تكريت، العراق 27 سبتمبر 2014 / تركت سيطرة المسلحين الذين ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا بـ (داعش) وما تبعها من عمليات عسكرية لاستعادة المناطق التي سيطروا عليها في المحافظة دمارا هائلا في مختلف مناحي الحياة بمحافظة صلاح الدين شمال بغداد.
وفي هذا الإطار، قال أحمد صادق من سكان منطقة الطوز (90 كم) شرق مدينة تكريت مركز المحافظة، لوكالة أنباء (شينخوا)، إن مناطق الطوز هي الاكثر تضررا من تلك العمليات والتي نتج عنها تدمير مئات المنازل والمساجد وتجريف مساحات واسعة من الارض الزراعية على ايدي مقاتلي بعض المليشيات الشيعية التي تقاتل إلى جانب القوات الامنية في هذه المناطق لاستعادتها من مسلحي تنظيم (داعش).
وأضاف إنه "على امتداد الطريق الذي يربط بغداد بمدينة كركوك ولمسافة تزيد عن (100 كم) تبدأ في منطقة العظيم جنوبا وتنتهي في منطقة الطوز شمالا تطالعك المنازل المدمرة والمخربة والمحترقة على جانبي الطريق فضلا عن احراق مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية خصوصا في منطقة العظيم".
اما سمير البياتي من سكان إحدى القرى الواقعة على طريق بغداد وقد نزح مع عائلته إلى مدينة كركوك فقال، إن افراد الميلشيات (شيعية) الذين تطوعوا ضمن الحشد الشعبي لمساندة القوات الامنية أتوا على الاخضر واليابس ودمروا مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية واحرقوا بيوتنا ودمروها بالعبوات الناسفة والقاذفات".
واضاف البياتي والدموع تنهمر من عينيه " حضروا الينا مدججين بمختلف انواع الاسلحة ويرتدون بزات مختلفة الاشكال والالوان ويستقلون سيارات شبيهة بسيارات داعش واطلقوا عبارات تدل على الطائفية الثأر والانتقام".
وتابع البياتي، خاطبنا احد افراد المليشيات قائلا " انتم حاضنة داعش سندمر هذه الحاضنه كي لا تنموا داعش ابدا، ثم اخرجني مع افراد عائلتي من المنزل وفجره بعبوات ناسفة وسط صيحات التكبير والتهليل ورفع علامات النصر على اصابع رجال الحشد الشعبي".
وطالب البياتي مجلس النواب العراقي والحكومة المركزية بالعمل الجاد من أجل وقف أعمال التخريب والهدم التي تقوم بها المليشيات، وقال "نطالب البرلمان وحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي بالعمل على وقف أعمال التخريب والتدمير التي تقوم بها المليشيات اثناء اقتحامها للمناطق السنية، أثناء معاركها مع داعش، كما نطالب الحكومة بتعويضنا عن منازلنا ومزارعنا التي دمرت بشكل كامل، والاسراع باعادتنا إلى مناطقنا لاعمار ما تم تخريبه على ايدي المليشيات.
يذكر أن احزاب وكتل سياسية شيعية قادة حملات للتطوع في الحشد الشعبي لمساندة القوات الامنية في معاركها ضد تنظيم داعش وفك الحصار عن بعض المناطق المحاصرة وفي مقدمتها منطقة امرلي (90 كم) شرق تكريت.
وكان على رأس القوات التي فكت حصار امرلي هادي العامري وزير النقل العراقي السابق وزعيم مليشيا بدر، فضلا عن مليشيات شيعية اخرى مثل سرايا السلام التابعة للتيار الصدري وكتائب النجباء وعصائب أهل الحق وجند الله والثأرون والصادقون وكتائب حزب الله.
من جانبه، دعا رشيد البياتي، عضو مجلس محافظة صلاح الدين وهو من سكنة الطوز، إلى التحقيق بعمليات حرق وتدمير مئات الدور السكنية بين قضاء طوز وناحية العظيم والتي وصفها بأنها جرائم ضد الانسانية.
وقال البياتي، في تصريح صحفي، إن منطقة سليمان بيك و36 قرية تابعة لها ولمنطقة امرلي قد تعرضت للحرق والتدمير على ايدي القوات الامنية والحشد الشعبي الذين كانوا يعملون على فك الحصار عن ناحية أمرلي.
وطالب بإرسال فرق خاصة لتوثيق ما تعرضت له ممتلكات الأهالي من تدمير واضطرار العشرات منهم إلى النزوح إلى العراء وتعويضهم كونهم من ضحايا الارهاب وضحايا الحشد الشعبي، مشددا على انهم ليسوا ارهابيين بل ضحايا للسيطرة تنظيم داعش على مناطقهم وينبغي تعويضهم لاشاعة الامن والاستقرار ونشر العدالة بين فئات الشعب العراقي.
وبالانتقال إلى الاجزاء الجنوبية من المحافظة، وتحديدا في المنطقة المحصورة بين مدينتي سامراء والدجيل جنوب تكريت، فان الحال لم يكن افضل من سابقه حيث سويت عشرات المنازل بالارض واحرقت المزارع وهدمت الجوامع، وبقية اثارها شاخصة تروي حجم المعارك العنيفة التي دارت بين قوات الحشد الشعبي ومسلحي داعش في هذه المناطق.
ويقول صالح الرفيعي من سكان منطقة سيد غريب (90 كم) جنوب تكريت، انه على امتداد اكثر من (20 كم) بين مدينتي الدجيل وبلد تم تجريف واحراق بساتين العنب والنخيل والحمضيات ولمسافة تزيد عن (2 كم) على جانبي الطريق ولم يتبق من تلك البساتين سوى بعض اشجار النخيل التي قاومت النيران وبقيت خضراء وزاهية وسط حقول الرماد.
ويضيف "لقد وقعنا ضحية وفريسة لبطش مسلحي تنظيم (داعش) من جهة وبطش مسلحي بعض المليشيات من جهة اخرى، فبعد ان استولى داعش على مناطقنا وسرق مسلحوه اموالنا وسياراتنا، جاءت المليشيات لتدمر منازلنا وتحرق مزارعنا".
ويتحدث كريم الحشماوي من سكان منطقة تل الذهب التابعة لمدينة بلد عن مشاهداته لما حصل من عمليات حرق وتدمير في يونيو الماضي، قائلا إن " رجالا مسلحين يرتدون الملابس السوداء وتقلهم سيارات مدنية غير متشابهه هاجموا المنطقة التي سيطر عليها تنظيم داعش واشتبكوا معه لايام وبعد معارك شرسة تمكن مسلحو الحشد الشعبي من السيطرة على المنطقة وبدأوا بحرق وتجريف الاف الدونمات التي تضم افضل بساتين الفاكهة والخضر في العراق".
واضاف وهو يشير إلى حقل محترق من العنب تبلغ مساحته أكثر من 2 دونم (5000 متر مربع) كان يدر لي ارباحا سنوية تكفيني لمدة عام كامل ولكن المليشيات التي هاجمت المنطقة احرقته بالكامل مع عناقيد العنب التي لم اتمكن من قطف شيئا منها بحجة انها كانت مأوى للارهابيين الذين يهاجمون القوافل العسكرية المارة على الطريق".
ولبستان العاني الذي يعد من العلامات البارزة في الطريق إلى مدينة بلد (80 كم) جنوب تكريت، قصة اخرى مع الدمار والحرق، حيث قامت قوات الحشد الشعبي بتجريفه وحرق حقول الفواكه التي يضمها من رمان وكمثرى وحمضيات بمختلف انواعها فضلا عن الاعناب والنخيل، وتحول هذا البستان الذي يمتد عمره لعشرات السنين إلى اثر بعد عين، بحسب وصف رزاق العاني احد العاملين في هذا البستان.
واضاف، ان بستان العاني يعد واحدا من اقدم البساتين في هذه المنطقة ويعود تاريخه إلى ستينيات القرن الماضي، وقد مثل على مدى السنوات الماضية محطة استراحة للكثير من المسافرين من بغداد إلى مدن شمال العراق، يتفيؤن ضلال اشجاره ويشترون فواكهه الطازجة، كما ان القوات الامريكية لم تقم بتجريفه عندما احتلت البلاد عام 2003 ، رغم الهجمات العنيفة التي كانت تتعرض لها في هذه المنطقة.
ودعى المحامي حسن الجبوري، إلى ضرورة القيام بجهود عاجلة لتوثيق اثار العمليات العسكرية وتشخيص الاطراف التي قامت بها وخصوصا عمليات تدمير المنازل واحراق البساتين والممتلكات واعتبارها جرائم حرب لانها طالت قبل كل شيء انسانية الانسان ووجوده.
وشدد الجبوري على ان القانون الدولي قد حرم تحريما كاملا الحاق الضرر بالمدنيين وبممتلكاتهم، معتبرا ان ما جرى من عمليات حرق وتدمير لممتلكات المواطنين في محافظة صلاح الدين يندرج ضمن جرائم الحرب ضد الانسانية، داعيا المنظمات الدولية إلى التدخل الفوري لتقييم الاضرار وتحميل المسئولية الجنائية والاخلاقية للفاعلين.
وتشهد العديد من المدن العراقية اوضاعا امنية متردية منذ ان تمكن تنظيم ما يعرف بالدولة الاسلامية من السيطرة على عدد من المدن شمال وغرب بغداد، مطلع شهر يونيو الماضي، فيما تواصل القوات العراقية مدعومة بالحشد الشعبي عملياتها لاستعادة الاراضي التي سيطر عليها التنظيم.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn