بكين 5 فبراير 2015 / لم يفق المجتمع الدولي من كابوس مقتل الرهينة الياباني كينجي غوتو على يد تنظيم "داعش" حتى سمع نبأ إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة الأسير لدى داعش حرقا والذي تلاه بساعات قيام السلطات الأردنية بإعدام الانتحارية العراقية ساجدة الريشاوي شنقا والتي طالب داعش بإطلاق سراحها هي وزياد الكربولي المنتمي للقاعدة.
لقد شعر العالم بصدمة شديدة أمام التسجيل المصور الذي نشره داعش وأظهر عملية إعدام الطيار حرقا داخل قفص حديدي. وفي هذا الصدد قال المحللون الصينيون إنه رغم ما يعرف عن داعش من ميل شديد إلى العنف، إلا أن العالم لم يشهد قط جريمة بشعة كهذه فضحت الطبيعة اللاإنسانية للإرهابيين ، معربين عن اعتقادهم بأن تغييرات كبيرة قد تطرأ على الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب مستقبلا تأثرا بهذا الحدث.
-- ردود فعل دولية قوية
وتحولت الدهشة إلى غضب تجاه الإرهاب فور وقوع هذه المأساة، حيث صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان بأنه "لا يمكن لأي إنسان أن يتحمل هذه الجريمة".
إلى جانبه، أدانت عدة دول ومنظمات في المنطقة بأشد وأقسى العبارات هذه الجريمة التي تتناقض مع قيم الدين الإسلامي ، إذ وصفت جامعة الدول العربية في بيانها ما جرى بـ"الجريمة البشعة التي تخالف جميع الأعراف الدولية والشرائع السماوية، وتعود بنا إلى عصور الظلام".
وعلى نطاق المجتمع الدولي، قوبلت الجريمة بإدانة من الجانب الياباني الذي سقط أيضا ضحية لعمليات قتل نفذها داعش حيث انتقدت وكالة أنباء ((كيودو)) اليابانية طلب داعش تبادل الرهائن في نهاية يناير ووصفته بأنه "خدعة حقيرة" مع الأخذ في الاعتبار أن الإعدام تم قبل شهر. وأعرب مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على التوالي عن خالص التعازي لأسرة الطيار وللشعب الأردني.
ومن ناحية الصين، قال هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن الصين تعارض الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وجميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف حياة الإنسان.
-- تغييرات في مشهد التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب
وبمقتل معاذ الكساسبة، توعد الجيش الأردني داعش "بالقصاص" وأكد أن "دمه لن يذهب هدرا"، الأمر الذي يبرز عزم الأردن على شن حملة ضد داعش. وفي الوقت ذاته، أعربت الدول داخل المنطقة وخارجها عن دعمها للأردن وأعلنت عزمها ورغبتها التعاون والتضامن أمام تهديد داعش وإصرارها على القضاء على التنظيمات الإرهابية.
فبالنسبة للولايات المتحدة، قرر البيت الأبيض توسيع المساعدة للأردن لمكافحة الإرهاب وصرح بأنه يقف مع حليفه بكل ثبات. ومن ناحية أخرى، تدرس اليابان حاليا تعزيز الأعمال الاستخبارية في المنطقة حسبما أوردت وسائل الإعلام المحلية.
ولا شك أن الإصرار على مكافحة الإرهاب الدولي لم يتزعزع بسبب الحدث، ولكن المحللين يتوقعون في الوقت نفسه أن تشهد الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب المزيد من التغييرات مستقبلا .
ويرى الخبراء الصينيون أن الأردن دولة مهمة في خارطة مكافحة داعش نظرا لموقعها الجغرافي في المنطقة ودورها الخاص في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، قائلين إنه بعد هذا الحادث، لن يستطيع الأردن تفادي مواجهة داعش بشكل مباشر فيما بعد.
ومع ذلك، قال الخبراء إنه يخشى أن تعيد دول تتعرض لعنف داعش في المنطقة مثل الأردن تعيد النظر في كيفية تعاونها مع الولايات المتحدة وأن تصبح هذه البلدان على الأرجح أكثر حذرا وتحافظا وتفكر بجدية أكبر عندما تتخذ قرارا في إطار التحالف، إذ أوردت صحيفة ((الجارديان)) البريطانية في تقرير لها مؤخرا أن معارضة الشعب الأردني لمشاركة بلاده في التحالف مع الولايات المتحدة نتيجة الخوف من داعش ستخفف من قوة ودور الأردن في القضية.
-- حاجة ماسة إلى حل مجدي
إن الجرائم الشنيعة التي ارتكبها داعش مؤخرا دقت ناقوس الخطر للعالم وجعلت الشغل الشاغل للمجتمع الدولي الآن هو البحث عن حل مجدي ونموذج ناجع لمواجهة تحديات داعش، أخذا في الاعتبار أن ظروف مكافحة الإرهاب صارت أكثر تعقيدا في ظل الحدث الجلل الذي كشف جليا أن الجهود التي يبذلها العالم حاليا ليست كافية على الإطلاق وإن إعادة التفكير في نموذج للتعاون باتت أمرا حتميا.
وصرح روبرت إم. دانين الخبير الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط في تقرير نشر على موقع "مجلس العلاقات الخارجية" بأن داعش رسم في النهاية صورة عنيفة لم تشهد من قبل لصرف انتباه المجتمع الدولي عن فشله في معاركه أمام القوات الكردية في مدينة عين العرب، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي لا ينبغي أن يخضع للعنف والخوف.
وأشار لي شاو شيان، الخبير الصيني في شؤون العلاقات الدولية، إلى أن الافتقار إلى الترابط بين الدول هو العامل الرئيسي وراء ضعف الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ، مشددا على ضرورة تعزيز التعاون والتكامل بين الدول ذات الصلة للخروج بحل مجدي لهذه المشكلة.
لقد بدأت الأسرة الدولية تعي بعد تفاقم خطر "داعش" أهمية تضافر الجهود لمكافحة الإرهاب. كما تدعو الصين إلى ضرورة تعزيز التعاون وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأعراف العلاقات الدولية لمواجهة التهديدات الإرهابية بشكل مشترك وحفظ السلم والأمن والاستقرار في العالم.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn