أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) مؤخرًا تقرير "حالة المناخ العالمي في عام 2020”، يفيد بأن عام 2020 لا يزال أحد السنوات الثلاث الأكثر دفئاً على الإطلاق، وأن متوسط درجة الحرارة العالمية بنحو 1.2 درجة مئوية أعلى مستوى ما قبل عصر التصنيع. وقد استمر التركيز العالمي لغازات الدفيئة الرئيسية في الارتفاع في عامي 2019 و2020، كما استمر متوسط مستوى سطح البحر العالمي في الارتفاع في عام 2020. ويعد تغير المناخ أحد أخطر التحديات التي تواجه البشرية جمعاء حاليًا. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش مؤخرًا إلى أن " العام الحالي هو عام حاسم، وليس لدينا وقت نضيعه."
إن التأثير الذي أعقب تفشي الوباء الذي يمر به العالم في زمن التغير المناخي كبير. وأشار تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن الطقس المتطرف في عام 2020 وفيروس كوفيد -19 تسببا في ضربة مزدوجة لملايين الأشخاص، حيث فشل الركود الاقتصادي المرتبط بالوباء في احتواء دوافع تغير المناخ والتأثير المتسارع.
والآونة الأخيرة، عقدت المؤتمرات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف بشأن تغير المناخ واحدة تلو الأخرى. وتوصل ممثلو الصين والولايات المتحدة بعد المحادثات التي جرت يومي 15 و16 أبريل، إلى بيان مشترك حول أزمة المناخ في شنغهاي. وفي 16 أبريل، عقد قادة الصين وفرنسا وألمانيا قمة عبر الفيديو لتبادل وجهات النظر حول قضايا مثل التعاون في معالجة تغير المناخ. وفي الفترة من 22 إلى 23 أبريل، حضر قادة حوالي 40 دولة ومنطقة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، قمة القادة للمناخ.
" يدل هذا على أن القوى الكبرى تدرك بشكل عام أن التصدي لتغير المناخ هو قضية مشتركة للبشرية جمعاء، كما تدرك أهمية التعاون الدولي، وهذه علامة إيجابية". أشار لي تشيانغ، عميد كلية العلاقات الدولية بجامعة تيانجين للدراسات الأجنبية في مقابلة مع مراسل صحيفة الشعب اليومية، "في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أنه في ظل التأثير المزدوج للوباء والانكماش الاقتصادي، تميل الدول الفردية إلى النظر إلى قضايا المناخ من خلال نظرة المواجهة، ما يقوض الاجماع الدولي في حوكمة المناخ.
قال بيورن لومبورج، مدير مركز إجماع كوبنهاغن للمناخ في مقابلة مع وسائل الإعلام مؤخرًا، إنه لا تزال هناك ظواهر غير عادلة في حوكمة المناخ العالمية: تضع البلدان الغنية معايير وسياسات عالية الانبعاثات الكربونية لتعزيز استخدام الطاقة الخضراء، بما في ذلك تعريفات الكربون التي تعود عليهم بالمال، والنتيجة هي أن الدول النامية تدفع ثمنه.
وأشار لي تشيانغ إلى أن حوكمة المناخ العالمية لا تزال تواجه ثلاث معضلات رئيسية. " أولا، قامت بعض الدول في فترة انتشار الوباء باحتكار اللقاحات وأعمال أخرى لم تكن مواتية للوحدة، مما قلل من الثقة بين الدول. ثانيًا، تأثير انهماك البلدان في مكافحة الوباء والتعافي منه يخفف استثماراتها في مجال تغير المناخ. ثالثًا، وجود خلافات بين بعض الدول المتقدمة حول أموال المساعدات المناخية المحددة في اتفاقية باريس.
"تحتاج البلدان إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية البشرية من الآثار الكارثية لتغير المناخ." ودعا غوتيريش مؤخرا جميع الدول الى تقديم التزامات محددة. وفي الوقت نفسه، دعا الدول المتقدمة إلى توفير التمويل المناخي للدول النامية، خاصة للوفاء بتعهدها بتزويد البلدان النامية بمبلغ 100 مليار دولار أمريكي سنويًا لمكافحة تغير المناخ.
صرحت كريستالينا جورجيفا المدير العام لصندوق النقد الدولي مؤخرًا، أن اغتنام الفرصة لتوسيع الاستثمار الأخضر، وتعزيز التحول الاقتصادي في الوقت الذي يسعى فيه الاقتصاد العالمي للخروج من الركود مهم للغاية، حيث يمكن للجهود المبذولة للتصدي لتغير المناخ أن تؤدي إلى النمو الاقتصادي والعمالة.
ونشرت صحيفة “وجهة نظر" الفرنسية مؤخرا مقالا جاء فيه إعلان الصين سعيها لتحقيق ذروة الكربون بحلول عام 2030، لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وهي توضح أنها تولي أهمية كبيرة لقضايا تغير المناخ ولديها موقف حازم لتعزيز التخفيضات المتسارعة للانبعاثات. وستلعب الصين دورًا مركزيًا في مجال حوكمة المناخ [ في المستقبل.
أشار لي تشيانغ إلى أنه فيما يتعلق بمسألة حوكمة المناخ العالمية، يجب على المجتمع الدولي الالتزام بالمبادئ المشتركة مع مبدأ الاختلاف، ومبادئ الإنصاف ومبادئ القدرات ذات الصلة، واتباع مسار التعددية بثبات، وتعزيز تنفيذ اتفاقية باريس. وينبغي للبلدان المتقدمة أن تأخذ زمام المبادرة في الوفاء بالتزاماتها التمويلية ومساعدة البلدان النامية على تحسين قدرتها على التكيف والقدرات التكنولوجية للاستجابة لتغير المناخ. كما يجب على جميع البلدان، وخاصة القوى الكبرى، تنفيذ هدف المساهمات المحددة وطنيا في أسرع وقت ممكن، وإظهار المسؤولية.