عقد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والهند الرئيسة الدولية للمجموعة العشرين مؤتمرًا بالفيديو في الآونة الاخيرة، ناقش قضية الديون الدولية، وكالعادة في مثل هذه القضايا، بدأ بعض السياسيين ووسائل الإعلام الأمريكية والغربية في استغلالها لاتهام الصين بشكل غير معقول بأنها "حجر العثرة الرئيسي في تسريع حل مشكلة الديون"، ومرة أخرى، تم إثارة ما يسمى بـ "فخ ديون الصين"، وهو ما دحضه أصحاب البصيرة في العالم.
إن تشكيل علاقة الديون بين البلدين هو سلوك اقتصادي عادي في حد ذاته. ويعتبر التمويل المعقول والديون الحميدة طريقتين مهمتين لتخفيف الضغط المالي وتعزيز التنمية الاقتصادية بالنسبة للبلدان النامية. في حين أن تلك الديون ذات الظروف القاسية أو الدوافع الخبيثة غالباً ما تؤدي إلى تلف الأصول وتقييد التنمية للبلدان المدينة ــ ــ هذه هي الحيلة المعتادة لبعض الدول الغربية لسنوات عديدة.
من منظور الحقائق التاريخية
وراء أزمات الديون العديدة التي مرت بها البلدان النامية منذ السبعينيات والثمانينيات، هناك ظلال الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى. وكررت الولايات المتحدة حيلها القديمة خلال تفشي كوفيد -19، حيث واصل الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بشكل كبير في العام الماضي، معتمداً على هيمنة الدولار الأمريكي على تصدير التضخم وتجاوز الأزمات، مما أدى إلى انخفاض قيمة العملة وتدفقات رأس المال إلى الخارج في بعض البلدان النامية، وتفاقم أعباء ديونها.
من منظور بيانات الديون
يعتبر الدائنون الغربيون والمؤسسات متعددة الأطراف هم "أكبر الدائنين" للبلدان النامية، وبأخذ قضية ديون زامبيا التي تم الترويج لها مؤخرًا من قبل وسائل الإعلام الغربية كمثال: تمثل ديون الدائنين التجاريين الغربيين والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف 70٪ من ديونها الخارجية، وفقًا للبيانات التي كشفت عنها وزارة المالية في زامبيا. ووفقًا لحساب البنك الدولي في عام 2022، يتعين على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل دفع ما مجموعه 940 مليار دولار أمريكي خلال السنوات السبع المقبلة لسد ديونها التاريخية. من بينها، بلغت المدفوعات للدائنين التجاريين الغربيين والمؤسسات المتعددة الأطراف 356.6 مليار دولار أمريكي و273 مليار دولار أمريكي على التوالي، وهو ما يمثل 67٪ من الإجمالي.
من منظور التمويل
غالبًا ما تتجاهل الولايات المتحدة والغرب بشكل انتقائي رغبات ومطالب التنمية للبلدان النامية، والقروض المقدمة لها تأثير ضئيل على زيادة الإيرادات الضريبية والعمالة وعائدات الصادرات، وتؤثر بشكل أساسي على قدرات التنمية الاقتصادية المستدامة وقدرات سداد الديون. كما وضعت المؤسسات المالية المتعددة الأطراف التي تهيمن عليها الولايات المتحدة والغرب العديد من الشروط والمعايير الصارمة، والتي لا تزيد من صعوبة التمويل للبلدان النامية فحسب، ولكنها تستخدم هذا بشكل متكرر للتدخل في اقتصاد وسياسة البلدان المتلقية للقروض أيضًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن تكلفة تمويل الدائنين التجاريين الغربيين أعلى بكثير من تكلفة نظرائهم الصينيين.
كما أدت "الديون المفرغة" من بعض الدول الأمريكية والغربية إلى حفر "شراك الفقر" و "مصايد التخلف " للدول النامية. ولا يدخر بعض الناس في الولايات المتحدة والغرب أي جهد لصب المياه القذرة على الصين من أجل صرف انتباه العالم الخارجي عن مسؤوليات الدائنين الغربيين، وتشويه سمعة الصين، لتقويض التعاون المتبادل المنفعة بين الصين والدول النامية، وبالتالي يحافظ على الهيمنة الاقتصادية والمالية الغربية.
الحقائق تتحدث بصوت أعلى من الكلمات، والعدل والانصاف في قلوب الناس. ولفترة طويلة، قدمت الصين عددًا كبيرًا من القروض التفضيلية وفقًا للاحتياجات الفعلية للبلدان النامية، وبأسعار فائدة منخفضة ومدد طويلة وبدون قيود لمساعدة هذه البلدان على تحسين البنية التحتية ورفاهية الناس، وتحسين قدرته على التطوير الذاتي. ومن بين الديون الخارجية لهذه الدول، فإن نسبة الديون المستحقة للصين أقل بكثير من ديون أسواق رأس المال الدولية والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف التي تهيمن عليها الدول الغربية. ومن سكة حديد مومباسا -نيروبي إلى سكة حديد جاكرتا - باندونغ عالية السرعة، ومن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني إلى مدينة ميناء كولومبو في سريلانكا ... تلعب مشاريع التعاون بين الصين والدول النامية المبنية على أساس مبدأ التشاور المكثف والمساهمة المشتركة والمنافع المشتركة دورًا في "تكوين الدماء" وتضخ زخمًا مهمًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية.
وفي الوقت نفسه، اتخذت الصين مبادرة "تخفيف عبء" البلدان المدينة وتخفيف صعوبات ديونها أيضًا. ووفقًا لدراسة أجراها البنك الدولي، في الفترة من 2008 إلى 2021، أجرت الصين 71 عملية إعادة هيكلة لديون البلدان منخفضة الدخل. وفي عام 2020، استجابت الصين بنشاط لمبادرة مجموعة العشرين لتعليق الديون، وتجاوز مبلغ تعليق الديون 1.3 مليار دولار في ذلك العام وحده، وهو ما يمثل ما يقرب من 30 ٪ من إجمالي تعليق ديون مجموعة العشرين، مما يجعلها أكبر مساهم بين دول مجموعة العشرين. كما وقعت الصين اتفاقيات تعليق الديون أو توصلت إلى توافق بشأن تعليق الديون مع 19 دولة أفريقية.
" لطالما كانت الصين صديقا مقربا، وفخ الديون مجرد رواية غربية" .. كلمات عبّرت بها وزير الخارجية السريلانكي صبري عن تطلعات العديد من الدول النامية.
ازدادت حالة الديون العالمية تدهوراً منذ تفشي وباء كوفيد -19. ويجب على الناس في الولايات المتحدة والغرب إذا كانوا مهتمين حقًا بحل هذه المشكلة، أن يتوقفوا عن التلاعب السياسي، وزيادة الإعفاء من الديون للبلدان النامية، واتخاذ تدابير مشتركة لتقليل عبء ديون البلدان النامية. وعلى المدى الطويل، يجب على الأطراف الدولية العمل معًا لتعزيز تنمية عالمية أكثر شمولاً وشمولية ومرونة، واستكشاف الحلول الأساسية لمشكلة الديون. وستواصل الصين الوقوف بثبات إلى جانب البلدان النامية وتقديم مساهمات أكبر لتعزيز تطوير نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية في اتجاه أكثر عدلاً ومعقولية.