بقلم شن دينغ لي: أستاذ بجامعة فودان، ونائب مدير معهد الدراسات الدولية
تحدثت تقارير وسائل إعلام أجنبية عن إقتراب سفينة عسكرية صينية من المياه الأقليمية السورية، وذهبت بعض وسائل الإعلام إلى حد القول بأن الصين قد تتدخل عسكريا في سوريا لمساندة روسيا في ضرب تظيم داعش.
مع تنامي الدور الدولي للصين، وتزايد أعداد المواطنين الصينيين خارج البلاد، أصبح إمتداد الحماية التي توفرها الحكومة الصينية للمواطنين الصينيين إلى مناطق بعيدة في العالم شيء طبيعي. في ذات الوقت، بصفتها دولة رئيسية في العالم، يشهد شعور الصين بالمسؤولية وقدراتها على حماية السلام العالمي إرتفاعا سريعا. وقد تعهد الرئيس شي جين بينغ خلال زيارته إلى مقر الأمم المتحدة وحضوره سلسلة من قمم الجمعية العامة، بأن توفر الصين دعما ماديا وبشريا متزايدا للأمم المتحدة في مجال التنمية والتعاون الأمني.
لهذا، ستشهد المساهمة الصينية في قوات القبعات الزرقاء التابعة للأمم المتحدة إرتفاعا، وستصبح السلع العامة التي تقدمها الصين من أجل أمن وإزدهار العالم وضعا طبيعيا جديدا في المجتمع الدولي. كما ستشؤ الصين قوة شرطة دائمة لحفظ الأمن متكونة من 8 آلاف شرطي، مايعكس رغبة الصين في أن تصبح أكثر دولة حرصا داخل مجلس الأمن على حماية الأمن الدولي. وفي الحقيقة، قامت الصين بإرسال قوات عسكرية إلى كل من جنوب السودان ومالي، لتحمل المهام العسكرية الخطيرة التي حددتها الأمم المتحدة.
ورغم خطورة الوضع السوري، قامت الصين في العام الماضي بإرسال سفينة عسكرية إلى المياه السورية، للمشاركة في عملية تدمير السلاح الكميائي السوري. مايجعل إرسال الصين لسفن عسكرية إلى سوريا لتنفيذ مهام تتعلق بالأمن الدولي، سلوكا غير شاذ. لكن، مشاركة الصين في ضرب تنظيم داعش، تعد مسألة أكثر تعقيدا من المشاركة في أعمال حماية السلام داخل إطار الأمم المتحدة.
وفي الوقت الحالي تتقيد المشاركة الدولية للجيش الصيني بالمبادئ الخمس التالية: الدفاع عن النفس، تفويض الأمم المتحدة، مصالح الصين الهامة في الخارج، أقل مستوى من الأدوار السلبية، أعلى مستوى من تقييد إستعمال السلاح. أولا، الدفاع عن النفس، هو حق يضمنه ميثاق الأمم المتحدة، ويمكن ممارسته دون تفويض منها. ثانيا، ينص ميثاق الأمم المتحدة على أن كل إستخدام للقوة تحت تفويض من الأمم المتحدة هو سلوك قانوني. ثالثا، الصين لايجب ولايمكن أن تصبح شرطيا دوليا. وحتى إذا قام مجلس الأمن بإعطاء تفويض لإستخدام القوة، فإن المهمة ستتحملها مختلف الدول، وليس دولة واحدة. وفي إطار الموازنة بين مصالح الدولة والمسؤولية الدولية، فإن تدخل الصين سيقتصر على المصالح الصينية في الخارج. رابعا، حتى وإن فوض مجلس الأمن التدخل، فلا يعني ذلك عدم وجود نزاع دولي، وقد لا تكون النتيجة كما نحب ونشتهي. لذا، يجب تقييد الأدوار السلبية في أقل مستوى. خامسا، يجب الصبر على استعمال السلاح أكثر ما يمكن، بما في ذلك استعمال السلاح في إطار الأمم المتحدة.
إن مواجهة العنف بالعنف، لن تفلح في إجتثاث الإرهاب الدولي. إذ نجد أن عوامل تشكل تنظيم داعش بالغة التعقيد، فقد رزح الشرق الأوسط وإفريقيا زمنا طويلا تحت الإستعمار الغربي، وكانت الحدود التي وضعها الغرب لاتتماشى مع مفهوم الدولة القومية الذي طرحه، وهو اورث الدول المستقلة عنه العديد من التحديات على مستوى الإنقسام وإدارة الدولة. كما أن التدخل الأمريكي في العراق عام 2003 دون تفويض من الأمم المتحدة، والدعم الأمريكي للمعارضة السورية على تحدي الحكومة مثل فرصة جيدة لتنظيم داعش بتأسيس دولته المزعومة، ما أجبر جزء م الجيش الأمريكي على العودة إلى العراق. ويمثل تدهور الأوضاع في العراق نتيجة للتدخل الأمريكي في العراق بدون تفويض أممي. لاشك أنه يجب إيقاف الأعمال الإرهابية لداعش، لكن لجوء أمريكا وروسيا مرة أخرى إلى محاربة العنف بالعنف، قد يجعل الوضع أكثر سوءا.
إن تنفيذ المهام العسكرية الأممية واجب دولي للصين، لكن أي إستعمال للقوة في الخارج يجب أن يحترم المبادئ الخمس المذكورة سلفا. ومن هنا، نجد أن تدخل الصين لضرب تنظيم داعش مازال غير مطروح على الأجندة الصينية في الوقت الحالي.
هذا لا يعني أن الصين غير مهتمة بالوضع في الشرق الأوسط وسوريا، بل في ظل تنافس أمريكا وروسيا على منطقة الشرق الأوسط، على الصين أن تقول للعالم أن ما يحدث في الشرق الأوسط يرتبط بالمصالح الصينية، وأن الصين لديها أفكارها الخاصة في المعالجة السياسية لقضايا الشرق الأوسط، ولديها القدرة على أن تساهم في أمن الشرق الأوسط.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn