تعليق: التدخل المفرط لتركيا في الشؤون الداخلية للدول الاخرى يفقدها سمعتها الدولية

وصفت وسائل الاعلام الالمانية يوم 6 يوليو الجاري السلوك المتفشي لعدد قليل من القوميين المتطرفين في تركيا: "الغضب على الصين ثم مهاجمة جميع الاسيويين!". ونصحت وزارة الخارجية الصينية الرعايا الصينيين فى تركيا بتوخى الحذر بعد المظاهرات الاحتجاجات المناهضة للصين في تركيا.

كانت تركيا أول دولة اسلامية في الشرق الاوسط التي طبقت العلمانية منذ وقت مبكر جدا، ولكن النزعة القومية المتعصبة التي تركها التاريخ ولا تزال في قلوب البعض وراء دعمهم لحركة تركستان الشرقية الانفصالية. وإن اندلاع الاضطرابات في الشرق الاوسط في الوقت الذي تشهد فيه تركيا رفع مستوى معيشة الشعب وتنمية اقتصادية مستقرة نسبيا،جعل بعض الدولة العربية تفكر في أن ان تحذو حذو تركيا ومحاكاة " النموذج التركي". وهذا ما دفع بعض القوى السياسية في تركيا الى توسيع بتوسيع التدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى.

"تركيا في ورطة بسبب اليوغور"

ذكر باحث تركي انتاي اتولاي في مركز الدراسات الآسيوية في جامعة البوسفور في مقال نشره على صحيفة "آسيا تايمز" الهونكونكية، ان اليوغور ادخل تركيا في ورطة. ويعتقد انتاي اتولاي أن انقرة تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين اليوغور وحكومة بكين،"و اظهرت التطورات في الاسابيع القليلة الماضية، ان هذا التوازن هش للغاية، لذلك اصبح حفاظ انقرة على التوازن بين اليوغور وحكومة بكين صعب للغاية ."

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في بيان حول الاحتجاجات المناهضة للصين التى ازدادت فى تركيا فى الآونة الأخيرة:" نطالب تركيا باحترام السيادة والوحدة الوطنية الصينية وبأن تكون أكثر حذر فيما تبديه من أقوال وأفعال وأن تنضم إلى الجهود الصينية لضمان التنمية الصحية والمستقرة للعلاقات الثنائية."

وقال أندرى اوستروفسكى نائب مدير معهد الشرق الأقصى التابع للاكاديمية الروسية للعلوم، أن " تركستان الشرقية " الانفصالية مدعومة من قبل امريكا وغيرها من القوات الاجنبية، لكن التبعية التركية المبالغ فيها لن تجلب أي فائدة للمنطقة، ومن شانه ان يلحق ضرر بالغ بالمصالح الوطنية التركية في ظل التطورات السريعة للعلاقات الاقتصادية الصينية التركية.

قوى "تركستان الشرقية" الانفصالية تتخذ من التراب التركي مأوى لها

وعدت الحكومة التركية مرارا وتكرارا بعدم السماح لقوى " تركستان الشرقية" الانفصالية استخدام اراضيها لممارسات الانشطة الارهابية العنيفة ضد الصين. لكن، مؤشرات في السنوات الأخيرة تظهر ان تركيا تتواطأ سرا مع قوى " تركستان الشرقية" الانفصالية، والواضح اكثر هو انطلاق عناصر " تركستان الشرقية" الى اوروبا عبر تركيا. 

وفي نفس الوقت، اصبحت تركيا ملاذ لقوى " تركستان الشرقية " الانفصالية، حيث تعمل بتركيا ما يقرب من 20 منظمة " تركستان الشرقية".

يعيش في تركيا التي يبلغ عدد سكانها سبعين مليون نسمة مائة الف يوغوري، معظمهم من الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، والبعض منهم لا يعرفون حتى التغيرات والتنمية في شينجيانغ. وتقوم البعثات الدبلوماسية الصينية في تركيا بزيارة المواطنين المحليين من اليوغور والكازاخستان في كل المهرجانات التقليدية الاسلامية لتقديم التهاني والتبريكات.

المواطنون العاديون في تركيا لا يحملون مشاعر عدائية للصين

قال صاحب مؤسسة صينية يتعاون مع شركة سياحية تركية لمدى 15 عاما، ان خلال السنوات الاخيرة، شهد عدد المسافرين الصينيين الى تركيا تزايدا مستمرا، وقد تجاوز 500 ألف هذا العام، أي ما يعادل ثلاثة اضعاف العام الماضي، كما ان تذاكر السفر الى تركيا من يوليو الى سبتمبر هذا العام بيعت بالكامل. مضيفا، ما عدا اصحاب " النزعة القومية التركية" ، المواطنون العاديون في تركيا لا يحملون مشاعر عدائية للصين، وقد كانت اثار التقارير الخاطئة ومشوهة عن شينجيانغ لبعض وسائل الاعلام سلبية.

وقال تزان تاو خبير في الشؤون التركية في جامعة بكين لـمراسل "غلوبال تايمز"، أن المظاهرات المناهضة للصين في تركيا مؤخرا ليست كبيرة، ولكن الزخم والحساسية ليست صغيرة. ويعتقد تزان تاو أن هذا له علاقة مع "النزعة القومية التركية" و" فكر الوحدة الإسلامية " وإيديولوجية وقيم غربية. وشددا ايضا على ان الشعور المناهض للصين ليس من قبل الحكومة التركية والتيار الرئيسي للمجتمع، مؤكدا ان مشاعر الشعب التركي تجاه الشعب الصيني دافئة وودية للغاية. واقترح قائلا:"الاعتماد على ما تقوم به الحكومة وحدها لا يكفي، تعزيز التبادلات الشعبية والدبلوماسية العامة مهمة جدا."

" التدخل المفرط" خرب السمعة التركية

نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» مقالا عن تذكير الرئيس الامريكي باراك اوباما لتركيا بضرورة قطع الطريق على محاربين المتوجهين الى سوريا،حيث تعتقد امريكا ان عناصر تنظيم " الدولة الاسلامية" يدخلون لسوريا عبر تركيا.

ويعتقد تزان تاو، أن صورة تركيا الدولية تعاني اضرارا بدرجات متفاوتة في الغرب وفي الصين ايضا. وإن سير حكومة اردوغان على خط "الأممية الإسلامية" العابرة للدول، وعلاقاتها مع الغرب تميل الى أن تصبح مملة، والتدخل النشط في الشؤون الاسلامية في مختلف المناطق تسبب في استياء المجتمع الوطني والدولي.

كان "النموذج التركي" موضوعا ساخنا في مصر وتونس وغيرها من الدول العربية المضطربة. وعلقت صحيفة " الاخبار " المصرية، ان تركيا تسعى دائما الى الدور القائد والمهيمن في الشرق الاوسط. ويعرض كتاب "العمق الإستراتيجي" لوزير الخارجية التركي السابق ورئيس الوزراء الحالي داوود أوغلو ذلك بشكل بارز . وذكر التحليل ان التغيرات في الشرق الاوسط وتطورات العلاقات الدولية، وذكر الكتاب:" ولادة شرق اوسط جديد على وشك، تركيا ستكون قائد الشرق الاوسط الجديد، تركيا تريد قيادة الشرق الاوسط الجديد، وتركيا في خدمة الشرق الاوسط الجديد."وحللت وسائل الاعلام في الشرق الاوسط قائلة: " الكتاب يكشف عن عقلية العناد والغرور و والتآمر التركية."