بغداد 3 يناير 2015 / شهد العام 2014 ارتفاعا كبيرا في اعداد الضحايا من العراق فضلا عن نزوح اكثر من مليوني عراقي من منازلهم نتيجة تدهور الوضع الامني، ما اعاد ارقام الضحايا الى ما كانت عليه في العام 2007 عندما انتشرت اعمال العنف الطائفي في البلاد التي مزقتها الحروب واعمال العنف.
ويرجع الخبراء والمحللون اسباب ارتفاع اعداد الضحايا الى تدهور الوضع الامني والخلافات السياسية بين الكتل والاحزاب العراقية فضلا عن سوء ادارة الدولة من قبل الحكومة السابقة بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي وتجاهل مطاليب مشروعة لمكونات مهمة من الشعب العراقي.
ففي بداية عام 2014 قرر المالكي فض الاعتصامات السلمية في بعض المحافظات السنية في الأنبار وصلاح الدين بالقوة العسكرية، وهو ما قلب أوضاع البلاد رأسا على عقب، دفع بعض العشائر السنية الى حمل السلاح بوجه الدولة ما خلق فوضى كبيرة استغلها تنظيم داعش الارهابي ونجح في احتلال مدينة الفلوجة ثاني اكبر المدن في محافظة الانبار غربي العراق، وما لحقها من معالجات سلبية ادت الى تدهور الاوضاع في محافظة الانبار باكملها واحتلال مناطق منها من قبل جماعات مسلحة.
وكانت بعثة الامم المتحدة في العراق ((يونامي)) ذكرت في بيان لها أن مجموع العراقيين الذين قتلوا في البلاد منذ الاول من شهر يناير ولغاية 31 ديسمبر عام 2014 بلغ 12282 شخصا، مبينة ان 23126 عراقيا اصيبوا بجروح في نفس الفترة نتيجة اعمال العنف والهجمات الارهابية، وهذه الاحصائية مقاربة لما شهده العراق من ارتفاع في اعداد القتلى عام 2007 عندما بلغ العنف الطائفي ذروته.
وقال المحلل السياسي هيثم المشلبي "عام 2014 كان ثقيلا على العراقيين منذ بدايته، لاسباب امنية وسياسية واجتماعية، فالقوات الامنية كانت غير مهنية وغير كفوءة ويسيطر عليها حزب سياسي معين هو حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء في ذلك الوقت نوري المالكي ما جعل الجميع يشعر بانه مهمش لان كل شيء لايتم الا لصالح المالكي وحزبه الامر الذي زاد من حدة النقمة على الحكومة وخاصة القوات الامنية".
واضاف المشلبي "الوضع السياسي كان ايضا غير مستقر وهناك خلافات شديدة بين الخصوم السياسيين وصلت حد كسر العظم وزج المؤسسة العسكرية في تلك الخصومات ما خلق اجواء معادية للقوات الامنية وخاصة في المحافظة الغربية والشمالية ذات الاغلبية السنية".
وتابع المشلبي "في ظل الخلافات السياسية الحادة وعدم وجود رجال دولة يعملون لكل العراقيين، وغياب اجهزة امنية وقوات مسلحة مهنية، وانتشار الفساد الاداري في مؤسسات الدولة وخاصة العسكرية والامنية منها، وتعيين قادة غير اكفاء، المهم ان يكون ولائهم لرئيس الحكومة، بدأ الوضع الامني يتردى وبسرعة حيث استغلت الجماعات المسلحة هذه الظروف التي سببت النفور الشعبي وفي بعض الاحيان كره للمؤسسة العسكرية والامنية".
واوضح المشلبي ان الجماعات المتطرفة والمدعومة خارجيا اخذت تلعب على هذه الاوراق من اجل تهيج الشارع لكي تعم الفوضى اكثر، مبينا ان هذه الجماعات استغلت كل هذه السلبيات ونفذت عمليات ارهابية راح ضحيتها آلاف العراقيين، ومن ثم فرض سيطرتها على اجزاء كبيرة من البلاد وهو ماحصل بعد العاشر من يونيو الماضي عندما سيطر تنظيم ما ما يسمى بالدولة الاسلامية (داعش) على مدينة الموصل ومن ثم التمدد الى محافظة صلاح الدين واجزاء من محافظات ديالى وكركوك والانبار.
وكان مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان العراق قد ارجع سبب تردي الاوضاع الامنية في العراق الى ان الجيش لم يكن ولائه وطنيا، لأنه لم يسمح للضباط الاكفاء بقيادته، فضلا عن عدم وجود عقيدة عسكرية يبنى على الجيش العراقي مشيرا إلى أن العقيدة العسكرية التي كانت مستخدمة هي الولاء الشخصي، بالاضافة الى وجود فساد كبير جدا في المؤسسة العسكرية.
من جانبه، قال المحلل السياسي صباح الشيخ "إن الاخطاء الكارثية التي ارتكبتها الحكومة السابقة برئاسة المالكي واتباعها لسياسة فاشلة ادت الى قيام مشاكل مع الاكراد، وكذلك مع السنة، وايضا مع فئات واحزاب رئيسة شيعية، كما حصل مع التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، خلق بيئة مناسبة جدا للجماعات الارهابية وعلى رأسها داعش التي شكلت تحالفا مع الجماعات المسلحة ومن ثم انقلبت عليها بعد سيطرتها على اجزاء كبيرة من البلاد.
وأكد الشيخ أن ارتفاع اعداد الهجمات وتردي الوضع الامني وزيادة اعداد الضحايا يرجع في احد اسبابه الى ضعف الجانب الاستخباري وعدم تمكن الاجهزة الامنية العراقية من اختراق الجماعات المسلحة لمعربة نواياها وخططها، لذلك كانت الاجراءات التي تتبعها هذه القوات هي ردة فعل لما تقوم به الجماعات الارهابية ما ادى الى عدم ثقة المجتمع بالاجهزة الامنية وخوفه من التعاون معها لانها اجهزة فاشلة وغير منضبطة وفيها فساد قد يؤدي الى كشف هوية المتعاون معها.
وافاد الشيخ بأن هروب القوات العراقية مطلع يونيو الماضي وتركها لاسلحتها في قواعدها والتي استولى عليها التنظيم المتطرف وفر اسلحة واعتدة ومؤن لهذا التنظيم استخدمها فيما بعد في قتل العراقيين خاصة بعد استيلاءه على مدافع ودبابات وعجلات مدرعة اضافة الى مختلف انواع الاسلحة والاعتدة المخصصة لاربع فرق عسكرية، ما زاد من قوة التنظيم المتطرف النارية التي استخدمها ببشاعة في قتل الابرياء.
وشهدت العديد من المدن العراقية اوضاعا امنية صعبة ومتردية بعد سيطرة التنظيم المتطرف عليها مطلع شهر يونيو الماضي، ما أدى الى نزوح مئات الالاف من المدنيين الساكنين في تلك والمدن وقد توفي بعضهم نتيجة البرد وسوء الاحوال الجوية وانعدام الخدمات.
يشار الى ان رئيس الوزراء حيد العبادي وصف عام 2014 بانه الاصعب والاقسى على العراقيين قائلا "لقد مر على العراقيين عام هو من اصعب الاعوام وأقساها بفعل الهجمة الوحشية الشرسة لعصابة داعش الارهابية".
ويتفق العراقيون على ان عام 2014 هو اسوء عام مر عليهم لان اكثر من 40 بالمائة من بلادهم محتل من قبل عصابات ارهابية تقتل وتفتك بالابرياء وادت الى تشريد اكثر من مليوني شخص تركوا ديارهم ونزحوا الى مناطق اخرى فضلا عن تردي الجانب الاقتصادي وخسارة البلاد لمليارات الدولارات نتيجة العنف والاعمال الارهابية.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn