غزة 16 أكتوبر 2014/ تعمل طواقم مختصة بمعدات بدائية طوال ساعات النهار في إزالة أكوام ضخمة من الركام نتجت عن تدمير برج "الباشا" السكني في وسط غزة خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير.
وينخرط نحو 20 عاملا منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في المهمة التي تبدو للعيان كـ "أشغال شاقة" وسيحتاجون لعشرة أيام أخرى حتى ينهوا تماما إزالة ركام البرج الذي كان مكونا من 14 طابقا قبل أن يتم تدميره بالكامل بصواريخ أطلقتها طائرات إسرائيلية مقاتلة.
وتظهر منطقة التعامل مع ركام البرج المدمر وكأنها ورشة عمل يعلوها غبار الأنقاض المتناثر في كل اتجاه.
هذا أحد مشاهد مخلفات الهجوم الإسرائيلي على غزة في الفترة من 8 يوليو حتى 26 أغسطس الماضيين وأدى إلى تدمير آلاف الوحدات السكنية منها برجين بشكل كامل وآخر بقي جزء منه قائما الأمر الذي صعب عملية إزالته.
ويفصل بعض العمال أكوام أنقاض البرج والكتل الخرسانية من الحجم الكبير وتفتيتها حتى يتسنى نقلها من المكان، فيما يقوم آخرون بنزع أسياخ الحديد من داخلها وتجميعها بشكل منفصل.
ويتسلح هؤلاء بعدد ضئيل جدا من المعدات الثقيلة ذات المهام في الأعمال الإنشائية تقتصر تقريبا على حفار واحد وثلاثة معدات تكسير تستخدم يدويا.
ويقول المشرف على مشروع إزالة ركام البرج أحمد حلس وهو أحد مهندسي شركة مقاولات محلية لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن المهمة "شاقة جدا" بالنظر إلى محدودية الإمكانيات المتاحة.
ويشير حلس إلى مخاطر عديدة تحف عملهم وتفرض عليهم التأني في التعامل مع الأنقاض وتجميع ما يجري تفتيته منه بشكل متتال قبل أن يتم ترحيله من المكان إلى منطقة نائية على أطراف المدينة.
وتتولى الشركة مهمة إزالة الركام في الموقع بموجب عطاء حكومي رسى عليها.
وينتظر أن يسمح إزالة ركام برج "الباشا" أخيرا بفتح أحد المفترقات الرئيسية وسط مدينة غزة يربط مقار جامعات ومؤسسات حكومية وعشرات المحلات التجارية المتنوعة.
وبعد أكثر من ستة أسابيع من انتهاء الهجوم الإسرائيلي يظهر التعامل مع الركام الناتج عن المنازل والمقار المدمرة كمعضلة هائلة بالنسبة إلى قطاع غزة.
وتتفق وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية مع منظمات دولية في تقدير وجود أكثر من مليوني طن من الركام نتج عن الهجوم الإسرائيلي.
ويقول رئيس اللجنة الحكومية للتعامل مع الأنقاض سعيد عمار لـ ((شينخوا))، إن إجمالي ما جرى إزالته من ركام حتى الآن لم يتعد 5 في المائة نظرا لتعقيدات وصعوبة المهمة.
ويشير عمار إلى أنهم يعتمدون في عملهم على الأولوية في إزالة الركام بالتركيز على المنازل والمباني الآيلة للسقوط وتلك التي تسبب الركام الناتج عن تدميرها في إغلاق طرقات حيوية.
وبالإمكان لدى القيام بجولة في قطاع غزة خصوصا في مناطقه الحدودية معاينة أكوام ضخمة من الركام ما تزال على حالها منذ انتهاء الهجوم الإسرائيلي.
ويبدو المشهد حاضرا بقوة أيضا وسط المدن بحيث لا يكاد يخلو حي أو طريق من الركام وأضراره.
غير أن الأكثر تعقيدا يتعلق بمنازل ومباني تضررت بشكل بالغ في الهجمات الإسرائيلية فلم تعد تصلح للاستخدام ما يتعين إزالة ما ظل قائما منها.
ويزداد التعقيد في هذه المهمة عند التعامل مع المباني العالية مثل برج المجمع الإيطالي في مدينة غزة.
ويقول عمار، إن الطواقم الميدانية أحصت بشكل أولي 500 منزل ومبنى آيل للسقوط تشكل أولوية في إزالتها نظرا لمخاطر احتمال سقوطها على من يحيط بها من سكان أو في الطرقات.
ويوضح أن هذه المهمة تتم بصورة بدائية للغاية عن طريق عمال يقومون بفصل يدوي لأركان المنزل والتعامل بشكل متتال مع طوابقه وهو ما يحمل مخاطر كبيرة على سلامتهم.
ويتم اللجوء إلى هذا الأسلوب نظرا لافتقاد قطاع غزة للآليات القادرة على إزالة المباني الآيلة للسقوط أو تقنيات التفجير الداخلي الحديثة بهذا المجال.
ويضاعف هذا الواقع من التكاليف والسقف الزمني المطلوب لكل مهمة من هذا النوع، عدا عن أن مخاطر تلك المباني الآيلة للسقوط تتضاعف مع مرور الوقت من دون التعامل معها.
وحسب إحصائيات فلسطينية رسمية أدى الهجوم الإسرائيلي إلى تدمير 10 آلاف وحدة سكنية كليا، وأكثر من 8 آلاف بشكل بالغ بحيث لم تعد صالحة للسكن، إضافة إلى 30 ألفا أخرى جزئيا.
واستقبلت اللجنة الحكومية المكلفة بإزالة الركام مئات الطلبات المقدمة من سكان دمرت منازلهم يطلبون إزالة ركامها لاستخراج بعض مقتنياتهم من بين أنقاضها.
إلا أن إمكانيات اللجنة تبدو لا تذكر أمام هذه التحديات، إذ لا يتجاوز عدد طواقمها الميدانية 40 شخصا ومعداتها تقتصر على حفار واحد كبير و6 جرافات و10 شاحنات نقل جميعها من الطراز القديم.
ومنعت إسرائيل توريد معدات بناء ثقيلة إلى قطاع غزة ضمن منعها إدخال مواد البناء منذ منتصف عام 2007 اثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع في القطاع بعد جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
ويقول عمار، إنهم يلحون بكل الاتجاهات في طلب إدخال معدات ثقيلة إلى قطاع غزة منذ سنوات وهذه الحاجة باتت مضاعفة بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير لكن من دون استجابة حتى الآن.
ويضيف أن استمرار هذا الواقع سيكون عائقا كبيرا أمام بدء إعادة الإعمار في غزة نظرا لاحتمال امتداد عمليات إزالة الركام إلى أكثر من خمسة أعوام.
وسبق أن قدر تقرير صادر عن (مركز التعليم البيئي) التابع للكنيسة اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، أن إزالة الركام في غزة يحتاج إلى 30 مليون دولار في مدة بين 6 إلى 8 أشهر، في وقت تعتبر المعدات الحكومية المكلفة بذلك قديمة ومستهلكة ولا تسد سوى 20 في المائة من الحجم الكلي للأنقاض.
وتعهدت الدول المانحة الأحد الماضي بجمع مبلغ 5.4 مليار دولار لصالح الفلسطينيين على أن يخصص نصفها لإعادة إعمار قطاع غزة تحت إشراف ورقابة مؤسسات الأمم المتحدة.
وتقول اللجنة الحكومية لإزالة الركام، إنها أبرمت تفاهمات مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو.ان.دي.بي) للمساعدة في عمليات الإزالة غير أنه لم يتم المباشرة في ذلك حتى الآن.
وستكون عمليات إزالة الركام معقدة للأحياء في مناطق سكنية مكتظة تعرض أغلبها للتدمير كليا مثل حي (الشجاعية) شرقي مدينة غزة أو بلدتي (خزاعة) و(بيت حانون) في جنوب وشمال القطاع.
ويعمد المسؤولون المحليون للاستفادة من أنقاض الركام كما حصل في تجارب سابقة بعد الهجوم الإسرائيلي نهاية عام 2008 ومطلع عام 2009، أو الهجوم التالي في نوفمبر عام 2012.
ويتم ذلك عبر إعادة تدوير الركام بعد تكسيره لاستخدامه في تصنيع طبقة (البسكورس) الأساسية قبل رصف الطرقات، أو إعداد الحجارة اللازمة للبناء، مع منع استخدامه في مستلزمات البناء الأخرى الأكثر أولوية خاصة الباطون.
وسبق أن حذر مختصون في علوم البيئة في غزة من مخاطر تلوث ركام المباني المدمرة بالإشعاعات والمواد الخطرة ما يفرض الحد من إعادة استخدامها في مستلزمات البناء.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn