بدأت الرؤى الإصلاحية تتبلور في ذهنية دنغ شياو بينغ وأخذ يحفز الناس على العمل والابداع والانتاج مستلهماً في ذلك النمازج الناجحة التي عايشها خلال إقامته بالخارج في العالم المتطور. وترسخت هذه الرؤى وصار أكثر ايماناً بأن الانفتاح هو السبيل المناسب لوضع الصين في مسار التقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لكن وفق ما يتناسب مع واقع وظروف الصين، وبدت أفكاره واضحة من حيث ميوله نحو المبادئ الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
وتتضمن رؤاه الإصلاحية العديد من الإجراءات التي تحفز النمو الاقتصادي، من ذلك تخصيص علاوات لزيادة عوائد العاملين الحكوميين في المدن، وتقليل الاستثمار في الصناعات الثقيلة وذلك لتحقيق الموازنة في جميع القطاعات، وزيادة الأسعار التي تدفعها الحكومة لشراء محاصيل الفلاحين، ونتيجة لذلك زاد الإقبال على العمل وبالتالي زاد الإنتاج.
وعلى ذلك تطورت حيات الفلاحين وأصبحو يعيشون في مساكن جديدة، وزاد الاستهلاك اليومي، وتبعاً لذلك أُتيحت فرصا هائلة للعمل وللأسواق، خاصة في مجال صناعة المواد الإنشائية. وفي المدن، وأخذ دنغ شياو بنغ يتبنى سياسات مؤاتية لزيادة فرص العمل خاصة للخريجين الشباب، وشجع مزاولة الأعمال الخاصة الصغيرة، وزاد الإقبال على استهلاك السلع وهو ما أدى لترقية العرض.
وضمن مجهوداته الإصلاحية عمل على جذب الاستثمارات الأجنبية، وخفض إنتاج الأسلحة غير الاستراتيجية. كما دعا إلى انتهاج سياسات تنظيم الأسرة الصينية، للحد من الزيادة في عدد السكان. وحث الطلاب الشباب على الدراسة في الخارج من باب التعرف على أوجه التطور التي تسود في العالم المتطور.
يمكن القول أن أهم ما يرتكز عليه ميراث دنغ شياو بينغ الإصلاحييرتكز على إصلاح الداخل والانفتاح على الخارج، وأيضاً تنمية الاقتصاد والتخلص من الفقر والانغلاق، والاستفادة من التكنولوجيا المتطورة من الغرب، كما أنه كان يؤمن بأن الاشتراكية تعني تنمية قوى الإنتاج، وإصلاح نظم الإدارة الاقتصادية، وخلق اقتصاد السوق الاشتراكي.
لم تقف إسهامات دنغ شياو بينغ عند حد التنظير بل كان عملياً فقد تجسدت رؤاه في فتح مناطق معينة لتطوير التصنيع والتصدير، واستقطاب الاستثمار الخارجي، فنشأت في مقاطعة قواندونغ منطقة شنتشن الاقتصادية الخاصة وتشوهاي وشانتو، وكذلك منطقة شيامن الاقتصادية الخاصة في مقاطعة فوجيان، وتحولت لاحقا إلى مناطق اقتصادية خاصة توفرت فيها فرص تجارية برسوم تفضيلية جذبت إليها الكثير من المستثمرين من هونغ كونغ المجاورة لهذه المناطق.
وبفضل هذه المناطق الاقتصادية الخاصة ازدهر قطاع التصنيع في الصين بصورة ملحوظة، حيث زادت الصادرات بمستوى غير مسبوق وهو ما جعل الصين تتقدم بسرعة كبيرة في مجال التنمية. إذ أصبحت الصين اليوم تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ومن الإسهامات المهمة لدنغ شياو بينغ أنه نجح في إعادة هونغ كونغ للوطن الأم بحلول عام 1997، وكذلك ماكاو في العام 1999، وهذه الانجازات تعد من ثمار سياسته المعروفة بـ (دولة واحدة ونظامان). الدولة الواحدة هي الصين بنظامها الاشتراكي، ونظامان تعني بقاء منطقتي هونغ كونغ وماكاو على نظامهما الرأسمالي.
بعد تاريخ حافل بالانجازات التي توجت مسيرة هذا الرجل، توفي دنغ شياو بينغ في بكين في 19 فبراير عام 1997، عن عمر بلغ 93 عاما، ولكن ميراثه السياسي وانجازاته الاقتصادية التي أوصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم ستظل خالدة.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn