بقلم /د.سامية عباس، الأمين العام لاتحاد الصحفيين الأفارقة
تواجه الصين في الوقت الحالي هجمة شرسة من وسائل الأعلام الغربية تتهمها ب /العنصرية/ و/الاستعمارية/..حملة شعواء منظمة بدأت من جانب شركاء إفريقيا التقليديين مع بداية الألفية الجديدة وتصاعدت في الفترة الماضية ضد التواجد والتوسع الصيني في القارة الأفريقية.
لقد جذب التطور السريع للعلاقات الصينية الأفريقية فى السنوات الأخيرة اهتمام العالم خاصة مع تزايد حجم المساعدات التي تقدمها للقارة وحجم التجارة والاستثمارات وتسارع النمو الاقتصادي مما أدى إلى نجاح الصين في كسب ثقة الدول الإفريقية وأثار تخوفا لدى الآخرين. يذكر أن حجم التجارة الثنائية بين الجانبين بلغ 200 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية وسجلت استثماراتها 50 مليار دولار إضافة إلى إقامة 2000 شركة و8 ألاف مشروع بنهاية عام 2014 وتواجد أكثر من 150 مركزا تجاريا ومكاتب تمثيل صينية في حوالي 45 دولة افريقية وتوقيع اتفاقات شراكة إستراتيجية مع عدد من الدول.
ومن الطبيعي أن تثير مثل هذه الأرقام والنتائج حفيظة الدول الكبرى التي تعتمد على القارة الإفريقية في توفير احتياجاتها من الطاقة والمواد الخام وهى الموارد التي تشكل أساس التنافس في التجارة الدولية للقارة حيث بلغت صادرات الوقود الأفريقي إلى أمريكا ما يقرب من 85 % و 56 % إلى ألمانيا عام 2009 .وتقوم معظم العقود التي توصلت إليها الصين لشراء النفط من أفريقيا على أساس تقديم قروض لإنشاء البنية الأساسية فى الوقت الذي لم تعد فيه الدول العظمى والمؤسسات المالية الدولية تدعم إنشاء مشاريع البنية التحتية بشكل مباشر منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي .وبالتالي فقد دخلت الصين من باب الشراكة أما الدول الغنية فتعمل على استغلال الموارد الطبيعية دون أن تولى أي اهتمام للمسئولية الاجتماعية.
ورغم ما يدعيه البعض من محاولة الصين إخراج شركائها من القارة إلا أن هذا التواجد التنافسي لا يزال موجودا وبقوة سواء التواجد الأمريكي أو الغربي أو الياباني أو الهندي أو التركي أو حتى الايرانى – ومن المتوقع أن تنضم إليهم روسيا- إلا أن الفارق هو أن الصين تتبنى سياسة مختلفة تعتمد على المشاركة في بناء البنية التحتية في أفريقيا وتحسين الإنتاجية والتنمية وتغليب المصلحة المتبادلة والاحترام والمساواة وتوفير الاستثمارات مع تقديم القروض الميسرة دون ضغوط أو شروط سياسية.
ولأن وتيرة العمل بين الصين وأفريقيا تسير على قدم وساق على أساس احترام عدم التدخل في الشئون الداخلية للبلاد والعمل على دفع عملية التنمية وتحقيق التكامل والسلام والأمن فقد اعتبرت القوى المنافسة هذا التطور بمثابة توغل صيني داخل القارة قامت بشن هذه الحملة من الانتقادات لمواجهة هذا التوغل بحجة أن الصين تعمل على استغلال الموارد الغنية للقارة وانتهاجها سياسات منحازة وعنصرية وإقامة مشاريع تسبب أضرارا لا تعود على السكان المحليين بأي فائدة تذكر وتسئ التعامل مع العمالة المحلية.
وفى هذا الصدد تقول السيدة هالة اراندا المدير الأول بإدارة العلاقات الحكومية بشركة /هواوى/ الصينية الموجودة في مصر منذ عام 1998 (مصرية الجنسية) أن المعاملة بين الجانبين الصيني والمصري/ رائعة للغاية/ حتى ان الشركة لم تتوقف عام 2011 مع اندلاع ثورة 25 يناير عن دفع مخصصات العاملين أو خصم أجازتهم رغم توقف العمل خلال هذه الفترة في الوقت الذي قام فيه عدد من شركات الاتصالات المصرية بالامتناع عن تسديد مرتبات العاملين لديها.
وأضافت أن الشركة قامت بتكريم 200 عامل من المتميزين وإرسال حوالي 20 مهندسا من الخريجين الجدد للتدريب بالمركز الرئيسي بالصين للمشاركة في دعم مشروعاتها حول العالم وهو نوع من التقدير للعمالة المصرية.كما أن قيادات الشركة تحرص على توفير الإجراءات الصحية والسلامة المهنية للعاملين بالتعاون مع وزارة القوى العاملة وعلى ترقياتهم في أعلى المناصب وتوفير بدل المواصلات والمشاركة في تنظيم الاحتفالات في الأعياد والمناسبات المختلفة دون أي تمييز مؤكدة على أن العامل المصري معروف بعدم تنازله عن حقوقه أن كان هناك تقصير أو خطأ.
وقد قمت بشكل شخصي مرتين بزيارة عدد من الأصدقاء العاملين بمنطقة التعاون التجاري والاقتصادي بشمال غرب خليج السويس والتي تضم ما يقرب من 67 مصنعا باستثمارات صينية وصينية مصرية ولاحظت اهتمام الشركة الرائدة في تنفيذ المشروعات /تيدا-مصر/ بتخصيص 15 ألف متر2 لإقامة –إلى جانب المصانع- المساكن للعاملين والمدارس ومراكز الخدمات والملاعب والحدائق والمساحات الخضراء الشاسعة وحديقة مائية للترفيه إلى جانب الاهتمام العالي المستوى بالبيئة .
وإذا كانت الصين تتعرض لانتقادات كبيرة في سلوكها الاستثماري الذي قد يؤثر على السياسي فان عدد من التقارير والأبحاث الدولية تشير إلى وجود عدة دول تنظر إلى الصين نظرة ايجابية أكثر منها للولايات المتحدة.ويلقى البعض اللوم ليس على الصين وإنما على الحكومات الإفريقية نفسها التي يتعين عليها التأكيد على ضرورة التزام المستثمرين بالنظم والقوانين المتبعة في البلد المضيف.كما تؤكد على أن التعاون مع الصين حقق تحسنا كبيرا في قطاعات الدخل القومي والقوة الشرائية للسكان والرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية..ويمتاز المنتج الصيني بالجودة والأسعار المنخفضة مما جعل الكثير من الأفارقة قادرين على رفع مستواهم المعيشي
وإذا كانت هناك ممارسات خاطئة من جانب بعض الشركات الاستثمارية فهي لا ترقى إلى وصف الصين بأنها دولة استعمارية أو امبريالية إنما هي دولة كبرى قادرة على حل أي مشكلات مع شركائها وتحتاج إلى توعية رجال الأعمال أو المستثمرين ونصحهم بعدم التعامل بغطرسة أو عجرفة ..ولإفريقيا نفسها خياراتها وبإمكانها اختيار الصين أو غيرها أو الجميع لعقد شراكات معها مما يمثل عاملا رئيسيا لحرية الإرادة..وقد ساعدت الصين إفريقيا في تحقيق هذا الهدف منذ حركات التحرير الأفريقية ولم تمارس أي دور استعماري أو امبريالي تجاه القارة.
وقد حقق التعاون بين الصين وأفريقيا فوائد متعددة في كثير من دولها حيث حققت نموا اقتصاديا ملحوظا والحد من الفقر ما يؤكد على أن الصين تعد محركا جديدا للنمو في القارة وساهم في تغيير وجهات النظر العالمية بشأن مستقبل القارة مما يساعده على مواجهة التحديات بمزيد من الثقة.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn