دمشق 4 مارس 2016 / دخلت هدنة وقف العمليات القتالية يوم الجمعة يومها السابع، وبرغم وجود بعض الخروقات في عموم المناطق السورية، فإنها لا تزال مستمرة، ترافق ذلك مع تواصل العمل لإدخال مساعدات إنسانية إلى بعض المناطق في ريف دمشق.
وشهدت العاصمة دمشق خلال الأيام الماضية حالة من الهدوء في معظم شوارعها الرئيسية، وخاصة في الأحياء القريبة من المناطق الساخنة بريفها الشرقي، كما سجلت الأسواق الرئيسية حركة نشطة للمواطنين. ولم يتم تسجيل أي خرق في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة المسلحة، كما لم يتم سماع دوي انفجارات أو تحليق للطيران الحربي في السماء، بحسب مراسل وكالة ((شينخوا)) بدمشق.
وفي يوم الجمعة باعتباره عطلة نهاية الأسبوع في سوريا، وإثر الهدنة وتوقف العمليات العسكرية، فقد شهدت المطاعم والمنتزهات في منطقة الربوة القريبة من دمشق (غربا )، اكتظاظا، لم تشهده منذ سنوات، وكذلك في مناطق باب توما والقصاع بدمشق شرقا، ذات الغالبية المسيحية التي كانت في الماضي هدفا لسقوط قذائف الهاون بشكل مستمر، حيث كان الشبان يجلسون في المقاهي والمطاعم ويستذكرون أيامهم التي خلت، بحسب مراسل ((شينخوا)) .
وقال مدير المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، الفريق سيرغي كورالينكو، في بيان له يوم الجمعة إنه "تم التوقيع على وقف القتال مع قائد جماعة (جيش الإسلام )، التي تسيطر على بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، كجزء من الأنشطة التي يقوم بها المركز الروسي".
وأضاف كورالينكو أنه، وعلى مدى اليومين الماضيين، تم التوقيع على وقف القتال مع قادة خمس جماعات من المعارضة المعتدلة في محافظة درعا، مشيرا إلى استمرار المفاوضات مع قادة أربع مجموعات معارضة مسلحة أخرى في محافظات دمشق وحمص ودرعا .
في حين نفى (جيش الإسلام ) هذا الخبر عبر بيان نشرته عدة صفحات تابعة للمعارضة المسلحة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية رصدها 41 خرقا للهدنة من قبل المسلحين في سوريا، خلال يومي 2 و 3 مارس الحالي.
ومع استمرار الهدنة، بدأت قافلة مساعدات، مساء يوم الجمعة، بالدخول إلى الغوطة الشرقية في ريف دمشق، في طريقها إلى 3 مدن سورية محاصرة هناك، في وقت تأمل الأمم المتحدة أن تتمكن من إيصال مساعدات إضافية، مستفيدة من وقف الأعمال القتالية، بحسب مصدر في الهلال الأحمر السوري لوكالة ((شينخوا)) .
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا، يعقوب الحلو، في تصريح للصحفيين خلال وصول القافلة إلى مخيم الوافدين بريف دمشق الشمالي، آخر نقطة تحت سيطرة القوات النظامية قرب الغوطة الشرقية، "نواصل اليوم هذه العملية الإنسانية بإدخال المزيد من المساعدات إلى مدن في الغوطة الشرقية في ريف دمشق".
وأوضح أن القافلة التي تضم 23 شاحنة محملة بمساعدات غذائية وطبية ومواد تغذية للأطفال، ستصل إلى 20 ألف شخص في سقبا وعين ترما وحزة، التابعة إداريا لبلدة كفربطنا.
وأضاف أن إدخال المساعدات "سيتواصل في الفترة المقبلة ونحن مستعدون بشكل تام كمنظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة وشركائنا، وعلى رأسهم الهلال الأحمر العربي السوري وأيضا اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل المنظمات غير الحكومية الإنسانية التي تعمل في سوريا، للاستفادة من هذه الظروف المواتية هذه الأيام التي خفت فيها حدة العمليات العسكرية بصورة ملحوظة".
وتحاصر القوات النظامية منذ العام 2013 منطقة الغوطة الشرقية التي تعد أبرز معاقل الفصائل المقاتلة في ريف دمشق، وهذه المرة الثانية التي يتم فيها إدخال مساعدات عبر الأمم المتحدة إلى منطقة محاصرة منذ بدء تطبيق اتفاق أمريكي روسي تدعمه الأمم المتحدة لوقف الأعمال القتالية.
كما تم إيصال مساعدات غير غذائية الاثنين الماضي إلى مدينة معضمية الشام المحاصرة من القوات النظامية جنوب غرب دمشق. وقال الحلو نأمل أن "نتوسع في عملية إيصال المساعدات الإنسانية بهذه الظروف المواتية مع اتفاق وقف الأعمال العدائية"، مضيفا "المشوار سيستمر وسيشمل كل الغوطة الشرقية، وأيضا مدنا أخرى في سوريا، في شمال حمص وشمال حلب".
ووفقا للأمم المتحدة, يعيش حاليا 486 ألف شخص في مناطق يحاصرها الجيش السوري أو الفصائل المقاتلة أو تنظيم "داعش"، ويبلغ عدد السكان الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها 4.6 ملايين نسمة.
وأوضح الكرملين أن مكالمة هاتفية جرت يوم الجمعة بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي، تناولت الأزمة السورية في سياق تطبيق البيان الروسي-الأمريكي المشترك حول وقف الأعمال العدائية في سوريا والذي دخل حيز التنفيذ بدءا من 27 فبراير الماضي.
وأضاف في البيان له "أشار الزعماء بارتياح إلى الالتزام بنظام وقف إطلاق النار بشكل عام وإلى أنه بات يأتي بأولى النتائج الإيجابية. وعلى رأسها، خلق مقدمات لإطلاق عملية سياسية في سوريا عبر إقامة حوار سوري-سوري برعاية الأمم المتحدة".
كما ورد في البيان إن الزعماء أعربوا عن استعدادهم لتكثيف الجهود المشتركة لحل القضايا الإنسانية الأكثر حدة، مع التشديد على ضرورة الالتزام الصارم بشروط الهدنة بين جميع أطراف الأزمة السورية، والطابع الملح لمواصلة محاربة تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" والجماعات الإرهابية الأخرى بلا هوادة.