لندن 22 أغسطس 2016 / قال مارك بوليت، رئيس قسم السياسات بشركة (ستي اوف لندن)، إحدى المؤسسات المالية القوية فى أوروبا، إن قمة مجموعة العشرين القادمة "ستكون لها أهمية كبرى" فى تمكين الدول الكبرى فى العالم من الحديث حول القضايا العالمية الراهنة.
وفى مقابلة حديثة وحصرية مع وكالة انباء (شينخوا)، قال بوليت إنه يتوقع أن تعمل القمة على الدفع نحو تحقيق قفزات تنموية هامة على مستوى العالم، وعلى تعزيز التجارة الدولية وتنمية التمويل الأخضر والاستثمار فى البنية التحتية.
وقال "اقتصاد العالم لا يزال هشا للغاية، ونحن نتوقع من حكومات الدول الكبرى أن تبذل ما فى وسعها لتعزيز النمو الاقتصادى والتجارة الدولية، وتعزيز مجالات التمويل الأخضر وتمويل البنية التحتية والتكنولوجيا المالية."
مواجهة المخاوف
ويقول بوليت، الذى يشغل منصب رئيس لجنة السياسات والموارد بالشركة منذ عام 2012، إنه يأمل أن يعيد زعماء قمة مجموعة العشرين التأكيد على أهمية التجارة الدولية وسط تزايد المخاوف بشأن إعادة إقامة الحواجز التجارية.
وحذر "هناك مخاوف بشأن نمو التجارة الدولية، وتحديدا بشأن إقامة الحواجز التجارية فى بعض الحالات بدلا من إزالتها، فهناك تحركات على مستوى العالم فى هذا الاتجاه، تقوم على المخاوف من تأثير العولمة"، مضيفا أن هناك حاجة للتأكيد مجددا على أهمية التجارة وكيف تجلب النفع للشعوب فى كافة البلدان.
وقال بوليت "العالم ينتظر من قمة مجموعة العشرين أن تصدر بيانا قويا حول فائدة التجارة الدولية لكل البلدان."
وأشار إلى أن القمة سيكون باستطاعتها تحسين الاقتصاد فقط من خلال اتخاذ إجراءات عملية من جانب الحكومات الوطنية.
وأوضح "لذلك، فإن أي اتفاق حول أية إجراءات يمكن اتخاذها لمساعدة النمو الاقتصادي فى كل دولة على حدة، سيعود بالنفع على الاقتصاد العالمي كله."
وأكد بوليت خلال المقابلة على أهمية " المناقشات غير الرسمية الكثيرة" التى ستجرى بين زعماء العالم خلال القمة.
الصين وقمة العشرين
وحول دور الصين فى قمة مجموعة العشرين، قال بوليت إن الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ومن ثم "فهى تلعب دورا حيويا للغاية فى الاقتصاد العالمي."
وأوضح "حجم ومدى نمو الاقتصاد الصينى سيؤثر على الدول الأخرى فى العالم، وبالتالى أعتقد أن الدول الأخرى تتطلع إلى ان تبذل الصين كل ما فى وسعها للحفاظ على نموها الاقتصادي السريع الذى تزيد نسبته كثيرا مقارنة بالدول الغربية."
وأضاف أن تحرير الاقتصاد الصيني فى حد ذاته "سيمنح الكثير من الفرص للمؤسسات فى الدول الأخرى للاستثمار فى الصين ولإقامة أعمال بالشراكة مع الصين."
وحول التأثير المحتمل لقمة مجموعة العشرين فى هانغتشو، قال بوليت إنه يتوقع ان تؤدي القمة إلى دفع التنمية التى تحدث بالفعل الآن.
وأوضح بوليت "إن التأثير المحتمل، ببساطة، سيكون الدفع فى الاتجاه نفسه ومساعدة المبادرات العاملة بالفعل وإعطاء قوة دافعة اضافية لتحقيق إنجازات هامة للتنمية على مستوى العالم والمساعدة فى تعزيز التجارة الدولية وتعزيز مجالات مثل التمويل الأخضر والاستثمار فى البنية التحتية."
وحول الحوكمة الاقتصادية الدولية، قال بوليت إن الصين "بحاجة إلى لعب دور هام للغاية فى الوكالات الدولية. يتعين على ثانى أكبر اقتصاد فى العالم أن يلعب دورا أكبر فى المؤسسات الدولية، فلا يمكن أن يكون لاعبا فى الصف الثاني وهو اقتصاد بهذا الحجم الكبير."
العلاقات الصينية - البريطانية
فى أواخر يوليو، أعلنت الحكومة البريطانية تعليق برنامج محطة هينكلي بوينت للطاقة النووية حتى خريف العام الجاري لحين إعادة النظر فى المشروع المقترح تنفيذه جنوب غرب انجلترا .
وفى مقال نشر مؤخرا بصحيفة (فاينانشال تايمز)، قال سفير الصين لدى بريطانيا ليو شياو مينغ إن العلاقات الصينية - البريطانية "فى منعطف تاريخى حاسم"، وأن محطة هينكلي بوينت تثمل "اختبارا للثقة المتبادلة" بين البلدين.
غير أن بوليت أكد على أن المحطة لا تمثل قضية سياسية وأنها لا يجب أن تضر بالعلاقات الصينية - البريطانية.
وقال "لا أعتقد أنه من الصواب النظر إلى جانب واحد من جوانب التنمية ثم القول بأن هذا الجانب هو الوحيد الذى يمثل أهمية."
وتابع "انه نوع من الاستثمار فى الأساس، ويجب أن يعمل على أساس أنه استثمار، وبتعبير دقيق، فإن الحكومة البريطانية تريد أن تضمن أنه الاستثمار الصحيح الذى يصلح لعالم اليوم."
ومشيرا إلى أن لندن المركز الغربي لتداول اليوان فى الخارج، فإن بوليت يتوقع أن يستمر وزراء بريطانيا الجدد فى سياسات الوزراء السابقين نفسها.
وقال بوليت "هناك سياسات ترتبط بالحكومات بشكل عام، بغض النظر عن الأشخاص الذين يتداولون السلطة، وقد أكدت رئيسة الوزراء البريطانية بالفعل على رغبتها فى استمرار العلاقات القوية بين بريطانيا والصين ."
وتابع "نريد أن نرى المزيد من إصدار السندات فى سوق لندن من جانب المؤسسات الصينية التى تتعامل باليوان، ومن ناحية اخرى، فإن المؤسسات البريطانية حريصة على زيادة استثماراتها فى الصين، ولهذا فهناك الكثير مما يتعين فعله."
تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
وبالنظر إلى تبعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال بوليت إنه يأمل فى ألا يؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشكل سلبي على العلاقة بين بريطانيا والصين.
وأكد "بالنظر إلى ما فعلناه حتى الآن، و بالنظر إلى التحليلات والمحادثات التى قمنا بها، فنحن لا نلمس أى تراجع فى الرغبة فى تعزيز العلاقات بين بريطانيا والصين."
وقال بوليت "أوروبا تمثل سوقا هامة للغاية بالنسبة لبريطانيا، وهناك بالفعل علاقات قوية للغاية بين بريطانيا وأوروبا. نتمنى الحفاظ على تلك العلاقات، وسنستمر فى تعزيز علاقاتنا مع الصين."
وأوضح بوليت أن العلاقات بين بريطانيا والصين، فى أغلبها، لا تعتمد على الاتحاد الأوروبي.
وقال بوليت "لا أعتقد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو العامل الذى سيدفع بريطانيا نحو تعزيز علاقاتها مع الصين، لأن بريطانيا تريد أن تفعل ذلك على أية حال، بعيدا عن وجودها فى الاتحاد الأوروبي من عدمه."
وتابع "لا نرى فى الأمرين بديلا عن الآخر. بريطانيا بحاجة إلى علاقات قوية للغاية مع الاتحاد الأوروبي، مثلما هى بحاجة إلى للعلاقات نفسها مع الصين."