يُعرف التصحر كذلك باسم "سرطان الأرض" وهو مشكلة بيئية عالمية كبرى تؤثر على بقاء الإنسان. وتعتبر الصين من دول العالم التي بها مساحة كبيرة من التصحر، وعدد كبير من المتضررين، وعواصف رملية شديدة، ما جعلها تولي أهمية كبيرة لمنع الرمال والسيطرة عليها. ففي السنوات الأخيرة، تواصل الصين تعزيز التحكم في الرمال وفقًا للقانون والعلوم والتكنولوجيا وهندسة التحكم في الرمال، وتحقيق الترويج المتبادل والفوز المشترك بالفوائد البيئية والفوائد الاقتصادية والفوائد الاجتماعية.
تعد صحراء كوبوتشي الواقعة شمال مدينة أوردوس في منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم سابع أكبر صحراء في الصين، وكانت تعتبر في يوم من الأيام "بحر الموت" ولا يمكن السيطرة عليها. وفي الوقت الحاضر، تحول ما يقرب من ثلث الصحاري من "تقدم الرمال وتراجع السكان" إلى "تقدمًا أخضر وتراجعًا للرمال"، وتمت استعادة التنوع البيولوجي تدريجياً، وتحسنت البيئة بشكل كبير، وتحسنت حالة الطقس الرملي والغباري الإقليمي بنسبة 95٪ مقارنة مع 20 عامًا.
"ما رأيته من مشهد التخضير بأم عيني جعلني أشعر بالدهشة: تجربة صحراء كوبوتشي الناجحة في التحكم في الرمال تستحق التعلم." زار بازاردورجي، الباحث في معهد العلاقات الدولية التابع للأكاديمية المنغولية للعلوم، منغوليا الداخلية، وخبي، وتشجيانغ وأماكن أخرى في يونيو 2019، وكتب مقالاً على الصحف المنغولية لتعريف المواطنين بتجربة الصين الناجحة في مكافحة التصحر، وذلك بأخذ الاراضي الرملية مثل كوبوتشي، ومووس، وهونشانداكي كأمثلة. " هذه خطة كبيرة لا يمكن تصورها، وهي نتيجة سنوات من العمل الجاد على أساس البحث العلمي." والأهم أن هذا قرار صحيح للدولة، وهو نتيجة التنسيق الجيد والجهود المشتركة للحكومة والمؤسسات والأفراد.
أكثر من كوبوتشي! على أراضي الصين، تحدث مثل هذه التطورات المرضية في أجزاء كثيرة من المنطقة الرملية. ونرى على خريطة صور الاستشعار عن بعد، أن اللون الأخضر في الرمال الصفراء لشمال الصين يربط قطعة تلو الأخرى من نقطة واحدة في الماضي. ويُظهر "التقييم العالمي لموارد الغابات " لعام 2020 الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن، آسيا سجلت في السنوات العشر الماضية، أعلى صافي مكاسب في مساحة الغابات، من بينها، فإن متوسط الزيادة السنوية الصافية في مساحة الغابات في الصين هو الأكبر. " وقال المسؤول عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إن "الصين تولي أهمية كبيرة لحماية موارد الغابات. وفي الوقت الحالي، بلغت مساحة الغابات في الصين 220 مليون هكتار، وتمثل 5٪ من مساحة الغابات العالمية".
نفذت الصين لعقود من الزمان، مشاريع بيئية رئيسية تباعاً، مثل إعادة الأراضي الزراعية إلى الغابات والمراعي، وبناء برنامج الحزام الغابي للمناطق الشمالية الثلاثة، والسيطرة على مصدر العواصف الرملية في بكين وتيانجين، والسيطرة الشاملة على التصحر الصخري، وإنشاء مناطق الحماية الممنوعة في الأراضي الرملية والمتنزهات الصحراوية الوطنية. كما تم التوقيع على "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر"، وإصدار وتنفيذ "قانون منع ومكافحة التصحر"، وبناء حاجز أخضر على المستوى القانوني. وفي الوقت نفسه، شارك عدد كبير من الشركات الرائدة والأشخاص النموذجيون في التحكم في الرمال بنشاط، واتخذ الجمهور العام إجراءات متحمسة، مما أدى إلى توقف الامتداد الأخضر والكثبان الرملية.
علق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: اتخذت الصين زمام المبادرة في تحقيق "نمو صفري" في تدهور الأراضي في جميع أنحاء العالم، و "خفض مزدوج" في مساحة الأراضي القاحلة والأراضي المتصحرة، مما ساهم بشكل كبير في التحقيق العالمي لهدف الأمم المتحدة 2030 المتمثل في تحقيق "نمو صفري" في تدهور الأراضي.
تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من ملياري شخص في 167 دولة ومنطقة مهددون بالتصحر. وفي السنوات الأخيرة، تم تعزيز التبادلات والتعاون في مجال منع التصحر ومكافحته في البلدان والمناطق الواقعة على طول "الحزام والطريق"، كما تم تعزيز التقنيات المتقدمة ونماذج الحوكمة الصينية لمنع التصحر ومكافحته. وفي ديسمبر 2019، تم افتتاح أول مركز دولي لإدارة المعرفة لمنع التصحر ومكافحته في العالم، والذي وقعته الصين وأمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وشاركت في بنائهما، في نينغشيا، وعقدت الدورة التدريبية الدولية الأولى، وشارك فيها 21 طالبًا دوليًا من 15 دولة. ولا تدخر الصين أي جهد لمساعدة البلدان النامية المتضررة من التصحر على تعزيز قدراتها الإدارية، وإرساء أساس متين للتنمية، والشروع بشكل مشترك في مسار التنمية الخضراء.
السيطرة على الرمال هي قضية بقاء وكذلك قضية تنمية، والهدف النهائي هو تمكين الناس في مناطق الرمال من العيش حياة كريمة. وتتوزع المناطق الرملية في الصين ومناطق التصحر الصخري في ما يقرب من ثلثي المقاطعات الفقيرة، يسكنها ما يقرب من 80 ٪ من السكان الفقراء، وإنها ليست مجالًا رئيسيًا للبناء البيئي فحسب، ولكنها أيضًا ساحة المعركة الرئيسية للتخفيف من حدة الفقر. وقد قدمت الصين الحكمة والحلول في علاج "أمراض الأرض الشديدة" في العالم، حيث أنشأت آلية تعاون تتمثل في "دعم السياسات الحكومية، والاستثمار الصناعي من قبل الشركات، ومشاركة المزارعين والرعاة في السوق، والابتكار التكنولوجي المستمر"، وشرعت في مسار التنمية المستدامة التي يكون فيها الاستثمار مربحًا، ويكون للمزارعين دخلًا، وتكون البيئة مضمونة.
"مفهوم كوبوتشي للجمع بين التخفيف من حدة الفقر وحماية البيئة له تأثير تجريبي جيد لدول جنوب شرق آسيا." ويأمل عضو البرلمان الكمبودي تسوكون في تقديم مفهوم الصين لتخفيف حدة الفقر من خلال حماية البيئة إلى كمبوديا وتطبيقه وفقًا للظروف المحلية. و"إن تحسين البيئة لا يؤدي إلى زيادة إنتاج الأرض من الغذاء فحسب، كما أنه يساعد الناس على التخلص من الفقر ويصبحوا أغنياء."