جيوتشيوان 9 إبريل 2016 / نجحت الصين في إطلاق قمرها الصناعي القابل للاسترجاع يوم الأربعاء الماضي، للقيام بعدة تجارب علمية في الفضاء الخارجي لا يمكن القيام بها على الأرض ، والتي تشمل تجارب حول استنساخ خلايا الحيوان بالاستفادة من الجاذبية الصغرى، وهو أمر من شأنه أن يلقي مزيداً من الضوء على الاستنساخ البشري في الفضاء.
وتعد الصين الدولة الثالثة في العالم التي تجيد تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية القابل للاستعادة ، بعد الولايات المتحدة وروسيا.
ويتكون القمر الاصطناعي "إس جي-10" الذي صُمم على شكل رصاصة، ويبلغ عمره الافتراضي 15 يوما، من وحدة مدارية ومركبة للعودة، وسيكون مكلفاً بإجراء 19 اختبارا علميا غير مسبوق عالمياً،ما يجعل مهمته واحدة من أكبر مهمات الاختبار التي تُجرى لمرة واحدة في العالم أيضا.
ومن أهم الاختبارات المنوطة بالقمر الصناعي المذكور، تجربة رصد تطور أجنة الفئران في المرحلة الأولى في بيئة الجاذبية الصغرى، بهدف تسليط الضوء على إمكانية استنساخ البشر في الفضاء.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن من شأن التجارب الأخرى أن تساعد العلماء في إيجاد أجوبة لأسئلة مثل "مالذي يمكننا عمله في حال حصول حريق في المركبة الفضائية" و"هل يمكن لإنسان العيش بصحة جيدة لمدة طويلة في الفضاء؟" و"هل يمكن للزهور أن تتفتح بميعادها الطبيعي إذا ما نشأت في الفضاء الذي لا يوجد فيه فروق بين النهار والليل وبين الفصول الأربعة ، فضلا عن عدم وجود اختلاف بين الأعلى والأسفل؟" وإلى ما هنالك من هذه الأسئلة .
ومن أجل ذلك، سيسعى العلماء من خلال نتائج التجارب المذكورة للتركيز على دراسة آثار الأشعة الفضائية على استقرار جينات خلايا الفئران وذبابات الفاكهة، إضافة للبحوث في مجالات فيزياء سوائل الجاذبية الصغرى والإحراق في الجاذبية الصغرى والمواد الفضائية وآثار الأشعة الفضائية وآثار الجاذبية الصغرى للبيولوجيا والتكنولوجيا البيولوجية الفضائية وغيرها.
وفي هذا السياق؛ أكد هو ون روي، كبير علماء المهمة، أن "كل الاختبارات التي ستقام على متن "إس جي-10" هي تجارب غير مسبوقة في الصين أو في أي دولة أخرى، وقد يؤدي نجاح المهمة إلى إحداث اختراق حاسم في مجال البحوث العلمية الفضائية."
ويعتبر مشروع القمر الاصطناعي "إس جي-10" جزءا مهما ضمن خطة نامية ضخمة للبحوث العلمية الفضائية في الصين، حيث تم تطوير هذا المشروع عن طريق جهود أحد عشر قسما تابعا لأكاديمية الصين للعلوم إلى جانب ست جامعات صينية، والتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية ، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية.
جدير بالذكر أن "إس جي-10" سينضم إلى مجموعة من أربع أقمار اصطناعية علمية في إطار الخطة الفضائية التي تسير تحت إشراف أكاديمية الصين للعلوم، ويمتاز "إس جي-10" بميزة الاستعادة بخلاف الأقمار الاصطناعية الثلاثة الأخرى ، وهو القمر الاصطناعي الـ 25 القابل للاستعادة الذي تطلقه الصين.
وبخلاف الأقمار الاصطناعية الـ24 السابقة التي هبطت في مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين، يتوقع أن يهبط "إس جي-10"، عقب إكمال مهمته التي ستمتد لأسبوعين ، في منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم، التي كانت موقع الهبوط المحدد لمشروع شنتشو الفضائي المأهول الصيني في عام 2014.
-- عصر جديد
وتم إطلاق "إس جي-10" بعد ثلاثة أشهر على إطلاق الصين أول مستكشف فضائي صيني لجسيمات المادة المظلمة في شهر ديسمبر الماضي، من أجل تسليط الضوء على هذه المادة غير المرئية.
ومن المتوقع أن يُطلق قمران اصطناعيان علميان آخران، أحدهما لتجارب علم الكم، والآخر عبارة عن منظار قوي يعمل بالأشعة السينية لرصد الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية والظواهر الأخرى، حيث من المقرر أن يطلق في وقت لاحق من العام الجاري في إطار خطة الأكاديمية.
وسوف ترمز سلسلة الأقمار الاصطناعية العلمية هذه، إلى خطوة عظيمة جديدة لمشاريع الصين الفضائية التي تبلغ تكاليفها مليارات الدولارات الأمريكية ، إضافة إلى كونها مصدر فخر كبير للبلاد وعلامة على مكانتها الدولية المرموقة وامتيازها في الخبرات الفنية.
وفي هذا السياق، كانت الصين قد أرسلت أول رائد فضائي في عام 2003 لتصبح الدولة الثالثة التي تحقق السفر الفضائي المأهول بشكل مستقل بعد الولايات المتحدة وروسيا، ومن ثم في عام 2008 نجح الرواد الفضائيون الصينيون على متن المركبة شنتشو-7 في السير في الفضاء لأول مرة في تاريخ الصين.
وفضلا عن ذلك، تخطط الصين لإتمام إنشاء محطتها الفضائية بحلول عام 2020.
بيد أن الصين تركز جهودها على الاستكشاف البشري وآلية إتمام ذلك، وتسعى قدما لتحقيق ذلك رغم محدودية الاستثمارات نسبيا.
وبعد 46 عاما على إطلاق الصين أول قمر اصطناعي لها في 1970، تأمل البلاد التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أن تحقق تغيرا ومن ثم اختراقا رغم امتلاكها عددا محدودا من الأقمار الاصطناعية الخاصة للبحوث العلمية.
وحول هذا الأمر؛ قال وو جي، مدير المركز الوطني للعلوم الفضائية، إن الصين أصبحت لاعبا رئيسيا في مجال الفضاء، لكنها لا بد وأن تطلق مزيدا من الأقمار الاصطناعية الخاصة بالبحوث العلمية الفضائية إذا ما كانت تسعى لتحقيق تقدم أكبر.
وأكد وو أن العلوم الفضائية مهمة بشكل كبير للتحديث التكنولوجي والإبداع ، مشيرا إلى أن الصين ما زالت في موقع المستخدم للعلوم الفضائية في الوقت الراهن، إلى أن عليها السعي لتتولى دور المبدع .