منذ أن حلت الأزمة المالية العالمية في عام 2008،اعتمد صناع السياسات في الاقتصادات المتقدمة أنواعا مختلفة من الإجراءات، التي تدرجت من الإجراءات المالية والنقدية وصولا إلى الهيكلية منها،في محاولة لإنعاش الاقتصاد ولكن دون جدوى.
وثبت أن الأدوات التي استخدمت للتعامل مع الأزمة المالية العالمية في مرحلتها المبكرة، مثل العجز الضخم والتيسير الكمي، غير كافية في مواجهة تباطؤ للنمو الاقتصادي العالمي.
ونتيجة لذلك، تطبق كل من منطقة اليورو واليابان حاليا أسعار فائدة بالسالب فيما أخفقت موجات من التيسير و"الأموال الرخيصة" الضخمة في تنشيط اقتصاداتها.
وكان بيتر فاندن هوت كبير الاقتصاديين في بنك (آي.أن.جي) البلجيكي قد صرح بأن "صندوق أدوات البنك المركزي الأوروبي يتجه إلى أن يصبح فارغا ".
وفي الوقت ذاته، لا تزال أزمة المهاجرين تسيطر على أوروبا، وتترك تأثيرا عميقا على الاقتصاد والمجتمع الأوروبيين.
ومن الناحية الاقتصادية، ينظر للمهاجرين أو اللاجئين، وأغلبهم من الشباب، على أنهم تكملة لسوق العمل المتزايد في الشيخوخة بأوروبا، رغم أن مشكلات الاندماج أخذت تطفو على السطح.
وتنقسم أوروبا حول كيفية التعامل مع أزمة المهاجرين. وساعد هذا الانقسام على تحفيز بروز أحزاب سياسية منتمية لليمين المتطرف تغذيها النزعة المحافظة والشعبوية في أنحاء القارة، وأثر سلبا على انفتاح الكتلة في مجالي التجارة والاقتصاد.
كما أن للولايات المتحدة، وهي أكبر اقتصاد في العالم، مشكلاتها الخاصة حيث أفادت مجلة ((الإيكونومست)) التي تحظى بتقدير كبير أفادت بوجود انقسام واستقطاب في المجتمع الأمريكي.
وأشارت إلى أن الحقيقة المتمثلة في أن يصبح دونالد ترامب مرشحا للرئاسة تظهر مدى غضب واستياء الشعب في المجتمع الأمريكي.
وفي اليابان، قدم رئيس الوزراء شينزو آبي خطة تحفيز رفيعة ووعدم باستخدام "ثلاثة سهام" تتمثل في التحفيز النقدي والتحفيز المالي والإصلاح الهيكلي لإعطاء دفعة للنمو الاقتصادي . بيد أن النتائج أظهرت بوضوح أن "السهام الثلاثة " فشلت في تحقيق الهدف أو لم تأت بالنتائج المرجوة.
وقال بعض خبراء الاقتصاد إن الاقتصادات المتقدمة تواجه مجتمعا يتسارع فيه معدل الشيخوخة، وطلبا راكدا في السوق، وديونا مستمرة. وأشاروا إلى أن هذا الوضع الصعب يعد نتيجة تراكمية لأزمات الديون على المدى الطويل.
وبعبارة أخرى، فإن أزمات الديون لدى الاقتصادات المتقدمة بعيدة عن الانتهاء. ولكن الاقتصادات المتقدمة محاصرة الآن في مأزق يتمثل في كيفية حل المشكلات: فالسوق ستفقد الثقة إذا ما ظلت الخطى بطيئة للغاية، فيما سيلحق الضرر بالانتعاش الاقتصادي إذا ما تحرك بسرعة كبيرة للغاية.
وفي عملية الإصلاحات الهيكلية الحاسمة، تعاني الاقتصادات المتقدمة وتتقدم ببطء بسبب صراع الأطراف، وغموض أهداف الإصلاح واتجاهاته وخطواته، فضلا عن السياسات المتذبذبة.
وفيما يتعلق بالسوق، لا تكترث بعض أجهزة السوق الرئيسية في الاقتصادات المتقدمة بالمخاطر بعد الأزمة المالية العالمية فيما يشعر الممولون والشركات بالرضا عن النفس مع وجود ميل إلى مواصلة تحقيق أرباح قصيرة المدى ومواجهة الكثير من المخاطر، هكذا قال بعض الخبراء محذرين من خطر اندلاع أزمة مالية جديدة.
ok