بقلم دينغ لونغ، أستاذ بقسم اللغة العربية لجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية
بعد أن قضت محكمة جنايات القاهرة يوم 29 نوفمبر الماضي ببراءة الرئيس المصري الأسبق محمد حسنى مبارك فى قضية قتل المتظاهرين، فإنه ليس من المستغرب أن يكون مبارك حرا قريبا. وبالرغم من أن حسني مبارك كان الهدف الرئيسي لـ" الثورة " المصرية ومرتبط بنجاح أو فشل " الثورة"، إلا أن شكل انتهاء محاكمة "القرن" يعكس على المشهد السياسي المصري حاليا ومستقبلا.
أولا، العفو عن حسني مبارك يرمز الى العودة القوية للحكم التسلطي في مصر
من الواضح أن العامل السياسي هو العامل الحاسم في هذه المحكمة. وإن إلغاء المحكمة الدعوى بسبب "فني" قبل دخول مرحلة الحكم يعكس العناية الخاصة لمبارك. ويمكن التوقع، أن الرئيس المصري السابق محمد مرسي الذي يواجه نفس الاتهامات لن يكون محظوظا مثله. مما يوضح أن النخبة الحاكمة العلمانية يمثلها النظام القضائي المصري، تعلن العودة القوية للحكم التسلطي عن طريق هذا الحكم السياسي بالازدواجية. كما دفع عبد الفتاح السيسي بعد توليه الحكم حكم التسلطي بطريقة اكثر ثقة، حيث لم يعلن فقط عن أن جماعة الاخوان المسلمين منظمة ارهابية وإنما رفع الدعم عن الوقود والخبز الذي لم تجرأ رفعه الحكومات السابقة، ويعلن اليوم عن براءة هدف "الثورة". ويكسب السيسي الثقة الكبيرة بنفسه من " الشرعية " التي يمنحها له النظامان السابقان. كما أن الشعب المصري ليس أمامه خيار أخر إلا السيسي بعد أن فشل حكم الاسلاميين. ونتائج الاستطلاعات قدمت ادلة على ذلك، لأن معدل دعم السيسي لم يغير قبل وبعد اصدار الحكم.
ثانيا: الحكم يسلط الضوء على منطق السياسة العميق في مصر
إن تبرئة مبارك يعني اعادة مسار السياسة المصرية الى ما قبل " الثورة". ومنطق السياسة في مصر لم يتغير ابدا طيلة السنوات الـ 60 الماضية، والقوتان السياسيتان الرئيسيتان هي النخبة العلمانية الحاكمة، وفي الحافة المعارضة السياسية الاسلامية، وبينهما فوضى الديمقراطيين الليبراليين، وبالتالي تشكيل نظام سياسي مزدوج، إما علماني تسلطي وإما سياسي اسلامي. وقد تصدر اخوان المسلمين المشهد السياسى المصرى بعد الثورة، ومع ذلك، لم يدم حكمهم كثيرا، الامر الذي بيّن أن اخوان المسمين مؤهلين للمعارضة وفاشلين في الحكم. ومن جهة اخرى، بذل مرسي جهود كبيرة لإرضاء الجيش المرسي لأنه كان يعرف جيدا ان مقاليد الحكم لا تزال بيد الجيش، لكن الاحتجاجات الواسعة النطاق حول حكمه ادى الى الاطاحة به من قبل الجيش. ما يدل على أن ما أطلق عليه "الدولة العميقة" تسيطر على السياسة في مصر، وأنه لم يتغير حتى عندما انتخب محمد مرسي ديمقراطيا. والقواعد السياسية غير المكتوبة في مصر هي أنه على الرغم من عدم صعود الجيش الى السلطة بشكل مباشر، ولكن الرئيس يجب ان يولد من الجيش،حتى أن الرؤساء الخمسة لمصر، اربعة منهم عسكريين. والرئيسان اللذان كسرا هذه القاعدة تم اسقاطهم من قبل الجيش، مرسي سجن لأنه ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين، وحسني مبارك لأنه كان يريد توريث الحكم لابنه. واليوم، حطم حلم مبارك توريث الحكم لابنه ، وليس هناك أي مبررا لعدم السماح لهذا العجوز في سن 86 ليقضي حياته الباقية سلميا.
ثالثا، الاستقرار والتنمية اصبح المطلب المشترك للمجتمع المصري
تبرئة محكمة جنايات القاهرة الرئيس المصري الأسبق محمد حسنى مبارك فى قضية قتل المتظاهرين لم يتسبب في هبوب موجات ولا يزال الوضع هادئا بوجه عام في مصر، ما يدل على أن هذه المحاكمة لم تعد مهمة عند الشعب المصري، ومصير مبارك لم يعد قلقا. فقد تعب الشعب المصري بعد ما يقرب من اربع سنوات من الاضطرابات من " الثورة" والنضال السياسي الذي لا نهاية له، وأصبح اكثر واقعية، وفهم أن " الثورة " لن تحل جميع المشاكل، وأن الديمقراطية لا يمكن أن توفر له لقمة العيش، وأن دعم الاسلاميين الرافعين براية ايديولوجية، أقل إيجابيا من قبول الانظمة التسلطية التي تستطيع تحقيق الامن والاستقرار. كما أن النتائج السلبية لـ " الثورة " في ليبيا واليمن وسوريا بينت للشعب المصري أن مشكلة الدولة العربية ليست في الديمقراطية وإنما في عدم وجود التنمية. وعلق احد المصريين على مواقع الشبكات الاجتماعية:" ان اتهامات مبارك الحقيقية هي ترك مصر ضعيفا في هامش العالم بعد حكم لـ 30 عاما، ومصر بـ 35% من الأمية، 30% من البطالة، ومعدل الفقر 40%."
بعد تحقيق استقرار الوضع السياسي في مصر تتسارع وتيرة النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ، وانطلقت قناة السويس الثانية ومشاريع كبيرة اخر بسلس. وفي الآونة الاخيرة، قدم البنك الدولي توقعات متفائلة للغاية بشأن الاقتصاد المصري. ومع الاجماع بان الاستقرار اساس التنمية فإن تطور مصر في الاتجاه الصحيح.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn