بكين 4 يوليو 2016 / في وقت تصاعدت فيه التوترات في بحر الصين الجنوبي، شنت واشنطن وحلفاؤها حملات مغرضة ضد الصين مستخدمين عبارة " تستأسد" للإشارة إلى أنشطتها في المنطقة.
غير أن هذا الاتهام الجزافي دحضه الخبراء الذين أشاروا إلى حقيقة أن الصين لم تستأسد على أي دولة في نزاعات بحر الصين الجنوبي. بل مارست ضبط النفس إلى أقصى حد ممكن في هذه القضية.
--الصين: لم تستأسد وإنما هي ضحية
وقال شيوى لي بينغ، زميل الأبحاث البارز بالمعهد الوطني للاستراتيجية الدولية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن "الصين لم تستأسد أبدا على المطالبين الأصغر فيما يتعلق بقضية بحر الصين الجنوبي، بل أن الأمر يتعلق بالحفاظ على سيادتها وفقا للقواعد الدولية والقوانين ذات الصلة".
وأكد الخبير أن الصين بالفعل هي الضحية الأكبر في نزاعات بحر الصين الجنوبي.
وقال " الصين لم تختبر أبدا قوتها لتغيير الوضع القائم في المنطقة، كما أن أعمالها الإنشائية في البنية الأساسية نُفذت على جزرها بدلا من الاستيلاء على جزر الآخرين".
وقد أيدت الصين دوما كما أشار العديد من الخبراء التسوية السلمية للنزاعات على الأراضي عبر التفاوض. وتعاملت مع قضية بحر الصين الجنوبي بطريقة بناءة وأبقت دوما أبواب الحوار مفتوحة.
لكن بدون إخطار مسبق أو تغيرات، أخذت الفلبين نزاعها مع الصين إلى التحكيم الدولي.
وقال شيوي" قضية المحكمة في هذه الحالة من شأنها أن تدول وتعقد فقط قضية بحر الصين الجنوبي، ما سيشكل خيانة صارخة لإعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي الموقع من قبل الصين ودول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) العشر الأعضاء في 2002".
حتى أنها منذ أن بدأت التحكيم في مطلع عام 2013 في محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي، أغلقت مانيلا باب التفاوض وقامت بخطوات استفزازية انتهكت حقوق الصين المشروعة ومصالحها.
وفي شهر مارس وحده، سمحت الفلبين للولايات المتحدة بالوصول عسكريا إلى 5 قواعد قرب المياه المتنازع عليها مع الصين وفقا لاتفاقية الدفاع المجددة مع واشنطن. كما استأجرت طائرات عسكرية من اليابان وحصلت على مقاتلات ورادارات مراقبة من كوريا الجنوبية.
ووفقا لوزير الخارجية الصيني وانغ يي، فإن طائرات الجيش الفلبيني انتهكت بشكل صارخ المجال الجوي فوق الشعاب المرجانية لجزر نانشا الصينية أكثر من 50 مرة في عام 2015 وحده.
وقال وانغ في فبراير في واشنطن" هل أنها دولة كبيرة تستأسد على الدول الأصغر؟ أم العكس؟
ومن أجل السلام والاستقرار في المنطقة، مارست الصين أقصى درجات ضبط النفس لكن أن أحدا لا يمكن أن يشكك في إرادة الصين في الحفاظ على مصالحها الجوهرية.
وكما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن " الصين لا تستأسد على الدول الصغيرة، لكننا لن نتحمل بأي حال من الأحوال أن تسوق دولة صغيرة الأعذار وتؤذي مصالح الصين".
-- الولايات المتحدة: يد خفيفة وراء بحر الصين الجنوبي
وفي بعض التقارير الإعلامية الغربية بشأن قضية بحر الصين الجنوبي، وُصفت الصين غالبا بأنها إمبراطورية لا تكل ولا تمل عن " التنمر" على الدول الأصغر " وعسكرة " بحر الصين الجنوبي، وتخريب " حرية الملاحة" وتحدي القانون الدولي.
والهدف من وراء حملة الدعاية هذه هو جعل الصين كبش فداء للوضع المتوتر في منطقة بحر الصين الجنوبي، وفقا لما قاله بعض الخبراء، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة بالمعني الحقيقي هي اليد الخفية التي تقف وراء تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي.
ولا يعتبر تصاعد التوتر في المنطقة حادثا عارضا أو منعزلا وإنما هو نتيجة استراتيجية " محور آسيا" الأمريكية، وفقا لما ذكره الأستاذ المشارك بجامعة هيوستن داون تاوت بيتر لي لوكالة ((شينخوا)) في مقابلة أجرتها معه مؤخرا.
وقال لي "بالنسبة للولايات المتحدة، يحتل شرق آسيا على وجه خاص مكانة إستراتيجية في السياسة الخارجية الأمريكية. ومع ذلك، علينا أن نفهم أن السياسة الخارجية الأمريكية تقوم دائما على حسابات دقيقة للمصلحة الوطنية الأمريكية".
وتابع بقوله "فعلى سبيل المثال، كانت الولايات المتحدة هي من ساعد الحكومة الصينية في عام 1947 على استعادة جزر بحر الصين الجنوبي. أما اليوم، فمن الواضح أن الولايات المتحدة غيرت موقفها. وهذا التغيير في الموقف، القائم على أساس فهم جديد للوضع في شرق آسيا والقوة الناهضة للصين، يبعث برسالة واضحة للدول التي لديها نزاعات على أراض مع الصين، مثل الفلبين".
ومن الواضح أن عملية توطيد العلاقات القائمة أعطت مانيلا إشارة بأن أعمالها في بحر الصين الجنوبي تحظى بدعم من الولايات المتحدة.
وذكر لي أن تعزيز تحالفها مع الحلفاء في المنطقة وتقوية العلاقات الجديدة مع دول )الآسيان( وتوطيد الصلات الأمنية القائمة تخدم الهدف الإستراتيجي لواشنطن المتمثل في إضعاف مكانة الصين بالمنطقة.
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة ترى أنه يمكن جذب الصين إلى نزاعات ممتدة. وحينئذ يتم تحويل الموارد إلى الاستعدادات العسكرية، ما يؤثر على مستوى معيشة الشعب".
وأضاف أن الأعمال البحرية التي تقوم بها بحرية الولايات المتحدة في المنطقة بعثت برسالة واضحة للأطراف المعنية في النزاع مفادها أن واشنطن لديها موقف يتعارض مع موقف الصين. و"أرى من وجهة نظرى أن انحياز الولايات المتحدة لطرف في النزاع ببحر الصين الجنوبي يخدم أهداف أمريكا ويقوضها في آن واحد".
وكتبت شانون ابراهيم، المعلقة الجنوب إفريقية الشهيرة، في مقالة مؤخرا أنه كلما نقب الشخص أكثر عن حقيقة قضية بحر الصين الجنوبي، اتضح له أكثر أن الولايات المتحدة تعتقد بالفعل أنها تملك الحق في التلاعب بالديناميكيات الإقليمية في الحديقة الخلفية للصين من أجل تطويقها كقوة عظمى صاعدة.
وقالت في تعليق بصحيفة ((ستار)) في أواخر مايو " بالمعني الحقيقي الولايات المتحدة لها يد خفية وراء تصاعد التوتر، إذ تجري تدريبات بحرية مشتركة مع المطالبين، وتخطط لحوادث مواجهات مع سفن البحرية الصينية، حتى إنها اعترفت جزئيا بإعادة تسمية الفلبين لبحر الصين الجنوبي ببحر الفلبين الغربي".
وفي إشارة إلى قلق الولايات المتحدة على حرية الملاحة، قالت ابراهيم إن " الصين ملتزمة على قدم المساواة بهذا المبدأ ولم تحاول أبدا إعاقة الملاحة التجارية بأي طريقة".
وأضافت قائلة: " في هذه القضية، الصين في صفها القانون الدولي".
واختتمت بقولها " على الرغم من محاولات الدول المجاورة التعدي على الجزر والاستيلاء عليها، الصين تملك دليل سيادتها على تلك الجزر والذي يعود إلى قرون مضت".