الخرطوم 2 ديسمبر 2021 (شينخوا) لم تكن البيئة القاسية والحواجز اللغوية ونقص المعدات الطبية، إلى جانب تفشي وباء كوفيد-19، تمثل بالنسبة لأطباء البعثة الطبية الصينية الـ36 في السودان إلا ساحة معركة خالية من البارود.
أمضى الطبيب وانغ قوه جون، القادم من المستشفى التابع لجامعة يانآن من مقاطعة شآنشي الصينية، في السودان عامين. وبصفته عضوا في الدفعتين الـ35 والـ36 للبعثة الطبية الصينية في السودان، استخدم الطبيب وانغ معرفته الطبية الواسعة للطب الصيني التقليدي في علاج المرضى السودانيين، ولاقت مهاراته الطبية الرائعة استحسانا عاليا من قبل المرضى المحليين في السودان.
ويتمتع الطبيب وانغ قوه جون بخبرة واسعة في إعادة التأهيل السريري وفقا لأساليب الطب الصيني التقليدي مما أدى إلى جمع عدد كبير من "المعجبين" بالطب الصيني التقليدي في السودان. وقال الطبيب وانغ للصحفيين "لقد مضى عامان منذ مشاركتي في الفريق الطبي للبعثة الطبية الصينية في السودان في عام 2019. وخلال هذين العامين، شهدت اضطراب المجتمع المحلي جراء تفشي الوباء في السودان إلى جانب البيئة الطبية غير المتقدمة هناك. وهذا ما جعلني أشعر بعمق بعظمة الوطن الأم، وأيضا بالترحيب الحار من السكان المحليين في السودان بالأطباء الصينيين".
وجاء أحمد محمد، وهو رجل سوداني يبلغ من العمر 60 عاما، إلى مستشفى الصداقة بأم درمان رفقة عائلته لطلب المساعدة من الطبيب وانغ. وكان يعاني أحمد حينها من شلل نصفي في الجانب الأيمن من الجسم، وتلعثم في الكلام وعسر في البلع. من خلال الوخز بالإبر والكي والتدريب على إعادة التأهيل من الطبيب وانغ، تحسنت حالته بشكل ملحوظ بعد أسبوعين. وبعد حوالي شهر، أصبح بإمكانه المشي بمفرده، وبات باستطاعته إجراء تواصل لفظي بسيط.
صلاح يوسف، وهو مريض سوداني آخر، كان يعاني من آلام شديدة أسفل الظهر، حيث أثر الألم بشدة على حياته اليومية مع معاناته في المشي، إذ كان يضطر للانحناء والمشي بمساعدة الآخرين. مؤخرا، بعد أن علم أن هناك أطباء صينيون في مستشفى الصداقة بأم درمان، اتصل يوسف بالطبيب وانغ. وبعد فحص دقيق، وجد وانغ أن الألم ناتج عن فتق حاد في القرص القطني. وقدم له على الفور علاجا بالتدليك متبعا أساليب الطب الصيني.
وبعد العلاج، تم تسكين معظم الألم، وبات يمكنه المشي بمفرده مع المحافظة على استقامة خصره. وأمسك يوسف بيد الطبيب وانغ قوه جون بحماس وقال له "الطبيب الصيني جيد جدا، شكرا لك أيها الطبيب الصيني". بعد العديد من جلسات التدليك المتتابعة والوخز بالإبر والعلاج الطبيعي، اختفى ألم يوسف بشكل أساسي.
بالإضافة إلى أعمال العلاج السريري، غالبا ما يقوم الطبيب وانغ بتدريس الطب الصيني التقليدي والمعرفة بالصحة للمحليين والصينيين المقيمين في السودان. ومنذ تفشي وباء كوفيد-19، شارك مرارا في جلسات عبر الانترنت لتعليم تجربة مكافحة الفيروس والوسائل الأخرى وإجراءات الوقاية والعلاج بالطب الصيني. ومن وقت لآخر، يطلب منه العاملون المحليون بالمجال الطبي في السودان إطلاعهم على علوم ومعارف الطب الصيني.
مرتديا زيه الأبيض، يعالج وانغ كل مريض بعاطفة ويعطيه الاهتمام الواجب. وبعد مضي سنتين من العمل الجاد، يبين أن كل شيء له تضحيات ومكاسب، وخاصة البعد عن العائلة وترك عبء مسؤوليتها على شريكته لوحدها.
وقال "أنا أيضا أشعر بالخجل الشديد من عائلتي. عندما كانوا بحاجة إلي، كنت مشاركا في البعثات الطبية في إطار المساعدات الخارجية، وما زال الأمر مستمرا منذ عامين. وخلال هذه الفترة، تركت والدي وزوجتي وطفلي، والطفلين ما زالا بالمرحلة الابتدائية، وهما بحاجة إلى رفقة والديهما. بالتالي، تقع مهمة العناية بهما على عاتق زوجتي وحدها"، مضيفا أنه في كثير من الأحيان يتمنى أن يكون مع زوجته وعائلته.
لكن ما يجعله يشعر بالرضا هو أن طفليه مطيعان للغاية. وفي إحدى المرات خلال مكالمة فيديو قالا له "أبي، يمكنك أن تشعر بالطمأنينة وتقوم بعملك الطبي في المساعدات الخارجية، ونحن نطيع والدتنا هنا". وكثيرا ما يؤكد وانغ بأن عائلته تدعم كثيرا عمله، وتخبره دائما بأن يمكنه العمل في الخارج دون قلق، وأن كل شيء في المنزل على ما يرام.
وأفاد الطبيب أن "المجيء إلى السودان للعمل الطبي للمساعدات الخارجية هو خيار لا أندم عليه في الحياة. يلتزم جميع أعضاء الفريق الطبي بروح 'لا خوف من المشقة والاستعداد للمساهمة وإنقاذ الجرحى والحب بلا حدود'، وأنا مجرد واحد منهم".
وأضاف "بصفتي عضوا في الفريق الطبي الصيني، أشعر بالفخر الشديد لكسب احترام الشعب السوداني مع استخدام معارفي في الطب الصيني التقليدي لتخفيف آلام الشعب السوداني".