غزة 14 أكتوبر 2014 /زار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قطاع غزة لعدة ساعات اليوم (الثلاثاء) بالتزامن مع بدء إسرائيل توريد أول دفعة من مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار بعد أكثر من ستة أسابيع من هجومها الأخير على القطاع المحاصر.
وتفقد بان كي مون مناطق لحق بها الدمار في بلدة جباليا شمال القطاع وحي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وزار مدرسة تديرها الأمم المتحدة وتأوي مئات ممن دمرت منازلهم في الهجوم الإسرائيلي الأخير.
وجدد بان كي مون خلال مؤتمر صحفي في ختام زيارته إلى غزة، التأكيد على مطلب الأمم المتحدة بضرورة رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وفتح كافة معابر القطاع وإزالة المعيقات أمام حرية الحركة.
وشدد على أنه "لا يمكن حل مشاكل قطاع غزة من دون النقاش في جذورها الأساسية ورفع الحصار المفروض عنه" المستمر منذ منتصف يونيو 2007.
وتعهد بان كي مون بأن تعمل الأمم المتحدة على تسريع وتيرة إعادة إعمار قطاع غزة، خصوصا من خلال توريد مواد البناء اللازمة بصورة أساسية بشكل أكثر فعالية وسرعة.
وقال بهذا الصدد إن "رفع الحصار وحرية الحركة هي من الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني (...) سنواصل دعم المباحثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى تحقيق هدف الإعمار كاملا بالنهاية".
وأضاف "زيارتي إلى غزة رسالة بأنه لا مجال أن نفقد مزيدا من الوقت ولا يمكن على الإطلاق أن يكون سلام وأمن لإسرائيل بينما المشاكل في غزة تتصاعد وتتفاعل".
ووصف ما تفقده من دمار في غزة بأنه "شيء من العار بالنسبة للمجتمع الدولي"، معربا عن تضامن الأمم المتحدة ودعمها للفلسطينيين خصوصا سكان القطاع.
وتابع بان كي مون "عملية أن تبني وأن تهدم هذه الدائرة يجب أن تتوقف، ويجب أن تتوقف عملية التدمير وعلى (حركة المقاومة الإسلامية) حماس والجماعات الأخرى وقف إطلاق الصواريخ (تجاه إسرائيل) لأنها لم تأت بشيء غير المعاناة، والآن لدينا فرصة للتحرك إلى الأمام".
ووصل بان كي مون إلى غزة صباح اليوم عبر معبر بيت حانون/إيرز مع إسرائيل شمال قطاع غزة لتفقد مناطق الدمار في القطاع عقب الهجوم الإسرائيلي الأخير عليه في الفترة ما بين 8 يوليو إلى 26 أغسطس الماضيين.
وعقد بان كي مون مؤتمره الصحفي في مدرسة تابعة للأمم المتحدة في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة كانت تعرضت خلال الهجوم الأخير إلى قصف مدفعي إسرائيلي وهي تأوي نازحين فلسطينيين، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات منهم.
وقال معلقا على الحادثة "لا شيء يعبر عن حجم المأساة والمعاناة كمدرسة جباليا التي نحن فيها وآلاف من الرجال والنساء يفرون من شدة العمليات العسكرية ولقد أخذوا نوعا من الحماية تحت أعلام الأمم المتحدة".
وأضاف بان كي مون "كل المعلومات والإحداثيات قد تم مشاركتها مع الجانب الإسرائيلي مرات ومرات، لكن رغم ذلك قصفت المدرسة وأيضا مؤسسات أخرى للأمم المتحدة تأوي نازحين (...) هذا أمر غير مقبول إطلاقا ويجب التحقيق فيه بصورة مستقلة".
وشدد على ضرورة محاسبة "هؤلاء الذين خرقوا القانون الدولي وأن يجلبوا إلى العدالة والمحاسبة"، مشيرا إلى أن مفوضية الأمم المتحدة الإنسانية أنشأت لجنة تحقيق كما أن إسرائيل شكلت لجنة تحقيق جنائية بشأن قصف مدارس ومقرات الأمم المتحدة.
كما أعلن بان كي مون عزمه تشكيل لجنة تحقيق أخرى تشمل قصف مدارس ومقرات الأمم المتحدة وقتل موظفيها والمدنيين داخل تلك المقرات، متعهدا بأنه "من خلال لجان التحقيق الثلاثة سوف يتم تحقيق العدالة".
وكان بان كي مون عقد اجتماعا مع عدد من وزراء حكومة الوفاق الفلسطينية في غزة، ودعا في تصريحات صحفية بعد اللقاء إلى استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل "من أجل حل جميع المشاكل الحالية بين الجانبين وتجنب العودة للعنف مرة أخرى".
وأعلن أن دفعة من رواتب موظفي حكومة حركة حماس المقالة السابقة في غزة سيتم صرفها نهاية الشهر الجاري.
من جهتها، عقبت حركة حماس على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري على زيارة بان كي مون، بأن "زيارة المسؤولين الدوليين إلى غزة مهمة وضرورية للاطلاع على حجم آثار العدوان الإسرائيلي".
إلا أن أبو زهري أكد في بيان أن "المطلوب عدم الاكتفاء بالزيارات وإنما اتخاذ خطوات جادة لإنهاء معاناة غزة".
وحث على "التوقف عن ازدواجية المعايير وسرعة تنفيذ ما تعهد به (بان كي مون) من خطوات للتخفيف عن الشعب الفلسطيني".
وبالتزامن مع زيارة بان كي مون إلى غزة سمحت إسرائيل بالبدء في توريد مواد بناء إلى قطاع غزة لاستخدامها في إعادة إعمار ما جرى تدميره في هجومها الأخير على القطاع.
وقال رئيس لجنة تنسيق إدخال البضائع إلى غزة التابعة للسلطة الفلسطينية رائد فتوح لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه جرى توريد 15 شاحنة أسمنت، و10 شاحنات حديد، و50 شاحنة حصى عبر معبر (كرم أبو سالم/ كيرم شالوم) الخاضع للسيطرة الإسرائيلية.
وذكر فتوح أن السلطات الإسرائيلية لم تبلغهم إن كان توريد كميات من مواد البناء سيتم بشكل يومي من عدمه حتى الآن.
من جهته، أعلن حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، عن بدء عملية إدخال مواد البناء الخاصة بإعمار قطاع غزة ابتداء من اليوم.
وقال الشيخ على صحيفته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، إن عملية إدخال مواد البناء إلى قطاع غزه تأتي إيذانا ببدء عملية إعادة الإعمار فيه بالتنسيق مع الأمم المتحدة.
وذكر أنه سيتم توزيع مواد البناء من خلال القطاع الخاص الفلسطيني وفقا لآليات متفق عليها مع الأمم المتحدة.
في المقابل، أكد مكتب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، أنه تم الشروع في "عملية تجريبية" لنقل مواد البناء اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة اليوم.
وأوردت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن "هذه العملية تجري وفقا لآلية المراقبة المتفق عليها بإشراف الأمم المتحدة وبالتعاون مع السلطة الفلسطينية للتأكد من وصول المواد البناء إلى الجهات المحددة مسبقا لترميم المنازل والمباني العامة لصالح سكان غزة مع الحفاظ على أمن إسرائيل".
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، الشهر الماضي، أن المنظمة الدولية توسطت للتوصل لاتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لتمكين السلطة الفلسطينية من بدء إعادة الإعمار في غزة.
وأفصح سيري في حينه، أن الاتفاق يقوم على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة.
وشنت إسرائيل عملية عسكرية أطلقت عليها اسم (الجرف الصامد) ضد قطاع غزة في الفترة من 8 يوليو إلى 26 أغسطس الماضيين وخلفت دمارا هائلا في المنازل السكنية والبني التحتية.
وحظرت إسرائيل توريد مواد بناء إلى قطاع غزة المكتظ بأكثر من مليون و800 ألف نسمة منذ فرضها حصارا مشددا على القطاع منتصف العام 2007 إثر سيطرة حركة "حماس" عليه بالقوة بعد جولات من القتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وسمحت إسرائيل بتوريد تلك المواد بشكل محدود ولفترة لم تتجاوز الشهرين قبل أن تعود لتمنع إدخالها في أكتوبر من العام الماضي ردا على اكتشافها نفقا أرضيا يمتد من داخل القطاع إلى أراضيها.
وسمحت إسرائيل بعد ذلك في ديسمبر من العام نفسه بإدخال مواد البناء بكميات محدودة لصالح المؤسسات الدولية وحظره على التجار المحليين.
من جهتها، اعتبرت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار على غزة، أن ما سمحت إسرائيل بتوريده من كميات "غير كافية ولا تتناسب مع حجم الدمار الهائل وآليات الإعمار المنوي الشروع بها" في غزة.
وحسب اللجنة، يحتاج قطاع غزة يوميا من أجل البدء في إعادة الإعمار إلى 6 آلاف طن من الأسمنت وألفي طن من الحديد، و9 آلاف طن من الحصى بإجمالي 20 ألف طن يوميا.
وتعهدت الدول المانحة أول أمس الأحد، بمبلغ 5.4 مليار دولار يخصص نصفه لصالح إعادة إعمار قطاع غزة خلال مؤتمر دولي عقد في القاهرة برعاية مصرية ونرويجية.
وبهذا الصدد، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، أن الدول التي شاركت في مؤتمر القاهرة "جادة في الالتزامات المالية التي أعلنت عنها، وسيصار في المستقبل القريب وضع تصور لكيفية توريد هذه الأموال في أسرع وقت ممكن".
ونقل بيان صادر عن الحكومة عن الحمد الله خلال ترؤسه الاجتماع الأسبوعي للحكومة في رام الله في الضفة الغربية اليوم قوله، "لا نعتبر أن عملنا قد انتهى بعقد مؤتمر القاهرة وإنما بدأ في اللحظة التي أسدل فيها الستار على أعمال العمل الرسمي للمؤتمر".
وأضاف أن "مهمتنا في الوقت الحاضر التحرك السريع على كافة المسارات والمستويات لترجمة الالتزامات التي أعلن عنها في المؤتمر إلى واقع، واستمرار التواصل مع المجتمع الدولي بشكل مكثف لرفع الحصار عن قطاع غزة والبدء بورشة الإعمار".
وذكر الحمد الله أن مؤتمر القاهرة "أكد على رسالتين أساسيتين تلخصت الأولى في عدم إمكانية نجاح إعادة الإعمار في غزة دون توافر رؤية دولية موحدة للسلام العادل وضمان الاستقرار ومواجهة التحديات وإنهاء الاحتلال، ورفع الحصار عن القطاع".
وكان بان كي مون قد زار أمس الإثنين مدينة رام الله بالضفة الغربية والتقى الحمد الله وعددا من المسؤولين الفلسطينيين، وذلك بعد مشاركته في مؤتمر المانحين الذي عقد في القاهرة.
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn