تعليق: فرض العقوبات على روسيا .. هل سيشهد العالم أزمة السبعينات مرة أخرى؟

شهدت أسعار الطاقة العالمية تقلبًا عنيفًا في الآونة الأخيرة، حيث وصلت أسعار خام برنت إلى ما يقرب من 140 دولارًا للبرميل. وقد اتخذت البلدان خطوات لمحاولة التخفيف من تأثير تقلب أسعار الطاقة على الاقتصاد. في الوقت نفسه، أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى على التوالي قيودًا على استيراد النفط الروسي. وتظهر تحليلات الخبراء أن بعض الدول الغربية تواصل تحريض المزيد من الدول للانضمام إلى العقوبات الاقتصادية ضد روسيا. وفي ظل اللعبة السياسية للقوى العظمى، قد يكرر العالم نفس أخطاء الركود الاقتصادي المصاحب لأزمة النفط في السبعينيات.

إن الارتفاع المفاجئ في أسعار الطاقة العالمية يعود إلى سيبين رئيسيين: أولاً، تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا مؤخرًا، وروسيا منتج ومصدر رئيسي للطاقة، وأوكرانيا قناة مهمة لتصدير الطاقة، وقد أثر هذا التوتر في إمدادات الطاقة الدولية. ثانيًا، استمرار انتشار كوفيد -19 خلق ركودا أو شبه ركود للإنتاج في العديد من البلدان والمناطق، ما أثر في التنمية الاقتصادية وانخفاض الطلب على الطاقة، لذلك، خفض بعض موردي الطاقة إنتاج الطاقة وإنتاجها، مما أدى إلى تعزيز سعر الطاقة. قالت يان جين، المديرة التنفيذية لمركز الدراسات الأوروبية بجامعة الشعب في الصين، في مقابلة مع صحيفة الشعب اليومية.

لا يمكن التقليل من مكانة روسيا كمورد رئيسي للطاقة. وبحسب رويترز، قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط) أوبك (محمد باركيندو، إن روسيا تصدر نحو 7 ملايين برميل من النفط يوميا، تمثل 7٪ من الإمدادات العالمية. وبحسب تقرير "نيويورك تايمز" فإن روسيا هي أكبر مورد للغاز الطبيعي والنفط الخام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث يأتي حوالي 40٪ من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي وحوالي 30٪ من النفط الخام المستورد من روسيا.

أفادت وكالة فرانس برس أن الرئيس الأمريكي بايدن، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني شولتز، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد أدلوا بتصريحات مختلفة بعد المؤتمر الذي عقده الأطراف الأربعة بالفيديو مؤخرا. وقالت يان جين إن الدول الأوروبية والأمريكية تظهر مواقف مختلفة تجاه عقوبات الطاقة الروسية، والتي تتجذر في درجات اعتمادها المختلفة على الطاقة الروسية، بما يعكس مصالح كل منهما. إن المملكة المتحدة هي الأكثر نشاطًا لأن حوالي 8٪ فقط من طلب المملكة المتحدة على النفط يأتي من روسيا، وهي أقل اعتمادًا على النفط الروسي. وأن الدول القارية مثل ألمانيا حذرة نسبيًا بسبب اعتمادها الكبير على الطاقة الروسية.

وردًا على تهديد الولايات المتحدة بالانضمام إلى الحلفاء الأوروبيين لفرض مزيد من العقوبات على روسيا ودراسة إمكانية حظر استيراد النفط الروسي، حذر نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك من أن تخلي الغرب عن النفط الروسي سيكون له عواقب وخيمة على السوق العالمية.

في الواقع، قامت الولايات المتحدة "بتأجيج النيران" من خلال تحريض العديد من الدول على فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، مما أدى بشكل مصطنع إلى تفاقم نقص إمدادات الطاقة العالمية، وخاصة في أوروبا، وتعاني منه العديد من الدول بشكل كبير.

قال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مؤخرًا: "عواقب الكراهية العلنية لروسيا من قبل الولايات المتحدة والغرب، وحزمة العقوبات الاقتصادية تطال أسعار النفط والغاز والغذاء العالمية، وإن العالم كله في حالة اضطراب". وفقًا لتحليل بلومبرغ، تسبب زيادة الغرب العقوبات على روسيا في ارتفاع أسعار النفط والغاز والسلع الأخرى، وقد يكرر العالم أخطاء الركود الاقتصادي في السبعينيات بسبب التضخم المرتفع.

ومن جانب، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن الصين تعارض بشدة العقوبات الأحادية الجانب التي لا أساس لها في القانون الدولي. وإن التلويح بالعصا الكبيرة من العقوبات عند كل منعطف لن يجلب السلام والأمن، ولكنه لن يؤدي إلا إلى صعوبات خطيرة للاقتصاد ومعيشة الناس في البلدان المعنية، وسيؤدي إلى وضع "خاسر مزدوجة " أو "خاسر متعددة"، وتزيد من تفاقم الانقسام والمواجهة.

"أدى الحظر الأمريكي على واردات الطاقة من روسيا إلى تفاقم تشديد في سوق الطاقة الدولية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل أكبر." وتعتقد يان جين أن ارتفاع أسعار الطاقة الدولية يلقي بظلاله على الانتعاش الاقتصادي العالمي بعد الوباء، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة والإنتاج، وزيادة الضغوط التضخمية، والمزيد من الصعوبات في التعافي الاقتصادي، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات في أوروبا والعالم.