الجزائر 7 يونيو2014 / تقترب الجزائر من حل إشكالية نحو 500 طفل ولدوا في الجبال لآباء إرهابيين كانوا قد صعدوا إلى الجبال في تسعينيات القرن الماضي سعيا منهم للإطاحة بنظام الحكم بالقوة فوجدوا أنفسهم بعد أن طال عليهم الأمد بأطفال ولدوا لهم إما من زوجاتهم اللاتي صعدن معهم إلى الجبال أو من نساء اختطفن في اعتداءات مسلحة.
ودعا رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية مروان عزي في مؤتمر صحفي اليوم (السبت) إلى مصالحة وطنية شاملة وموسعة لحل إشكالات لا تزال قائمة بسبب العنف المسلح الذي اندلع في العام 1992 ولا تزال تشهد الجزائر تداعياته حتى الآن. وكشف عزي أن الحكومة ستعلن في الأسابيع القادمة عن الإجراءات الجديدة التي ستكمل الإجراءات السابقة التي اتخذتها الدولة في مجال السلم والمصالحة الوطنية التي زكاها الجزائريون بنسبة 97 في المائة في استفتاء عام جرى في 29 سبتمبر 2005. وسياسة المصالحة الوطنية هي مبادرة سياسية جريئة اقترحها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لمنح عفو جزئي أو كلي بحسب خطورة الحالات للجزائريين الذين تورطوا في الأعمال الإرهابية وأيضا للمشبوهين بالإرهاب الموجودين في السجن أو المحكوم عليهم لكنهم يوجدون في حالة فرار إما داخل الجزائر أو خارجها. كما تشمل المصالحة الذين طردوا من وظائفهم في تسعينيات القرن الماضي بشبهة الإنتماء إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة حاليا والتي كانت تسيطر على الحياة السياسية في البلاد في الفترة ما بين 1989-1992. وتحاول سياسة المصالحة إيجاد حل لآلاف النساء المغتصبات من طرف العناصر الإرهابية بالإضافة إلى الآلاف من المفقودين خلال الأزمة الأمنية. وأوضح عزي أن كل الملفات المتعلقة بالمصالحة الوطنية موجودة على مستوى رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أنه ينتظر "قرارات أخرى كفيلة بغلق ملف المأساة الوطنية (تداعيات الإرهاب) نهائيا". وأكد عزي على ضرورة أن تتوسع المصالحة الوطنية لتمس فئات أخرى على غرار الأطفال المولودين في الجبال وقضية معتقلي الصحراء وعناصر مجموعات الدفاع الذاتي. وقال إن الأمر يتعلق بالتكفل بحوالي 500 طفل ولدوا في الجبال خلال تسعينيات القرن الماضي والذين يبلغ سنهم حاليا ما بين 5 و 15 عاما. وأشار إلى أن خليته تلقت حوالي 100 ملف وحتى الآن تمت تسوية 37 من هذه الملفات على مستوى الحالة المدنية "سجل الأحوال الشخصية". وأكد أن "الأمر يستدعي تحديد هوية الأطفال لأنه بالنسبة للبعض منهم تم القضاء على آبائهم مما يتطلب اللجوء إلى اختبارات الحمض النووي لتحديد نسبهم". أما بشأن معتقلي الصحراء فيقصد بها الشباب الملتزم الذين اعتقلتهم الحكومة بشكل عشوائي عقب إعلان حالة الطوارئ في 1992 وحل الجبهة الإسلامية للإنقاذ والزج بهم في مراكز تجميع في الصحراء ويبلغ عددهم نحو 18 ألف شاب، قامت السلطات بإطلاق سراحهم على دفعات بعد احتجازهم لسنوات. وكانت الحكومة لجأت إلى ذلك لإفراغ الوعاء الجماهيري للجبهة الإسلامية خاصة في المدن الكبرى ومنها العاصمة الجزائر التي كانت تسيطر عليها الجبهة شعبيا. أما بشأن عناصر مجموعات الدفاع الذاتي فهي ميليشيات تتألف من مواطنين مسلحين موالين للحكومة انتشروا بصورة كبيرة في القرى والمناطق النائية في تسعينيات القرن الماضي وكانوا يساعدون الحكومة في حربها ضد الجماعات المسلحة.
ويسعى قدماء هذه المجموعات إلى دفع الحكومة للإعتراف بوضعهم القانوني وتقديم تعويضات مادية لهم.
كما أشار عزي إلى مسألة تعويض النساء المغتصبات خلال فترة الإرهاب ورفع منع مغادرة الأراضي الجزائرية لمصلحة المتهمين بالإرهاب في مرحلة ما وهم غير متابعين قضائيا في الوقت الحالي. فبالنسبة للنساء اللاتي تعرضن للاغتصاب فقد تم وضع لجان على مستوى كل محافظة لإحصائهن، أما فيما يخص ملف عائلات المفقودين فحسب عزي تم تعويض 7 آلاف عائلة من أصل 7144 عائلة مفقودين، كما أن قرابة 12 ألف عائلة فقيرة ممن ضلع أحد أبنائها في الأعمال الإرهابية فقد استفادت هي الأخرى من مساعدات مادية. كما أن الموظفين الذين طردوا من وظائفهم فتم تسوية وضعيتهم إما بإعادة إدماجهم أو أحيلوا إلى التقاعد. واعتبر عزي أن سياسة المصالحة "ساهمت بقدر كبير في استتباب الأمن والاستقرار في البلد". وأشار إلى أن أهمية هذه السياسة تكمن في أن 9 آلاف مشبوه بالإرهاب استفادوا من قانون المصالحة حتى 2013 مقابل 2425 شخصا العام 2006، بينما بلغ العدد من 1997 إلى 2013 نحو 15 ألف شخص. وقال عزي "إن التائبين (من الإرهابيين) الذين سلموا أنفسهم للسلطات المختصة (أجهزة الأمن) فقد استفادوا بدورهم من العفو". وقال رئيس الوزراء الجزائري عبد الملك سلال عقب مصادقة البرلمان على خطة عمل الحكومة للسنوات الخمس المقبلة الخميس الماضي، أن مسار المصالحة الوطنية "عمل حضاري" وهي "ملف لا يغلق". وأضاف في مؤتمر صحفي إن مشروع تعديل الدستور يتضمن "اقتراح دسترة المصالحة الوطنية لأنها لا تقتصر على العمليات التي قامت بها الدولة خلال السنوات الماضية كحل معضلة المنح والتشغيل" واعتبر أنه " لا يزال توجد نقائص في هذا الجانب و" تسعى الدولة إلى إزالتها، مذكرا أن "الأسبوع الماضي فقط أعطى رئيس الجمهورية تعليمات برفع قيود السفر على بعض الأشخاص".
وأكد أن الأشخاص المعنيين "قد سويت حالتهم (قضائيا) لكنهم عندما يقدمون على السفر من أجل أداء مناسك الحج مثلا يلقون صعوبات ولهذا جاءت هذه التعليمات الرئاسية لرفع هذه الصعوبات البيروقراطية". وأشار إلى أنه "لا زالت بعض القضايا الأخرى مثل مشكلة المفقودين" في إشارة إلى العائلات التي ترفض مقترح الحكومة تسوية وضعية أبنائها المفقودين في الأزمة الأمنية لأن هذه العائلات تتهم أجهزة الأمن باعتقالهم ومن ثم إما قتلهم أو التستر عن مصيرهم، فيما تقول الحكومة إن هؤلاء إما التحقوا بالجماعات الإرهابية أو قتلوا من طرف هذه الجماعات وأن أي تجاوز من طرف أجهزة الأمن بخصوص هؤلاء فهو عمل فردي وليس سياسة دولة. وشدد سلال على أنه "يجب أن نتصالح مع بعضنا البعض وأن نتعلم كيف نعيش مع بعضنا البعض ولو توصلنا للعيش معا سنتمكن من بناء أمة جزائرية حقيقية".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn