8 يونيو 2021 /صحيفة الشعب اليومية أونلاين/على مدار الثلاثين عاما الماضية تطورت الطرق السريعة في الصين بشكل كبير جدا، حيث أنه مع نهاية سنة 2020 بلغ طولها الإجمالي 160 ألف كيلومتر وصارت شبكة عملاقة لا مثيل لها. إن النظر إلى التطورات والتغييرات والإنجازات على طول الطرقات السريعة هو بلا شك نافذة ممتازة لمراقبة الصين.
من ينظر إلى الطرقات السريعة في الصين، يمكنه أن يعرف مدى عزم وقوة الصين على تحدي الصعاب وتحدي التضاريس الطبيعية الوعرة. منذ الإصلاح والانفتاح وخاصة منذ عام 2012 حقق بناء الطرق السريعة في الصين قفزات كبيرة من التطور، وبحلول نهاية سنة 2020 غطت هذه الطرق ما يقرب من مائة بالمائة من المدن التي يزيد عدد سكانها عن 200 ألف نسمة. إن طريق بكين - شينجيانغ السريع الذي يشق تقريبا نصف الصين ويمتد عبر صحراء جوبي الشاسعة لتقصير مسافة الطريق من بكين إلى أورومتشي بأكثر من 1300 كيلومتر، أما الطريق السريع ياآن- شيتشانغ في مقاطعة سيتشوان فنصفه عبارة عن منحدرات، مما جعل الخنادق الطبيعية تصبحا طرقا سريعة، أما الطريق السريع نينغبوه-تشوشان في مقاطعة تشجيانغ فيتألف من العديد من الجسور الممتدة في البحر وهو شريان الحياة بالنسبة لأرخبيل تشوشان. مع فتح الطرق في الجبال وتشييد الجسور في البحار والأنهار أقامت الصين شبكة طرق سريعة تمتد من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.
من ينظر إلى الطرقات السريعة في الصين يعرف سر التطور الناجح. إن الطرق السريعة الممتدة في جميع الاتجاهات لا تربط الجبال والأنهار فحسب، بل تربط أيضًا فرص التنمية. يعتبر طريق قوانغتشو-شنجن السريع أحد أكثر الطرق السريعة ازدحامًا في الصين، فهو يربط بين أربع مدن هي قوانغتشو ودونغقوان وشنجن وهونغ كونغ بمتوسط حجم حركة مرورية يومية تبلغ 650 ألف سيارة، مما يسرع من اندماج قوانغدونغ وهونغ كونغ، وأيضًا إشعاع وقيادة التخطيط الصناعي والتحول الاقتصادي للمدن على طول الطريق، مما يساعد في ظهور التجمعات الحضرية ذات المستوى العالمي. لقد ارتبطت مناطق المحافظات والبلدات الشاسعة بمسار الطرق السريعة مما سهل دخول المنتجات الصناعية إلى الريف والمنتجات الزراعية إلى المدن، وبذلك وفر دفعة قوية لإعادة إحياء الريف. يشبه الطريق السريع الرابط القوي الذي يربط النقاط البعيدة وينسج شبكة متكاملة في الصين تعمل على تطوير قابلية التشغيل البيني للموارد وتقاسم الفرص وتحقيق المزايا التكميلية، مما يوفر أساسًا للنقل لتعزيز التنمية الإقليمية المنسقة والتداول المحلي السلس.
من ينظر إلى الطرقات السريعة في الصين يتعرف على رؤية التغيير في مفهوم التنمية. منذ عام 2012 أصبح بناء الطرق السريعة في أجزاء كثيرة من الصين يركز على المناطق الثورية القديمة والمناطق التي تسكن فيها الأقليات العرقية والمناطق الحدودية والمناطق الفقيرة، وذلك لا يساعد المنتجات الزراعية على الوصول إلى جميع أنحاء البلاد وبيعها بشكل جيد فحسب، بل يجلب أيضًا المواهب والتكنولوجيا والموارد. وهذا هو أحد أكثر مظاهر مفهوم التنمية المشتركة وضوحا. من إلغاء محطات الرسوم الإقليمية وزيادة خفض التكاليف اللوجستية وتحسين كفاءة تشغيل شبكة الطرق، إلى إعطاء الأولوية لحماية المناطق البيئية المهمة وتجنب المناطق الحساسة بيئيا في مشاريع البناء، ثم استكشاف التحول الرقمي واستخدام واسع النطاق للتقنيات الجديدة مثل البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة أثناء عمليات إنشاء الطرق السريعة في أماكن مختلفة. لا يعكس إنشاء الطرق السريعة على مفهوم التطوير الجديد فحسب بل يستخدم أيضًا امتداد شبكة هذه الطرق لجلب مفهوم التطوير الجديد إلى أماكن ومناطق مختلفة.
من ينظر إلى الطرقات السريعة في الصين يدرك مدى ثقة البلاد في رؤيتها لتنميتها المستقبلية. يلعب تشييد البنية التحتية دورا مهما في تعزيز النمو الاقتصادي وله تأثير قوي غير مباشر مما يمكن من تقليل كلفة الدورة الاقتصادية للبلد ويحسن الكفاءة الكلية للعملية الاقتصادية. وبالتالي فإن توفير البنية التحتية القوية هو مقياس لقدرة البلد على تعبئة الموارد وقدرته على التنظيم والتنفيذ. لقد أظهرت الإنجازات التي تحققت في تشييد البنية التحتية مثل الطرق السريعة والسكك الحديدية فائقة السرعة قدرات الحوكمة القوية للصين ووضعت حجر زاوية مهم للتنمية الاقتصادية فيها. بالتطلع إلى المستقبل، تقترح "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" ومخطط الهدف طويل المدى لعام 2035 "تسريع بناء دولة يكون فيها النقل متطورا للغاية" والتأكيد على "التعزيز الشامل للبنية التحتية التقليدية وإنشاء البنية التحتية الجديدة"، مما سيساعد الصين على تحقيق مستوى عالي من الاعتماد التكنولوجي على الذات وإرساء أساس متين للتنمية عالية الجودة.