد صيف 2011، عقب حراك شعبي قادته حركة 20 فبراير الاحتجاجية في سياق "الربيع العربي".
لكن هذا الحزب حل ثانيا بعد حزب الأصالة والمعاصرة خلال انتخابات البلديات والجهات التي جرت في سبتمبر 2015.
وأمام حدة الاستقطابات التي تشهدها الساحة السياسية بالمملكة ، منعت وزارة الداخلية إنجاز أو نشر استطلاعات الرأي ذات الطابع السياسي بأية وسيلة كانت، وذلك "حفاظا على مصداقية ونزاهة المسلسل الانتخابي ودرءا لكل ما من شأنه الإسهام في توجيه إرادة واختيارات الناخبين".
وأعلنت اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات أن عدد الناخبين المدعوين للمشاركة في الاقتراع بلغ 15 مليونا و 702 ألف و 592 ناخبة وناخبا، من ضمنهم 45 في المائة من النساء.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد دعا الأحزاب السياسية المغربية إلى البعد عن تصفية الحسابات في عملية الانتخابات القادمة.
وقال العاهل المغربي في كلمة القاها في ذكرى جلوسه على العرش (30 يوليو الماضي) "على الأحزاب تقديم مرشحين تتوفر فيهم روح المسؤولية، وعليهم البعد عن عملية تصفية الحسابات".
ووجه الملك محمد السادس، دعوته إلى الناخبين للتصويت بعيدا عن أي اعتبارات، قائلا: "المواطن عليه تحمل المسؤولية في اختيار من يمثله".