تعليق: بعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت بروكسل .. كيف تواجه اوروبا الارهاب؟

ضربت انفجارات متزامنة في مطار ومحطة مترو مالبيك بالعاصمة البلجيكية بروكسل صباح يوم 22 مارس الجاري، أدت إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى. ومما لا شك فيه، فإن الحادث هو هجوم ارهابي كبير اخر في اوروبا بعد سلسلة من الهجمات الارهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس العام الماضي.

ويعتقد الخبراء، أن ما يميز التهديدات الارهابية التي تواجهها اوروبا هو توسيع النطاق والنشأة الداخلية. وبالنظر بعمق، فإن الكثير من الهجمات الارهابية التي استهدفت اوروبا ناتجة عن عوامل خارجية مهمة، ولكن ترتبط بمشاكل عديدة داخلية ايضا. وينبغي على اروبا التركيز على المستوى التكتيكي والاستراتيجي في مكافحة الارهاب واتخاذ تدابير ملموسة وفعالة لكبح الانشطة الارهابية.

من "الحرب الفرنسية" إلى "الحرب الاوروبية"

أعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس يوم 22 مارس الجاري الّتي ضربت العاصمة البلجيكية بروكسل، عن أنّ أوروبا اليوم في حالة حرب، وان مستوى التهديد الارهابي حاليا اعلى. وهذا يمكن ان يسمح لنا بالربط بين هجمات بروكسل وما شهدته العاصمة الفرنسية باريس من هجمات ارهابية في نوفمبر الماضي، واعلان الرئيس فرانسوا هولاند حالة الطوارئ ، قائلا:" فرنسا في حرب". وإن تعرض اثنان من المدن الاوروبية لهجمات ارهابية كبيرة خلال اربعة اشهر فقط، يعكس مدى توسع التهديدات الارهابية التي تواجهه اوروبا. وبالرغم من أن استخدام مصطلح " الحرب" لوصف الوضع الحالي مبالغ فيه بعض الشيء،إلا أنه يعكس مدى قلق الاوروبيين. وقال البروفيسور وو شاو تشونغ استاذ في معهد مكافحة الارهاب في جامعة الامن العام الشعبية الصينية في مقابلة صحفية مع وكالة انباء شينخوا ، أن اوروبا عززت جهودها للقضاء على الارهاب بعد الهجمات الارهابية في باريس، ومع ذلك ، اثبتت هجمات بروكسل أنه لا يزال وجود تربة لانتشار الارهاب في اوروبا. ووفقا للتقارير، كشف روب وينرايت رئيس جهاز الشرطة الأوروبية يوروبول مؤخرا ، عن احتمال عودة 5000 مواطن من دول الاتحاد الأوروبي الذين انضموا الى صفوف المنظمات الارهابية سابقا الى الأراضي الأوروبية. ويعتقد أن أوروبا تواجه حاليا أكبر تهديد إرهابي منذ 10 سنوات، وأن تنظيم " الدولة الاسلامية" او غيرها من الجماعات الارهابية قد تشن هجمات ارهابية جديدة في اوروبا، مما ستتسبب في سقوط المزيد من الضحايا.

من "الإرهاب الأجنبي" إلى "الإرهاب المحلي"

شهدت القارة الاوروبية استقرارا نسبيا في السنوات الاخيرة، لماذا تحولت الى هدف لاعتداءات ارهابية؟ يعزي البعض ذلك الى تنظيم " الدولة الاسلامية" ، ويعتقدون أن القوى الارهابية المتفشية في دول الشرق الاوسط المضطربة توسعت وانتشرت في اوروبا. كما يعتقد البعض، أن له علاقة بتدفق اعداد كبيرة من اللاجئين في اوروبا، متهمين هؤلاء بجلب المتاعب الى اوروبا. وينبغي القول أن بعض هذه الاراء حقيقة، ولكن لا تعكس الازمة بالكامل. وأن أهم ما ميز الانشطة الارهابية في اوروبا خلال السنوات الاخيرة، هو زيادة المزج بين " الارهاب الخارجي " والارهاب المحلي". و إن السبب الرئيسي يعود الى تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة في البلدان الاوروبية في السنوات الاخيرة، مما وفر تربة خصبة لانتشار التطرف. ويعتقد البروفيسور وو شاو تشونغ أنه يمكن أن نرى من الهجمات الارهابية التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس أن بعض جوانب التنفيذ الرئيسية تم تنظيمها في داخل اوروبا. وستواجه اوروبا صعوبة القضاء على خطر الارهاب المحلي، إذا ما لم توقف انتشار الافكار الارهابية الى اوروبا، ووقف الجماعات الإرهابية من زيادة انتشار نفوذها الإيديولوجي وتجنيد الشباب. ويتفق مع نفس الراي ايضا، تشو يين أستاذ مشارك في مركز ابحاث العولمة في كلية العلاقات الدولية ، حيث يرى أن التهديدات الارهابية التي تواجهها اوروبا حاليا لا تتعلق بانتشار نفوذ " الدولة الإسلامية " فقط ، والأكثر من ذلك، هي مشكلة عودة المتطرفيين الى اوروبا بعد انضمامهم الى تنظيم " الدولة الاسلامية" في الشرق الاوسط.

طريقة مواجهة الارهاب في اوروبا

يرى مراقبون أن مستقبل أوروبا مرتبط بمواجهة فعالة لخطر الارهاب، وضرورة تنفيذ اجراءات فعالة من المستوايات التكتيكية والاستراتيجية. أولا، من المنظور التكتيكي، اوربا بحاجة الى جهود كبيرة لتعزيز جمع المعلومات الاستخباراتية لمكافحة الارهاب، ومعرفة المخططات الارهابية والقضاء عليها في القوت المناسب قبل تنفيذها، تعزيز ادارة الهجرة لمنع تسلل الارهابيين الى اراضيها تحت ستار اللاجئين ، رفع الحكومة مستوى الامن في الانفاق والمطارات وغيرها من المرافق العامة الحيوية، والحاجة الى تطبيع مستوى عال من الامني. ثانيا، البيئة الخارجية، ينبغي على اوروبا وضع خلافاتها مع بعض الدول جانبا والانضمام الى المجتمع الدولي لتعزيز القوات محاربة تنظيم " الدولة الاسلامية" والتي لا تزال متفشية في سوريا والعراق وليبيا واليمن وأماكن أخرى، حيث أن توسع الاضطرابات في هذه الاماكن السبب الرئيسي وراء توسيع فضاء المنظمات الارهابية. ومن خلال مساعدة هذه البلدان لاستعادة النظام في أقرب وقت ، يمكن الحفاظ على الامن في اوروبا وبقية دول العالم. وأخيرا، يتعين على اوروبا التركيز على تعزيز حل مشاكلها من الجذور، مثل تردي الاحوال الاقتصادية، القضاء على الحواجز الدينية والثقافية. وتؤدي هذه المشاكل الي تشويش على بعض الاوروبيين وتحويلهم الى شركاء للجماعات المتطرفة.

http://news.xinhuanet.com/world/2016-03/22/c_1118409742.htm