مساهمات الصين للعالم بعد الحرب العالمية الثانية: نظرة عامة

تصادف هذه السنة الذكرى السبعين لانتهاء الحرب العالمية ضد الفاشية. بهذه المناسبة، يحرص بعض العلماء من أصحاب الضمائر الحية على إحياء ذكرى واقعة تاريخية، تجاهلتها أو لم ترغب في مواجهتها والاعتراف بها الدول الغربية لمدة طويلة. هذه الواقعة هي التضحيات والمساهمات العظيمة التي قدمتها الصين حتى حققت قوة العدل النصر النهائي في هذه الحرب.

في مقابلة إعلامية، قال البروفيسور رانا ميتّر، أستاذ التاريخ في جامعة أوكسفورد البريطانية ومدير مركز أبحاث الصين: "الصين من أولى الدول التي قاومت اعتداء دول المحور عليها، ومقاومة الصين للعدوان الياباني من قصص الحرب العالمية الثانية العظيمة التي لم يتم سردها بشكل كاف. وقد حان الوقت للتوضيح من جديد بشكل شامل حرب المقاومة الطويلة ضد اليابان والدور الحاسم الذي لعبته الصين في الحرب العالمية الثانية."

انتصار قوى العدل المشتركة للبشرية على شرور الفاشية وبناء نظام سلام دولي بعد الحرب تحت قيادة الأمم المتحدة، كان حجر الأساس للتنمية المستمرة المستقرة لكل العالم خلال السبعين سنة الماضية. لقد أدت الصين واجبها في هذا المجال، ولكن مساهمات الصين لم تكن أبدا مقتصرة على ذلك.

طموحات عظيمة لدولة كبيرة

في عام 1956، ذكر الرئيس الراحل ماو تسي تونغ في مقالة له أن الصين دولة مساحتها تسعة ملايين وستمائة ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها ستمائة مليون نسمة، ولذا ينبغي أن تقدم مساهمات كبيرة نسبيا للبشرية. ولكن، لفترة طويلة ظلت هذه المساهمات محدودة. في نفس السنة، قال رئيس مجلس الدولة الراحل تشو أن لاي خلال لقائه مع ضيوف أجانب، إننا قدمنا مساهمات قليلة للعالم باعتبارنا دولة عدد سكانها ستمائة مليون نسمة، وفعلنا أقل بكثير مما فعل أسلافنا.

لماذا حدث ذلك؟ رأى دنغ شياو بينغ أن الصين لم تقدم المساهمات التي يتبغي لها أن تقدمها للعالم في العصر الحديث، بسبب العدوان الإمبريالي على الصين خلال أكثر من مائة سنة منذ حرب الأفيون (1840- 1842 م)، وبسبب فساد الحكومات الرجعية الصينية في العصور السابقة.

في عام 1978، قال دنغ شياو بينغ خلال لقائه مع رئيس رواندا، حينذاك: "نحن لا نعمل من أجل تحقيق التنمية الذاتية والتحديثات الأربعة فحسب، وإنما أيضا نود أن نقدم المزيد من المساهمات للبشرية مع تنميتنا الذاتية. في نهاية نفس السنة، حولت الصين مركز ثقل أعمالها إلى البناء الاقتصادي وفتحت عصرا جديدا لسياسة الإصلاح والانفتاح. وخلال أكثر من ثلاثين سنة بعد ذلك، زاد إجمالي الناتج المحلي الصيني بمعدل 9% سنويا، وارتفعت القوة الشاملة للدولة ارتفاعا سريعا، ولم يتحسن مستوى معيشة الصينيين فحسب، وإنما أيضا قدمت الصين مساهمات هامة في الحفاظ على سلام العالم وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم.

النمو الاقتصادي المستمر

تتمسك الصين بالإصلاح والانفتاح والاندماج العميق مع الاقتصاد الدولي. في عام 2014، بلغت نسبة مساهمة اقتصاد الصين في الاقتصاد العالمي حوالي 25%، وفي نفس السنة، بلغ حجم الاستثمار الخارجي للصين مائة وأربعين مليار دولار أمريكي، وبلغ حجم واردات الصين تريليوني دولار أمريكي، وصارت الصين أكبر شريك تجاري لأكثر من مائة وعشرين دولة ومنطقة، ووفرت للعالم بضائع متنوعة، رخيصة السعر وعالية الجودة، وخلقت لشركائها التجاريين في العالم عددا كبيرا من فرص التوظيف والاستثمار.

تعتبر الصين الدول المجاورة لها شركاء تعاون في التنمية المشتركة وتحافظ على التعاون الاقتصادي والتجاري مع اليابان وكوريا الجنوبية ومنغوليا وروسيا ودول آسيا الوسطى ودول جنوبي آسيا ودول آسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا). دعت الصين إلى إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وتعمل على تحسين بيئة الاستثمار والتمويل للبنية التحتية في الدول الآسيوية، وحظيت دعوتها برد إيجابي من معظم دول المنطقة. وطرحت الصين مبادرة "الحزام والطريق" (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين)، وإنشاء صندوق طريق الحرير، وتسعى إلى استراتيجية تنموية مع الدول المجاورة والدول التي يمر بها "الحزام والطريق"، وتعزز مع الدول المعنية المواصلات والاتصالات المتبادلة، وتشارك في فرص التنمية مع كافة الدول.