أعلنت الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) يوم 29 يونيه الماضي قيام "الخلافة" الإسلامية في الحدود السورية ومبايعة أبو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين في كل مكان". وترى وسائل الاعلام الغربية أنه استنساخ لدول الخلافة بعد مرور مئة عام على سقوط دولة الخلافة الإسلامية.
إن بقاء " الدولة الاسلامية " على قيد الحياة مرتبط بتغيير تنظيم " داعش" لسياسته المتطرفة ومدى ترحيب اهل السنة المحليين بهم.والاهم من ذلك، موقف العالم الخارجي خاصة أمريكا.وبعد التحليل العميق، فإننا نكتشف بأن صعود تنظيم " داعش" يشكل تهديدا على المصالح الامريكية في منطقة الشرق الاوسط، لكن في نفس الوقت في صالح الاهداف الاستراتيجية الامريكية في المنطقة.
من ناحية، قيام " الدولة الاسلامية" سوف يرسم خريطة جيو سياسية مفتتة للعالم العربي، مما يتماشى مع المصالح الامريكية والاسرائيلية طويلة الاجل. وقد اقترح وزير الخارجية الاسرائيلي السابقOded Yinonفي شهر فبراير عام 1982، تقسيم منطقة الشرق الاوسط الى كيانات اصغر على اساس طائفي وعرقي.وسعت أمريكا مرارا وتكرارا الى تنفيذ استراتيجية مماثلة.
كما نشر رالف بيترز، وهو ضابط متقاعد يحمل رتبة مقدم، في مقال نشر بمجلة القوات المسلحة الأميركية في عدد يونيو 2006، الملامح التفصيلية لخطة إعادة تقسيم الشرق الأوسط وتحقيق الاستراتيجية الغربية في إنشاء الشرق الاوسط الجديد، وانهاء الصراع في المنطقة.وتحدث رالف بيترز في خطته عن تقسيم العراق إلى ثلاثة أجزاء، دولة كردية بالشمال، ودولة شيعية بالجنوب، ودولة سُنية بالوسط.ويعتقد المحللون أن خريطة رالف بيترزتعكس الاهداف الاستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط الطويل الاجل.
مشروع تقسيم العراق قديم وكان يشغل الاوساط الأمريكية والاسرائيلية منذ زمن بعيد، واقتراح مسؤولون الامريكيون مرارا وتكرارا خطة تقسيم وتفتيت العراق قبل وبعد الحرب على العراق ليس صعب للفهم. في 30 يناير 2007، قال ممثل الولايات المتحدة الدائم لدى منظمة الدول الأميركية جون بولتون إن الولايات المتحدة ليست لها مصلحة استراتيجية في ضمان أن يظل العراق موحدا،وليست للولايات المتحدة مصلحة استراتيجية في وجوب ان يكون هناك عراق واحد او ثلاثة.وفي 26 سبتمبر2007، صوت مجلس الشيوخ الامريكي بنسبة75 صوتا مقابل 23 صوتا معارضا لتمرير خطة بايدن بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق كبيرة؛ عربية سنية، و كردية، وعربية شيعية، مع حكومة مركزية محدودة الصلاحيات في بغداد تتركز مهامها بحماية امن الحدود وإدارة وتوزيع الموارد النفطية.وبالتالي، فإنه وفقا للخارطة الجيوسياسية الطائفية المحلية لدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) فإن ترسيم الدوائر الانتخابية سوف تكون وفقا لاستراتيجية امريكا واسرائيل.
من ناحية اخرى، صعود تنظيم " داعش" يوفر فرصة لامريكا لتنفيذ سياسة " موازنة في الخارج". حيث أن ايران المنافس الرئيسي لامريكا في الشرق الاوسط. وقبل حادثة " 9.11"، كانت ايران غير قادرة على فعل اي شيء تحت ضعط طالبان وسلطة صدام حسين، ما اعطى الفرصة لامريكا أن تلعب دور كالموازن في الخارج. لكن بعد اطاحة امريكا بنظام صدام حسين وطالبان عام 2001 و2003، مكن ايران من التحرر النفسي والنمو والتوسع في المنطقة، في حين فقدت امريكا قوة الدولة الكبرى وخسارة ايران كورقة رابحة.وفي ظل التراجع الامريكي المستعجل في الشرق الاوسط ، فإن إدارة أوباما بحاجة الى ايجاد سبل الحد من قوة ايران. وعودة حركة طالبان في افغانستان، فضلا عن الظهور المفاجئ لتنظيم " داعش" في العراق،لم ياتي في " الوقت المناسب" فحسب ، وإنما فرصة لتمكين السنة المتطرفين على مساعدة امريكا في كبح ايران.
في الواقع، ظهرت في الاشهر الاخيرة علامات انضمام أمريكا الى قوات السنة المتطرفة: وحركة طالبان التي تعتبرها افغانستان وامريكا" منظمة ارهابية" في الماضي تتبادل اليوم معها لاسري الحرب، يعني تقصير في عودة طالبان.وصعود تنظيم "داعش" حاليا، لم يقلق امريكا التي رفضت ارسال القوات البحرية وضد الضربات الجوية، ولكن هددت المالكي بالتخلي عن النظام.بالاضافة الى ذلك، نشرت وسائل الاعلام مرارا وتكرارا خبر مساعدة الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي على تدريب افراد من تنظيم "داعش". وعليه، لا عجب اذا اعتبر قادة ايران تنظيم "داعش " بأنه " مؤامرة مخطط لها سابقا".
التاريخ هو نتيجة التاثير المشترك، وبقاء" الدول الاسلامية"على قيد الحياة واعادة هيكلة شاملة للنظام في الشرق الاوسط، سيقرره الصراع بين الاطراف وليست امريكا وحدها. وبذلك، فإن الحديث عن النتيجة لا يزال سابق لاوانه.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn