رام الله / غزة 2 نوفمبر 2022 (شينخوا) طالب الفلسطينيون بريطانيا في الذكرى الـ105 لـ"وعد بلفور" الذي يصادف اليوم (الأربعاء)، بالاعتراف بخطئها التاريخي والاعتذار عنه وجبر الضرر لما تسبب فيه للفلسطينيين على مدار الأعوام الماضية.
ويصادف اليوم ذكرى مرور 105 أعوام على "وعد بلفور" وهو ما اصطلح على رسالة أرسلها وزير خارجية بريطانيا الأسبق آرثر جيمس بلفور عام 1917 إلى أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية اللورد ليونيل روتشيلد بتأييد بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وجاء وعد بلفور بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية قبل أن يخرج بشكل خطاب موجه من آرثر بلفور في الثاني من نوفمبر عام 1917.
ودعا الرئيس محمود عباس في خطابه أمام القمة العربية في الجزائر نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إلى تشكيل لجنة قانونية لمتابعة "الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني جراء إصدار الحكومة البريطانية وعد بلفور في عام 1917".
وقال عباس إن الشعب الفلسطيني "ظلم من قبل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بإصدار القرار الذي يعطي من لا يملك لمن لا يستحق وكذلك ارتكاب إسرائيل أكثر من 50 مذبحة خلال وبعد نكبة عام 1948".
وطالب عباس "جميع الأطراف التي ارتكبت الجرائم وساعدت على ارتكابها بالاعتراف بما اقترفته والاعتذار عنها وجبر الضرر ودفع التعويضات للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن الجرائم لا تسقط بالتقادم وتداعيات وعد بلفور المشؤوم مازالت قائمة إلى يومنا هذا".
بدوره قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن بريطانيا أعطت عبر وعدها "ما لا تملك لمن ليس له حق"، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني لازال يدفع ثمن هذا الوعد سياسيا وماديا وإنسانيا وجغرافيا.
وطالب اشتية في بيان صحفي بالمناسبة، بريطانيا بإصلاح الخطأ التاريخي الذي اقترفته والاعتراف بالدولة الفلسطينية ذات السيادة متواصلة الأطراف وعاصمتها القدس الشرقية وحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
وتأتي الذكري بعد أيام من تولي ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني الجديد مهامه في 25 أكتوبر الماضي على إثر تقديم رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ليز تروس استقالتها والتي كانت وعدت بنقل سفارة بلادها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.
وفي الصدد قال السفير الفلسطيني لدى بريطانيا حسام زملط إن "وعد بلفور أعطى شعب أخر الأرض الفلسطينية وحول الشعب الفلسطيني من أغلبية سكانية أصلية في هذه الأرض على مدار الأعوام والعقود وشردنا وحولنا للاجئين".
وأضاف زملط للصحفيين في رام الله أن بريطانيا حاولت التمادي في الأخطاء التي ارتكبتها من خلال وعد تروس بنقل السفارة البريطانية في إسرائيل إلى القدس، مشيرا إلى أن البعثة الفلسطينية تعمل مع الأحزاب البريطانية في البرلمان لبناء تحالف حقيقي لإجبار بريطانيا على تصحيح خطأها.
وتابع زملط أن البعثة الفلسطينية تركز على الإعلام البريطاني لوضع الشعب البريطاني في صورة ما جرى ، لافتا إلى أن الجالية الفلسطينية بصدد تنظيم سلسلة فعاليات رفضا وتنديدا بـ"وعد بلفور" المشؤوم.
وأعرب السفير الفلسطيني عن أمله أن يصل العام القادم وتكون بريطانيا قد صححت خطأها بالوعد وعدلت من موقفها تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه والتزمت بالقانون الدولي وقواعد النظام الدولي.
وسبق أن أعلنت شخصيات فلسطينية مستقلة في 2020 رفع دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية لدى القضاء الفلسطيني على خلفية "وعد بلفور" في سابقة تعد الأولى من نوعها.
وجرى تقديم الدعوى باسم مجموعة من الشخصيات الفلسطينية المستقلة و"التجمع الوطني لمتابعة حقوق الشعب الفلسطيني" بهدف تحميل الحكومة البريطانية المسؤولية عن تداعيات "وعد بلفور".
من جهتها أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أن الشعب الفلسطيني متمسك بوطنه ولن يتخلى عن حقه التاريخي ولن يتنازل عن حقوقه المشروعة في مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامته الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
ودعت الحركة في بيان بالمناسبة بريطانيا التي تتحمل المسؤولية السياسية المباشرة عن الوعد وتداعياته إلى اتخاذ موقف أخلاقي وتقديم اعتذارها للشعب الفلسطيني الذي كان "ضحية لسياساتها الاستعمارية، ولإعلانها المشؤوم".
وطالب البيان الدول الداعمة لإسرائيل خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بالتوقف عن سياسة "ازدواجية المعايير والالتزام بما ينص عليه القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بخصوص القضية الفلسطينية".
كما اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن "وعد بلفور" وما تلاه من خطايا سياسية واستمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل محاولات "لن تفلح في تثبيت المشروع الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية ولن تستطيع تغييب أو طمس قضية الشعب الفلسطيني العادلة مهما طال الزمن".
وقالت الحركة في بيان إن مسؤولية إبطال "مخلفات وعد بلفور" واجب وطني وقومي وأممي تتشارك فيه الأمة قاطبة وكافة الأحرار في العالم لوضع حد "لإرهاب الاحتلال وعزله ونبذه دوليا ودعم صمود الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع".
وأكد البيان أن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها قسرا هو حق شرعي وقانوني ثابت لا تراجع عنه ولا تفريط فيه أو مساومة عليه.
كما قالت حركة الجهاد الإسلامي في بيان بالمناسبة إن فلسطين بأرضها ومقدساتها ومياهها وهوائها هي حق خالص للشعب الفلسطيني، مشددة على أن هذا الحق لا يقبل القسمة أو التجزئة ومهما بلغت ذروة العدوان والإرهاب الصهيوني".
وفي السياق شارك عشرات الفلسطينيين في غزة اليوم بوقفة احتجاجية قبالة مقر منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط (اونسكو) بمناسبة الذكرى السنوية الـ105 لـ"وعد بلفور".
ورفع المشاركون بالوقفة التي نظمتها القوى الوطنية والإسلامية الأعلام الفلسطينية ولافتات تندد بالوعد وتطالب بإسقاطه ودفع التعويضات للشعب الفلسطيني جراء ذلك.