القاهرة 27 يناير 2023 (شينخوا) أكد وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط أن قرار مؤسسة "ستاندرد آند بورز" بالإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو دون تعديل عند مستوى"B" مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري"Stable Outlook"، للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، يعد شهادة ثقة دولية جديدة بأن الاقتصاد المصري يبدأ في التعافي من تداعيات الظروف العالمية والمحلية الاقتصادية الاستثنائية خلال العام الماضي.
وقال معيط، في بيان صادر عن وزارة المالية على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي ((فيسبوك))، إن الاقتصاد المصري بدأ التعافي من تداعيات الظروف العالمية والمحلية الاقتصادية الاستثنائية التي تتشابك فيها تبعات الحرب في أوروبا، مع الآثار السلبية لجائحة كورونا، لافتا إلى أن مصر نجحت في التعامل مع هذه الظروف العالمية بقرارات وإصلاحات متوازنة ومتكاملة.
وأضاف أن هذه الإصلاحات تعكس التنسيق الكامل بين الحكومة والبنك المركزي المصري في كل الأمور، لضمان استقرار الوضع الاقتصادي، في ظل الالتزام بوتيرة الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي باتفاق يمتد إلى 48 شهرا، مما يسمح بوجود آفاق للنمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.
وأوضح أن هذا الاتفاق يعزز القدرة على الحصول على التمويل الكافي لتلبية الاحتياجات الخارجية للبلاد، موضحا أن مصر تنفذ برنامج إصلاح اقتصادي وطني لضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية والحفاظ على الانضباط المالي وزيادة تنافسية الاقتصاد المصري.
وأكد وزير المالية المصري، أن مؤسسة "ستاندرد آند بورز" ألقت الضوء في سياق تقريرها الأخير، المنشور أمس الخميس، على توقعها باستمرار تحقيق الانضباط المالي خلال العام المالي الحالي استكمالًا لما تحقق في السنوات الماضية ومنها العام المالي 2021/2022 حيث بلغ العجز الكلي 6.1 بالمائة من الناتج المحلي نزولا من 6.8 بالمائة في العام المالي 2020/2021، وتحقيق فائض أولي للعام الخامس على التوالي بلغ 1.3 بالمائة من الناتج المحلي، في العام المالي 2021/2022.
ولفت معيط إلى أن التقرير أشاد بجهود الحكومة لترشيد النفقات والتوسع في شبكة وبرامج الحماية الاجتماعية المتبعة من وزارة المالية، للتخفيف من آثار الأزمة العالمية، مشيرا إلى أن مؤسسة "ستاندرد آند بورز" تتوقع أنه على مدار الثلاثة أعوام المقبلة سيبلغ معدل النمو الاقتصادي في المتوسط نحو 4 بالمائة سنويًا، مدفوعا بالأساس بالنمو القوى لقطاعي البناء والتشييد والطاقة، إلى جانب استمرار النمو القوى لقطاعات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتجارة الجملة والتجزئة، والصناعات التحويلية، والزراعة، والصحة.
وأوضح أن التقرير يشير إلى توقعات بتراجع وانخفاض قيمة عجز الحساب الجاري بالقيمة الاسمية خلال الفترة المقبلة حتى عام 2026 على ضوء المساندة والدعم من خلال مرونة نظام سعر الصرف المتبع وتأثيره الإيجابي على زيادة تنافسية وحصيلة الصادرات السلعية والخدمية المصرية، إضافة إلى أداء قوي لإيرادات قطاع السياحة والصادرات البترولية خاصة الغاز الطبيعي التي وصلت حصيلتها الشهرية إلى نحو 700 مليون دولار شهريًا مؤخرا.
وأشار التقرير أيضًا إلى التحسن الكبير في مؤشرات الميزان الجاري للعام المالي 2021/2022 حيث حققت حصيلة الصادرات غير البترولية ارتفاعًا ملحوظًا بلغ 29 بالمائة سنويًا على ضوء زيادة الصادرات من الأسمدة والأدوية والملابس الجاهزة، كما تم تحقيق فائض كبير على جانب الميزان التجاري البترولي 4.4 مليار دولار على ضوء التوسع في الصادرات من الغاز الطبيعي، بحسب بيان وزارة المالية المصرية.
ونوه إلى أن التقرير أشاد بتحقيق قناة السويس لحصيلة تعتبر الأعلى تاريخيًا وصلت 7 مليارات دولار ومن المتوقع أن تصل إلى 8 مليارات دولار خلال عام 2023، لافتًا إلى ارتفاع إيرادات قطاع السياحة بشكل ملحوظ خلال العام الماضي في ضوء تعافي القطاع الذي حقق حصيلة بلغت 10.7 مليار دولار مع تنوع مصادر السياحة لتشهد تدفقات قوية من أسواق متنوعة مثل دول الخليج وألمانيا وبولندا.
كما نوه إلى زيادة حصيلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 71 بالمائة لتحقق نحو 9.1 مليار دولار مقارنة بنحو 5.2 مليار دولار في العام الذي يسبقه، إضافة إلى تنوع مصادر الاستثمارات الأجنبية المتدفقة للعديد من القطاعات وأهمها الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
من جانبه، قال أحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، إن مؤسسة "ستاندرد آند بورز" تناولت في تقريرها بشكل إيجابي، أهمية إصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة، مؤكدة أنها تعكس رغبة الدولة ومؤسساتها في تشجيع وجذب القطاع الخاص لزيادة استثماراته وتواجده القوى بالسوق المصري وتعزيز مساهمته في النمو الاقتصادي بصورة قوية خلال الفترة المقبلة.
وأضاف كجوك أن الدولة تستهدف جذب استثمارات أجنبية مباشرة سنويًا بنحو 10 مليارات دولار خلال السنوات المقبلة، مع استمرار دفع جهود تنمية حصيلة الصادرات السلعية لتصل إلى 100 مليار دولار، وزيادة حصيلة قطاع السياحة إلى 30 مليار دولار سنويًا، لافتًا إلى أنه يمكن تحقيق هذه المستهدفات الطموحة في ظل الفرص الاستثمارية الكبيرة والهائلة بالاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن مؤسسة "ستاندرد آند بورز" أوضحت في سياق تقريرها إمكانية القيام بتحسين التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة المقبلة إذا كان التوسع الاقتصادي في مصر مرتفعًا وقويًا، وإذا كان برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني المطبق خلال الفترة المقبلة قادرًا على جذب المزيد من التدفقات الخارجية وتحقيق انخفاض ملحوظ في مستويات الدين الحكومي كنسبة من الناتج المحلي إضافة إلى القدرة على الحصول على تمويل خارجي مستدام في ظل الظروف الاقتصادية الدولية الصعبة خلال الفترة المقبلة.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور كريم عادل رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، على أهمية قرار مؤسسة "ستاندرد آند بورز" بالإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو دون تعديل عند مستوى"B" مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري، مشددا على أن هذا يؤكد أن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح.
وقال كريم عادل لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن القرارات التي تتخذها الدولة المصرية سواء فيما يتعلق بالسياسات المالية أو النقدية أو الاقتصادية خلال العامين الماضيين، والتي مازالت قائمة تستهدف اجتواء الاثار السلبية لتداعيات الأزمات العالمية على الاقتصادات المختلفة سواء الاقتصاد الدولي أو الاقتصادات الوطنية ومن بينها الاقتصاد المصري.
وأضاف أن السياسات المالية والنقدية والاقتصادية المصرية حازت على إشادة كبرى مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية، والتي تصدر تقريرها بحيادية وشفافية تامة ، بعد إجراء المراجعات الدورية للتأكد من صحتها وتوافقها مع السياسات النقدية العالمية.
وأوضح أن هذه السياسات ساهمت بشكل كبير في كبح جماح التضخم وارتفاع الأسعار على الرغم مما قد يشعر به المواطن حاليا من ضغوط، موضحا أنه لولا هذه الإجراءات كانت معاناة المواطنين قد تضاعفت بشكل كبير.
ولفت الدكتور كريم عادل إلى أن نتائج هذه السياسات ستؤتي ثمارها أكثر وسيتشعر به المواطن أكثر على المدى المتوسط والبعيد.
وتوصلت مصر وصندوق النقد الدولي مؤخرا الى اتفاق تحصل مصر بمقتضاه على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، حيث أتاح الاتفاق صرف نحو 347 مليون دولار لمصر بشكل فوري، ومن المتوقع أن يحفز الاتفاق على تمويل إضافي لمصر بنحو 14 مليار دولار من شركائها الدوليين والإقليميين.