روابط ذات العلاقة
تشهد دول الخليج والصين "موجة استثمار ثنائية الاتجاه" سريعة النمو بناءً على موارد كل منهما وعوامل السوق، والتفاؤل ببعضهما البعض في ظل التعافي الاقتصادي العالمي الضعيف.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، بدأت حيوية الحديقة التجريبية للتعاون في القدرة الإنتاجية بين الصين والإمارات الواقعة في الحديقة الخليفة الصناعية في أبو ظبي تظهر بعد 5 سنوات من البناء. وقد احتضنت مؤخراً اجتماعاً استثماريا خاصا للشركات الصينية، أجرى خلاله ممثلو الشركات الصينية من صناعات مثل مواد مركبات الطاقة الجديدة والقيادة الذاتية تبادلات متعمقة مع الجانب الإماراتي حول سياسات الاستثمار في الإمارات، ومتطلبات التقييم البيئي، والبنية التحتية الرقمية، وسياسات الأراضي، وظروف التوظيف وغيرها. وأخيرا، وقعت 4 شركات منها اتفاقات لدخول الحديقة. وقال ممثل أحد الشركات الصينية: " إن ميزات الإمارات الجغرافية وسياساتها تطابق مع هدف تنمية شركتنا، ونتطلع إلى توسع سوق الشرق الأوسط من خلال الاستثمار في الإمارات."
كما عُقد مؤتمر ووشي ـ أبو ظبي للتعاون المالي في أبو ظبي يوم 15 أغسطس الجاري، تم خلاله التوقيع على اتفاقية تعاون مالي بقيمة 750 مليون دولار أمريكي. وفي كلمة ألقاها خلال المؤتمر، وصف تشو بياو، الوزير المفوض لدى سفارة الصين في الإمارات، التعاون المتزايد باستمرار بين البلدين في مختلف المجالات بـ "العلاقات الصينية ـ الإماراتية أكثر سخونة من جو أبو ظبي".
كما أن هناك تفاعل متزايد بين الصين والمملكة العربية السعودية. حيث أعلنت إدارة لوجياتسوي التابعة للجنة إدارة منطقة التجارة الحرة التجريبية في شانغهاي في 17 أغسطس الجاري، عن التأسيس الرسمي لأول مكتب في الشرق الأوسط في الرياض بالمملكة العربية السعودية، ووقعت مذكرات تعاون مع مؤسسة الشرق الأوسط للاستثمار ييدا كابيتال ومركز الملك عبد الله المالي في الرياض بالمملكة العربية السعودية.وهو ثاني مكتب خارجي لإدارة لوجياتسوي بعد لندن عام 2016.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، فإن عددًا كبيرًا من الشركات الممولة من الصين أرسلت وفودًا إلى المملكة العربية السعودية لإجراء عمليات تفتيش على الأعمال والاستثمار هذا العام، وتفكر في إنشاء فروع هناك. كما افتتح فرع البنك الصناعي والتجاري الصيني في جدة رسميًا في مايو هذا العام، ومن المتوقع افتتاح فرع بنك الصين بالرياض في غضون العام. كما استقطب مؤتمر رواد الأعمال العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي عقد في الرياض في يونيو الماضي أكثر من 3500 ممثل من 26 دولة، وتم خلاله توقيع الجانبين 30 اتفاقية اقتصادية وتجارية بقيمة إجمالية تجاوزت 70 مليار يوان. وأعلنت شركة أرامكو السعودية، أكبر شركة لإنتاج النفط في العالم، عن خطتين استثماريتين في الصين في مارس من هذا العام، بإجمالي أكثر من 100 مليار يوان.
"المؤسسات الاستثمارية الإماراتية متفائلة بشكل عام بآفاق التنمية الاقتصادية للصين، وتأمل في المشاركة في العملية التاريخية لتحديث النمط الصيني وتحقيق وضع مربح للجانبين في التنمية." قال أمير أنور، المدير المالي لمجموعة دلما كابيتال مانجمنت المحدودة بدبي خلال حدث التوفيق المالي بين الصين والإمارات قبل أيام قليلة، في تصريح لصحيفة غروبال تايمز، إنه في ظل البناء الصيني المشترك لـمبادرة " الحزام والطريق" و " تجديد طريق الحرير" الإماراتي وخطط تنموية أخرى، عززت الشركات الإماراتية والصينية الاتصالات عن كثب، كما التزمت بتوسيع الاستثمار في الاتجاهين، وضخ الزخم في التنمية الاقتصادية عالية الجودة للبلدين.
ومن جانبه، أكد محمد علي الظاهري رئيس مجلس إدارة مجلس أبو ظبي للاستثمار، أن الصين لا تزال محركًا مهمًا لتنمية الاقتصاد العالمي في سياق تزايد عدم اليقين في الاقتصاد العالمي اليوم. ولدى الصين حكم واضح عن الوضع الاقتصادي العالمي، وهو أمر يستحق التعلم منه. وقال إن الصين هي الوجهة المفضلة للاستثمارات الأجنبية لدولة الإمارات، وأن الأخيرة تعمل حالياً على تطوير استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي، وتأمل الإمارات إدخال المزيد من الشركات الصينية الرائدة، خاصة شركات التكنولوجيا الفائقة، لمساعدة تنمية الإمارات.
" المستثمرون الخليجيون يخشون من أن الاقتصاد العالمي يسير في الاتجاه الخاطئ". قال الظاهري بصراحة أنه في هذا السياق، فإن المؤسسات الاستثمارية في دول الخليج تفضل السوق الصينية، وذلك بفضل حقيقة أن الدورة الاقتصادية للصين لا تتطابق تمامًا مع الدورة الاقتصادية للدول الغربية، مما يوفر قنوات تناثر وتفكك المخاطر لتخصيص أصول المستثمرين الخليجيين. ولهذا السبب أيضًا، فإن العديد من المؤسسات الاستثمارية في دول الخليج العربي أكثر ميلًا في الواقع لخدمة الشركات الصينية في السوق المحلية من حيث استراتيجيات الاستثمار. مضيفاً، إن بناء البنية التحتية القوية للصين وأدائها المتميز في مجال الطاقة النظيفة في السنوات الأخيرة سيساعد دول منطقة الخليج على التخلص من اعتمادها الكبير على الموارد النفطية ومساعدتها على تحقيق أهدافها التنموية المتنوعة.
ووفقًا لجوناثان فولتون، الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الدولية بجامعة زايد في الإمارات، فإن التطور السريع للعلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الصين ودول الخليج في السنوات الأخيرة قد استفاد من التكامل الاقتصادي القوي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي. وصرح لصحيفة " غلوبال تايمز" قائلا: إن السعودية والإمارات وقطر ودول الخليج العربية الأخرى ملتزمة باستخدام الثروة التي تجلبها الطاقة التقليدية لتعزيز التنويع الاقتصادي، وخاصة إنشاء نظام صناعي كامل، وإدخال صناعات عالية التقنية متمثلة في الطاقة المتجددة، والطب الحيوي، والصناعات الرقمية، وتحقيق تجاوزا في طريق التصنيع. وفي الوقت نفسه، تأمل هذه الدول أيضًا في المشاركة في تشغيل المشاريع الأجنبية عالية الجودة من خلال الصناديق السيادية والأشكال الأخرى، بما يحقق التنمية الاقتصادية المستدامة في بلدانهم.
قال مي تيان يي، خبير الشؤون الصينية في مركز البحث العلمي وتبادل المعرفة، وهو مؤسسة بحثية سعودية، إن منظمته تستقبل الزوار الصينيين بشكل متكرر، وأحيانًا "مشغول حقًا". وذكر أن التعاون بين السعودية والصين في مجالات الطاقة المتجددة والطاقة البديلة والتمويل والصحة يتزايد تدريجياً. واقترح مي تيان يي قائلا:" تحتاج الشركات الصينية من الموافقة على المشروع إلى التنفيذ الفعلي، فهم كامل لفرص ومخاطر الاستثمار في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، لا سيما لاتخاذ خيارات استثمارية على أساس الفهم الكامل للاختلافات الثقافية بين الطرفين. وفي الوقت نفسه، يحتاج الطرفان أيضًا إلى توسيع قنوات الاتصال بشكل مستمر، وكسر حواجز المعلومات، والاحتفاظ بالموارد البشرية التي تكون على دراية باللغات والثقافات، وذلك لمواصلة موجة الاستثمار المتبادل بين الصين ودول الخليج العربي."