تطرّق الاجتماع العاشر للجنة المركزية للمالية والاقتصاد إلى موضوع تعزيز الرخاء المشترك، وقدّم تفسيرات واضحة للمسارات الهامة والمهام الرئيسية لتعزيز الرخاء المشترك. والرخاء المشترك هو عملية التقدم في وضع ديناميكي، ولا يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها، كما يجب تحقيقه على أساس التنمية عالية الجودة.
لكن في الآونة الأخيرة، أساءت وسائل الإعلام الأجنبية فهم الإجراءات التي تتخذها الصين لتعزيز الرخاء المشترك. على سبيل المثال، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في تقريرها الصادر في 28 أغسطس أن الرخاء المشترك "يميل أكثر إلى القضاء على الأغنياء أو على الأقل إضعاف ثرواتهم". ونشرت إذاعة صوت أمريكا مقالاً في 2 سبتمبر، قالت فيه أن تعزيز الصين لعملية الرخاء المشترك "تعني بلوغ حقبة نهب الأغنياء لمساعدة الفقراء واعتماد نهج سياسي أكثر تحفظًا.
وفي هذا الصدد، نشر تشانغ ديونغ، الباحث في معهد الاستراتيجيات المالية والاقتصادية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، مقالاً أشار فيه إلى إن مثل هذه الآراء تشوه أهداف وجهود سياسة الرخاء المشترك التي تتبعها الصين.
تحقيق الرخاء المشترك هو عملية تدريجية
خلال فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة"، بذلت الدولة جهودا كبيرة لتحقيق الازدهار المشترك لأبناء الشعب؛ ومن المتوقع أن التنمية الشاملة في الصين وسياسة الازدهار المشترك لكافة أبناء الشعب تقدما قويا وأكثر وضوحا بحلول عام 2035. وبحلول منتصف القرن الحالي، ستحقق الصين هدف الازدهار المشترك.
هكذا وضحت "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" أن الازدهار المشترك يعد هدفا تدريجيا طويل الأجل، وليست غاية يمكن تحقيقها في القريب العاجل. ومن الضروري الأخذ بعين الاعتبار طول مدى وصعوبة وتعقيد هذه المهمة. حيث لا تزال مشكلة عدم تكافؤ التنمية الاقتصادية والاجتماعية ونقص التنمية مشاكل بارزة في الصين. ولحل هذه المشكلة، من الضروري تضييق الفجوة بين الأقاليم وبين المدن والأرياف وبين الأغنياء والفقراء، بما يضمن انتفاع جميع الفئات من نتائج التنمية. ومن ثم فإن تحقيق الرخاء المشترك يتطلب نجاحًا واقعيًا وتدريجيًا وطويل الأمد. أما التسرّع في تحقيق هذا الهدف، فقد يؤدي إلى الإضرار بأسسه الاقتصادية والاجتماعية ويؤثر على القوانين الموضوعية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الكفاح المشترك هو سبيل تحقيق الرخاء المشترك
يؤكّد الرخاء المشترك على السماح لفئة ما بالثراء أولا على مبدأ العمل الجاد والثراء القانوني، ومن ثم جرّ ومساعدة البقية على الازدهار. والرخاء المشترك لا يعني الثروة المتساوية، بل الازدهار الجماعي مع وجود فوارق معيّنة. بحيث يتماشى التفاوت المناسب في الدخل مع مبدأ الكفاءة في اقتصاد السوق. بينما لا يضر التفاوت الكبير في الدخل بالعدالة الاجتماعية فحسب، بل يؤثر أيضًا على كفاءة العملية الاقتصادية. لذلك، من الضروري تعديل عملية توزيع الدخل، وحماية الدخل القانوني، وتعديل الدخل المرتفع بشكل عقلاني، وضبط المداخيل غير المعقولة، وضرب المداخيل غير القانونية، وتشجيع الفئات والمؤسسات ذات الدخل المرتفع على إفادة المجتمع أكثر، وتشكيل هرم زيتوني بقاعدة ورأس نحيفين ووسط ضخم.
ما يجب التأكيد عليه هو أن الملكية غير العامة تمثل جزّءا مهما من اقتصاد السوق الاشتراكي. ويساهم الاقتصاد الخاص في الصين بأكثر من 50٪ من عائدات الضرائب الصينية، وأكثر من 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من 70 ٪ من الابتكارات التكنولوجية أكثر من 80٪ من اليد العاملة في المدن، وما يزيد عن 90٪ من عدد الشركات. ويتمتع الاقتصاد الخاص بمكانة ودور لا غنى عنهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين، وهو "قوة جديدة" وهامة لتعزيز الرخاء المشترك.
تأتي الجهود الصينية المبذولة في مناهضة الاحتكار والمنافسة غير العادلة خلال السنوات الأخيرة، في إطار تعزيز عدالة المنافسة داخل السوق. مما يساعد على خلق مساحة تنمية واسعة لمختلف اللاعبين في السوق، وخاصة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، ويؤدي أيضًا إلى تحسين حماية حقوق المستهلك ومصالحه. وهذا لا يعني بأي حال ضرب الاقتصاد غير العام، بما في ذلك القطاع الخاص. على العكس من ذلك، لم تتغير سياسة الصين في تشجيع ودعم وتوجيه الاقتصاد الخاص أثناء سعيها لتحقيق الرخاء المشترك، وسياستها المتمثلة في خلق بيئة جيدة وتوفير المزيد من الفرص لتنمية الاقتصاد غير العام.
الرخاء المشترك يعتمد على سلسلة من الترتيبات المؤسسية الرئيسية الفعالة
بالإضافة إلى إجراءات التعديل مثل الضرائب والضمان الاجتماعي وتحويل المدفوعات، من الضروري أيضًا زيادة تكافؤ الخدمات العامة الأساسية، وإيلاء أهمية أكبر لمعيشة الشعب ومعالجة هموم المواطنين. ويعد "التوزيع الثالث" احدى وسائل تعديل توزيع المداخيل الاجتماعية، وهو نوع من أنواع إعادة التوزيع التطوعي المتمثل في التبرعات التطوعية. ولهذه الغاية، من الضروري زيادة تحسين السياسات التفضيلية الضريبية لتبرعات الرفاهية العامة، وتحسين نظام المكافآت الخيرية، وتشكيل آلية تحفيز لجميع قطاعات المجتمع للمشاركة بنشاط في الرعاية الاجتماعية.
باختصار، إن تحقيق الرخاء المشترك ليس بأي حال من الأحوال "نهب الأغنياء لمساعدة الفقراء"، ولكنه خيار حتمي للصين للشروع في رحلة جديدة من التحديث. وستلتزم الصين بفلسفة التنمية المتمركزة حول المواطن، ليس لتوسيع "الكعكة" فحسب، ولكن أيضًا لتقسيمها بشكل عادل، وتعزيز الرخاء المشترك في إطار تنمية عالية الجودة.