يعود المأزق الحاد الذي تعانيه الدول الشرق الأوسطية في الحكم، لحد كبير إلى الدول الغربية. فعلى مد طويل، لم تسهم السيطرة الإستعمارية الغربية، والهيمنة و"حروب الإصلاحات الديمقراطية" إلى تأزيم الأمن والإستقرار الإقليميان، وتخريب البيئة السياسية والنظام الأمني في المنطقة وتقويض العلاقات الداخلية والخارجية بين دول المنطقة فحسب، بل أدى أيضا إلى تدهور بيئة الحكم في كامل المنطقة، وإضعاف قدرات دول المنطقة على إدارة شؤونها، كما عطّل وغير مسيرة التحديث السياسي لهذه الدول.
وفي الوقت الحالي، تواجه ليبيا جملة من التحديات على مستوى إعادة الإعمار السياسي، الإقتصادي، الأمني والإجتماعي وغيرها، ومن غير المأمول أن تعالج أن تتم معالجتها في فترة وجيزة. وإعادة البناء لا يشمل نظام ومنظومة الدولة، أو إعادة بناء النظام، بل كذلك إعادة بناء منهجي للمجال السياسي، الإقتصادي، الثقافي والأمني، وغيرها. ولا شك أن الإنتقال من الفوضى إلى الحكم، ومن التخريب إلى التأسيس، يمر بصرورة تاريخية قاسية ومؤلمة. وفي ظل الوضع الراهن، أصبحت ضرورة لجوء مختلف الأطراف إلى الأساليب السلمية والديقراطية، في التوصل إلى إجماع وطني شامل حول نظام الدولة والإتجاهات الرئيسية، أولوية الأولويات، لتحقيق التسوية السلمية وإستعادة النظام في البلاد.
شهد الوضع السياسي في دول الشرق الأوسط إضطرابات كبيرة وتصاعد في معدلات الفوضى خلال السنوات الأخيرة. وقد كان ذلك نتيجة لفشل إدارة الدولة أوعدم فاعليتها على مدى فترة طويلة. وبالنظر من هذا المستوى، تعد طبيعة أزمة الشرق الأوسط أزمة في إدارة شؤون الدولة. فتاريخ تأسيس غالبية دول الشرق الأوسط ليس طويلا، وهي تعاني من هيمنة التقاليد ونقص التحديث، إلى جانب تخلف التنمية الإجتماعية والإقتصادية، وهشاسة وعي الدولة القومية. حيث لاتزال العديد من الدول الشرق أوسطية تعاني من نقائص على مستوى بناء الدولة القومية الحديثة، ومن عدم نضج النظام السياسي الديمقراطي، وضعف مستوى الدمقرطة وحكم القانون، وهشاشة العلاقات بين العرقيات والطوائف. ونتيجة لغرق هذه الدول داخل مستنقع الصراعات الداخلية لفترة طويلة، وخضوعها لتدخل أجنبي مكثف، عانت هذه الدول من هشاشة منظومة الحكم، وعدم فاعلية أو فشل الإدارة، وضعف مستوى الإدارة، وإنفصال نموذج الحكم عن الواقع، وعدم القدرة على مواكبة خطى العصر ومطالب الشعوب.
تجب الإشارة أيضا، إلى أن هذه الأزمة طويلة المدى. خاصة في ظل دخول العالم إلى العولمة وعصر المعلومات، أصبحت هذه الأزمة أكثر إستفحالا. في الحقيقة، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ظل البحث عن طريق للتنمية ونموذج لإدارة الدولة يتناسبان مع طبيعة المنطقة وأوضاع كل دولة، وتحديث منظومة إدارة شؤون الدولة، المعضلة الرئيسية التي واجهتها العديد من دول المنطقة على مدى فترة طويلة من الزمن.
يعود المأزق الحاد الذي تعانية الدول الشرق الأوسطية في الحكم، لحد كبير إلى الدول الغربية. فعلى مدا طويلا، لم تسهم السيطرة الإستعمارية الغربية، والهيمنة و"حروب الإصلاحات الديمقراطية" إلى تأزيم الأمن والإستقرار الإقليميان، وتخريب البيئة السياسية والنظام الأمني في المنطقة وتقويض العلاقات الداخلية والخارجية بين دول المنطقة فحسب، بل أدى أيضا إلى تدهور بيئة الحكم في كامل المنطقة، وإضعاف قدرات دول المنطقة على إدارة شؤونها، كما عطّل وغير مسيرة التحديث السياسي لهذه الدول. فمن العراق إلى ليبيا، ومن سوريا إلى مصر، هي أمثلة تبرهن على محاولة الغرب فرض نظامه السياسي والإجتماعي ونموذج التنموي على الآخرين، ونسخها في الدول الأخرى، لكن ذلك لم يفشل على المستوى التطبيقي فحسب، بل خلف أضرارا لهذه الدول. ويبقى الإحترام المتبادل، التسامح، تبادل المنافع وعدم فرض النفس على الآخرين، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ودعم الآخرين على إختيار طريق التنمية والنظام الإجتماعي اللذان يتناسبان مع الأوضاع الداخلية، هو الطريق الوحيد الصائب، والخيار الوحيد الذي لا يثقل كاهل المنطقة بمزيد من الإضطرابات.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn