تعليق: أسباب تبرئة حسني مبارك

أعلنت محكمة جنايات القاهرة يوم 29 نوفمبر عن براءة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ووزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي وستة معاونيه في قضيتي قتل المتظاهرين في عام 2011. كما أعلنت المحكمة عن براءة حسني مبارك ونجله في قضية الفساد وذلك بمضي المدة المسقطة للدعوى الجنائية. ووفقا للتقارير، اندلعت هتافات خارج أسوار المحكمة العسكرية عقب قضاء المستشار محمود الرشيدي، ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه. وقد صدم قرار البراءة المجتمع الدولي وأثار قلقا واسع النطاق وتساؤل المرء حول سبب هذا التغيير الدرامي. ويعتقد ليو باو لاي السفير الصيني السابق في عدة دول في الشرق الاوسط أن هناك ثلاث اسباب رئيسية وراء تبرئة حسني مبارك:ـ

أولا، كسب نظام السيسي قلوب وعقول الشعب المصري

يعاني المصريون من مشاعر مختلطة ومتضاربة تجاه الرئيس السابق حسنى مبارك. في اوائل عام 2011، وبداية الثورة المصرية عارض الشعب المصري بشدة نظام حسني مبارك، وطالب العالم مبارك بالتنحي. ومع ذلك، بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات يشعر الشعب المصري بأنه اكثر فقرا عن ذي قبل، وبدأ الناس يتوق للعودة الى الحياة المستقرة في عهد حسني مبارك. وفي ضوء ذلك، يميل الناس الى التقييم الهادي والموضوعي لحسني مبارك.وعلى الرغم من تحقيق الاستقرار السياسي وبداية الانتعاش الاقتصادي بعد تولي الرئيس السيسي الحكم، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات خطيرة، حيث يحتاج الى المضي قدما نحو توحيد الشعب، الحكمة ، تعزيز التضامن. وفي هذه الحالة، فإن اتخاذ السيسي مثل هذه المبادرة الكبرى من خلال المحكمة وتبرئة حسني مبارك ، اولا، قد يكسب تأييد أتباعه و خصوصا دعم الاتحادات المصرية الكبرى والنخبة السياسية في "الحزب الوطني الديمقراطي" السابقة، وحث القوى السياسية للتوصل الى حل وسط، ثانيا، يمكن أن يعكس تأييد نظام حسني مبارك وإشارة الى تمهيد الطريق للرجوع اليه مستقبلا، ثالثا، يمكن أن يحقق استقرارا في الجيش، حيث لا يزال تأثير مبارك كبير في الجيش المصري.

ثانيا، تماوج العدالة

حكم على حسني مبارك بعد استقالتة في فبراير عام 2011 بالسجن مدى الحياة في قضية قتل المتظاهرين. وفي ظل الظروف غير العادية في عهد المجلس العسكري وفترة حكم مرسي، مثل حسني مبارك في قفص الاتهام عدة مرات ولم يتم حسم امره. وعلقت وسائل الاعلام الغربية عن طريقة التعامل مع الرئيس القوي،واصفة الوضع بأنه" ليست طبيعيا". ويظهر تماوج القضاء في مصر عدم استقرار القضاء، والعدالة والكرامة يعلن للعالم استعادة القضاء المصري وضعه الطبيعي.

ثالثا، تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول خليج اخرى

كانت العلاقات المصرية والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج وثيقة جدا خلال حكم حسني مبارك. وبعد تنحي حسني مبارك، اتهم العاهل السعودي الملك عبد الله امريكا علنا بتخليها عن مبارك. لكن بعد تولى السيسى الحكم قدمت المملكة العربية السعودية ودول خليج اخرى مساعدات اقتصادية كثيرة لمصر، وزار الملك عبد الله مصر ايضا. وإن الحكم ببراءة حسني مبارك سوف يزيل مما لا شك فيه الحواجز غير المرئية في العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية ودول اخرى ايضا، كما سوف يعزز تنمية العلاقات الثنائية.

وباختصار، فإن قرار محكمة جنايات القاهرة سوف يؤثر بشكل مباشر على مسار تنمية الاختيار والسياسة في مصر. بالمعنى، ومن ناحية يمكننا القول أن الجولة الجديدة والمجددة لحكم الرجل القوي عادت وستستمر.