الخرطوم 4 مارس 2015/ تكاد المهلة التى حددتها المنظمة الحكومية للتنمية (ايجاد) أن تنقضى دون أن يتوصل الفرقاء فى جنوب السودان إلى اتفاق سلام ، فى وقت يرفع فيه مجلس الأمن الدولى سيف العقوبات الذى يبقى بمثابة سلاح ذو حدين.
ولم يتبق لمهلة "الايجاد" المحددة بالخامس من مارس الجارى سوى يوم واحد ، ولكن واقع الحال لا يشير إلى إمكانية نجاح حكومة جنوب السودان والمتمردين عليها فى التوصل إلى اتفاق سلام شامل ينهى النزاع المستمر منذ منتصف ديسمبر من العام 2013.
وبينما يسابق الجميع الزمن ، اعتمد مجلس الأمن الدولي اليوم "الثلاثاء"، قرارًا صاغته الولايات المتحدة الأمريكية يقضي بإنشاء لجنة للعقوبات تابعة للمجلس بشأن جنوب السودان.
وقال القرار الصادر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إن "الحالة في جنوب السودان لا تزال تشكل خطرا علي السلم والأمن الدوليين في المنطقة"، مؤكدًا "استعداد المجلس لفرض جزاءات محددة الأهداف دعما لعملية البحث عن السلام الشامل والدائم في جنوب السودان".
وفى اول رد فعل على قرار مجلس الأمن الدولى ، اعتبرت حكومة جنوب السودان ان القرار الأممى من شأنه عرقلة جهود السلام وسيؤثر سلبا على مواطنى جنوب السودان الذين يعانون من تأثيرات الوضع الراهن.
وقال وزير خارجية جنوب السودان بارنابا ماريال بنجامين في بيان صحفى "أن أي عقوبات تفرض على جنوب السودان لن تعرقل فقط عملية السلام وانما ستطال مواطنينا".
وأضاف الوزير أن "حكومة جنوب السودان مصممة بقوة على ايجاد حل دائم على طاولة المفاوضات بدلا من ميدان المعركة ، لقد شهدت بلادنا عقودا من الحرب وشعبنا تعب من المعارك".
ومضى المحلل السياسى الجنوبى فيليب اكو فى ذات الاتجاه ، وقال فى تصريح لوكالة انباء " شينخوا" اليوم " لقد اثبتت العقوبات عدم فعاليتها ، ولا اتوقع أن تحدث اثرا ايجابيا فى جنوب السودان ، وليس أمرا جيدا لسكان جنوب السودان أن يتعرضوا لعقوبات ستؤثر عليهم سلبا".
وأضاف " ما يحتاجه الطرفان هو التشجيع والتحفيز وليس التهديد بالعقوبات ، ثم انه أمر مجحف المساواة بين الحكومة القائمة والمتمردين ، وبالنسبة للمتمردين سيكون امرا جيدا فرض عقوبات على الحكومة فى جوبا ، وقد يدفعهم هذا القرار إلى مزيد من التعنت بحثا عن تدويل الملف".
واستبعد أكو أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق خلال الفترة المتبقية من أمد المهلة ، وقال " هناك خلافات جوهرية يصعب حلها خلال ساعات ، المطلوب الآن محاولة تجسير الهوة وتقريب المواقف دون الالتزام الحرفى بمهلة الخام من مارس".
وتتمثل نقاط الخلاف الرئيسية بين حكومة جوبا والمتمردين الذين يقودهم رياك مشار النائب السابق لرئيس الجنوب فى رفض حكومة جوبا مجرد مناقشة مقترح للمتمردين ينص على ضرورة وجود جيشين في الجنوب يتم دمجهما إثر إعلان نتائج الانتخابات العامة التي ستجرى بعد 30 شهرا من التوقيع على اتفاق السلام.
كما ترفض الحكومة منح المتمردين نسبة 45% من السلطة ، وهناك قضايا خلافية أخرى فى ملفات مثل الأمن والاقتصاد والعدالة والمصالحة الاجتماعية.
ويجرى رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت منذ يوم امس مباحثات مباشرة مع غريمه رياك مشار بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا فى مسعى لتجاوز نقاط الاختلاف والتوصل إلى اتفاق ينهى النزاع المسلح فى الدولة الوليدة.
وبينما لم تحرز المباحثات حتى الآن أى تقدم يذكر ، يبدو أن وساطة "ايجاد" عازمة على نقل الملف إلى مجلس الأمن الدولى بعدما نفد صبرها على وعود الاطراف المتقاتلة فى جنوب السودان المتكررة بالتوصل الى اتفاق سلام دون ان يحدث ذلك.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين الذى تستضيف بلاده مباحثات اللحظة الأخيرة "لم يبق الكثير" ، وأضاف فى تصريحات نقلتها وسائل اعلام جنوبية اليوم " لن تقف المنطقة والمجتمع الدولي دون حراك لتشاهد الأزمة الإنسانية والسياسية في جنوب السودان تستمر".
ودعا ديسالين ميارديت ومشار إلى معالجة القضايا الخلافية بالشجاعة لتقديم التنازلات والبدائل بدلا من مجرد تكرير وعودهما السابقة.
وساند المحلل السياسى الجنوبى ادوارد ايزاكيل لخطوة مجلس الأمن بفرض عقوبات على طرفى النزاع فى جنوب السودان ، وقال فى تصريح خاص لوكالة الانباء الصينية " اعتقد أن هذا التهديد الجدى سيدفع الطرفين الى تقديم تنازلات".
وأضاف " لقد وصلت الرسالة إلى المتخاصمين فى الجنوب بان المجتمع الدولى قد ضاق ذرعا بعدم تحملهما لمسؤولياتهما تجاه شعب جنوب السودان ، هذه رسالة واضحة فالاسرة الدولية جادة فى معاقبة كل من يعرقل جهود السلام".
وفند ايزاكيل الحديث عن التأثيرات السالبة للعقوبات على شعب جنوب السودان ، وقال " أولا شعب الجنوب يعانى أصلا من الفقر وانعدام التنمية وضيق العيش ، وهذا كله بسبب الحرب التى دمرت كل شئ وأوقفت مسيرة التنمية".
وتابع " ثم أن العقوبات فى حال فرضها ستسلط فقط على السياسيين والعسكريين من الطرفين فيما يتصل بتجميد ارصدتهم البنكية ومنعهم من السفر أو حتى ملاحقتهم قضائيا عبر المحكمة الجنائية الدولية ، هذه التدابير لا تمس الشعب مطلقا".
ووقع رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت وزعيم المتمردين رياك مشار فى الثانى من فبراير الماضى اتفاقا بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا ينص على وقف لاطلاق النار يقضى بتقاسم السلطة بينهما وتشكيل حكومة انتقالية والتوصل إلى تصور شامل لإنهاء الازمة بحلول الخامس من مارس.
واختلف الاتفاق عن الاتفاقيات السابقة كونه تضمن مقترحات تفصيلية حول اقتسام السلطة اذ نص على أن تكون هيكلة قيادة حكومة "الوحدة الوطنية" الانتقالية من سلفاكير ميارديت رئيسا ورياك مشار نائبا اول للرئيس ، على ان تتم تسمية نائب ثان من مناطق الاستوائية.
لكن الاتفاق انضم إلى ستة اتفاقيات مماثلة لم تجد حظها من التطبيق على أرض الواقع ، فيما استمرت المواجهات المسلحة فى مناطق واسعة من جنوب السودان بين الجيش الحكومى المساند للرئيس سلفاكير ومقاتلين منشقين عنه يدينون بالولاء لرياك مشار النائب السابق لرئيس حكومة الجنوب.
وانزلقت دولة جنوب السودان في وحل العنف في ديسمبر 2013 اثر اندلاع القتال بين القوات الحكومية والمنشقين الموالين لمشار.
وأدت الاشتباكات التي أخذت بعدا عرقيا إلى مقتل الآلاف من مواطني جنوب السودان وفرار 1.9 مليون شخص من منازلهم.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn