بكين 13 يوليو 2014 / وسط أجواء مباريات كأس العالم والحماسة البالغة لمشاهدة المباراة الختامية، تتجه الأنظار أيضا إلى القمة السادسة لمجموعة دول "بريكس" المقرر عقدها يومي 15 و16 يوليو الجاري في مدينة فورتاليزا البرازيلية، والتي سيشارك فيها الرئيس الصيني شي جين بينغ.
ويرى محللون صينيون أن هذا اللقاء يتمتع بأهمية كبيرة وخاصة فيما يتعلق بالتطور المستقبلي لآلية دول بريكس مع إنشاء مصرف للتنمية وصندوق احتياطي للطوارئ في جل الاهتمام.
-- لقاء رسم المستقبل وتعزيز الثقة
منذ عام 2009، جرت خمسة لقاءات سنوية بين قادة الدول الأعضاء في كل دولها الخمس الأعضاء-- روسيا والبرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا. ويعتبر لقاء العام هو الأول في الجولة الثانية من لقاءات قادة المجموعة، ولذلك فإنه لقاء يربط الماضي والمستقبل، ويتمتع بأهمية كبيرة من ناحية وضع خطة المرحلة القادمة.
ويرى لي جيان مين، الباحث بمعهد بحوث روسيا ووسط آسيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، أن تكتل دول بريكس تطور بفضل لقاءات القادة إلى هيكل تعاون متعدد المستويات وواسع المجالات، وأصبح قوة مهمة في دفع التعاون داخل الآلية ومواجهة الأزمة المالية ودفع النمو الاقتصادي العالمي ودمقرطة العلاقات الدولية.
ويشكل عدد سكان دول بريكس 43 بالمئة من سكان العالم، وتمتلك 40 بالمئة من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية. وبعد تطوير لأكثر من عقد وتحسين آلية اللقاءات بين قادة دول بريك (قبل انضمام جنوب إفريقيا)، تم تشكيل إطار تعاون متعدد المستويات وواسع المجالات، لتخدم ليس كمنصة إستراتيجية لإجراء حوارات التعاون والمشاركة في إدارة العالم من قبل الدول الناشئة الرئيسية في العالم فحسب، وإنما قوة مهمة في الحفاظ على السلام العالمي ودفع التنمية المشتركة أيضا.
وبعد حدوث الأزمة المالية العالمية، ضخت الدول الناشئة ممثلة بدول بريك حيوية ضخمة في انتعاش الاقتصاد العالمي . ووفقا لإحصاءات البنك الدولي، تجاوز معدل النمو في دول بريكس 8 بالمئة، مقابل 2.6بالمئة للدول المتقدمة و4.1 بالمئة للعالم. وفى عام 2013، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول بريكس 21.31 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتوقعت المنظمات الدولية بأن تواصل دول بريكس نموها بشكل أسرع من الدول المتقدمة واجمالي النمو العالمي.
وقال لي أن الرئيس شي سيعمل مع قادة الدول الأعضاء الأخرى لتخطيط المستقبل وتعزيز الثقة داخل التكتل في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي في معظم الاقتصادات الناشئة، بما فيها دول بريكس بسبب التراجع الشديد في رؤوس المال الدولية المتدفقة إلى الأسواق الناشئة.
وتابع لي "في الوقت الحالي، تعتبر كيفية الحفاظ على النمو الذاتي السريع ودفع التطوير العميق للآلية والتعاون العملي موضوعات أساسية وهامة تواجه دول الكتلة، لذلك، يصبح تخطيط إطار التطوير المستقبلي على أساس تلخيص الخبرات والدروس الماضية في الوقت الراهن مهم للغاية، متوقعا أن تؤكد القمة على روح التضامن داخل المجموعة وتعمل على تعزيز الثقة لتحقيق أهداف النمو.
-- بنك للتنمية وصندوق احتياطي الطوارئ
وتحظى هذه القمة باهتمام عالمي في ضوء إمكانية كبيرة لإعلان رسمي عن إنشاء بنك التنمية لبريكس وترتيبات احتياطي العملات المتعلقة بالطوارئ، وهو ما يعتبره ياو تشي تشونغ، مساعد مدير معهد البحوث الاقتصادية والسياسية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، بمثابة اختراقة كبيرة في تطوير آلية بريكس.
ورأى ياو أن إنشاء بنك التنمية هو "زعزعة " للنظام المالي الدولي، نظرا للمنظومة الاقتصادية الدولية الحالية التي تستأثر فيها الدول المتقدمة بصنع القرار في معظم المؤسسات المالية، في ظل تمثيل ضعيف للاقتصادات الناشئة رغم أهميتها المتزايدة.
ويعتقد ياو أن بنك التنمية الجديد يرمز لتوسيع تأثير الاقتصادات الناشئة في النظام المالي الدولي، ما قد يشكل إطارا موازيا ومكملا لصندوق النقد الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
وأضاف أن البنك سيضطلع بأدوار تمويل مشروعات التنمية للاقتصادات الناشئة فضلا عن تسهيل معاملات الإقراض والمحاسبة بين الدول الأعضاء، مما يقلل الاعتماد على الدولار واليورو، أما صندوق احتياطي العملات سيعمل كـ"حائط صد" ضد الاضطرابات المالية من خلال مواجهة مشكلة نقص احتياطات النقد الأجنبي للدول الأعضاء، ما يخفف من ضربات السوق المالية الدولية.
وبدورها قالت هوانغ وي، باحثة مساعدة في معهد البحوث الاقتصادية والسياسية للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن إنشاء بنك التنمية يدل على اجتياز دول بريكس مرحلة التكييف، ورفع التعاون بينها إلى مستوى أعلى وأعمق.
وأضافت هوانغ أن أهمية وتأثير بنك التنمية بالنسبة لدول بريكس يتمثل في جانبين: التكامل والتحفيز. أولا، إن حد الإقراض من البنك الدولي بعيد عن تلبية حاجة الدول النامية، لذلك، فإن إنشاء البنك يشكل عنصرا مكملا للتمويل. ثانيا، يختلف هيكل وأسلوب تشغيل بنك التنمية لبريكس عن نظيرهما في البنك وصندوق النقد الدوليين، ما قد يحفز على تحسين أسلوبهما ودفع جولة جديدة من إصلاح حصص الصندوق، ما يجنب الشروط الإضافية عند الإقراض والتدخل في الشؤون الداخلية الدولة الدائنة.
-- تحديات وآمال
وإتفق الخبراء الصينيون انه بالرغم من أن نتائج التعاون في إطار بريكس واضحة للجميع، لكن في الظروف الجديدة العالمية، مازالت هناك تحديات شاقة أمام الكتلة.
ولعل نقطة الضعف المشتركة لدول بريكس تكمن- بحسب هوانغ- في عدم نضج السوق المالية والافتقار إلى القدرة على مواجهة الصدمات المالية الخارجية. ومنذ النصف الثاني من العام الماضي، تباطأ النمو الاقتصادي في بعض دول بريكس نسبيا، ما أثار شكوك الدول الغربية وتكهنات بأن "الكتلة هشة".
وقالت هوانغ "في الحقيقة، رغم تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض دول بريكس، لكنه مازال أسرع من الاقتصادات المتقدمة. ورغم تفاوت الصعوبات التي تواجهها دول الكتلة، إلا أن كافة دول المجموعة لم تشهد عثرات سياسية ولا أيا من الخطوط السياسية المتطرفة، وتتمتع الدول الخمس بآفاق مستقرة من ناحية النمو الاقتصادي بفضل تضافر الجهود والتعاون المشترك".
وأضافت أنه في ظل تراجع إجمالي الطلب الاقتصادي في العالم، تواجه دول بريكس تحديا أخرا يتمثل في كيفية الحفاظ على النمو الاقتصادي المستدام، وهذا يحتاج إلى جهود: أولا، توسيع السوق والطلب، وحل محل الاعتماد على الاقتصادات المتقدمة، وثانيا، تعزيز قوة الدفع للنمو الاقتصادي مثل الابتكار التكنولوجي كعنصر حاسم في القدرات التنافسية.
وشاطرها الرأي ياو، مضيفا أن دول بريكس بحاجة إلى تعزز الإبداع وتسريع التحويل الاقتصادي لتحفيز قدراتها الذاتية على النمو، مضيفا أن تنميتها المستقبلية تتوقف بشكل كبير على ما إذا كانت قادرة على تحويل ميزاتها الذاتية إلى ميزات تنافسية وإبداعية.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn